اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تسوية تاريخيّة أم مصالحة وطنيّة؟

تسوية تاريخيّة أم مصالحة وطنيّة؟

نشر في: 26 ديسمبر, 2016: 06:21 م

adnan.h@almadapaper.net

ليس من الواضح لماذا اختار الذين أعدّوا وثيقة مشروع " التسوية التاريخية" في العراق هذا الاسم بالذات لمشروعهم، فالوثيقة تتضمن نصّاً لمشروع مصالحة وطنية بين قوى سياسية تتشارك في حكم البلاد، لكنها كانت مختلفة منذ البداية قبل ثلاث عشرة سنة، وبسبب مطامعها في السلطة والنفوذ والمال وتدني الوعي السياسي وانعدام الخبرة الإدارية لديها تطوّر خلافها السياسي الى صراع مسلح واحتراب دامٍ ، مباشرةً أو بالواسطة، جرياً تحت يافطات طائفية ( شيعية، سنّية) زيد من مساحاتها يوماً بعد يوم لزوم الكسب الانتخابي.
التسوية التاريخية بين الشيعة والسنة، أو بالأحرى بين الاحزاب والجماعات السياسية الشيعية والسنية، لا يمكن إنجازها الآن وليس مقدّراً تحقيقها حتى بعد نصف قرن، إذ يلزمها توافق فقهي شيعي سنّي يضع التاريخ البعيد جانباً ويتطلّع الى المستقبل، كالتوافق الذي حصل بين المذاهب المسيحية في أوروبا.
في العراق، كما في سائر الدول الاسلامية، لم يكن ثمة خلاف بين عموم الشيعة وعموم السنة. ظل الخلاف فقهياً في الغالب بين رجال الدين، أما الخلاف السياسي فانحصر بين الجماعات السياسية التي بقي تأثيرها على العامة محدوداً. فقط بعد الثورة الايرانية التي رفعت قيادتها شعار تصدير الثورة، زحف الخلاف والصراع الى المجتمع وصارت الصراعات الدامية في إطار هذا الخلاف تستقطب جمهوراً من الطرفين يشحنه خطاب الكراهية وفتاوى التكفير.
إذا كان العزوف عن تسمية المصالحة الوطنية ناجماً عن الفشل الذي لحق بمشاريع المصالحة الكثيرة السابقة، فالأمر لا يتطلب اللعب بالكلمات واعطاء ترجمة مضللة للمصالحة، انما يكون بطرح مشروع جدّي للمصالحة الوطنية ووضع خريطة طريق عملية لتنفيذه.
السبب الحقيقي الكامن وراء فشل مشاريع المصالحة السابقة هو أن الذين طروحوها والذين ناقشوها والذين وقّعوا على المواثيق والعهود لتحقيقها لم يكونوا جميعاً معنيّين بالمصالحة الحقيقية ولا راغبين فيها. كانوا بأجمعهم تقريباً يمارسون لعباً سياسياً ومناورات لكسب الوقت.
مشروع " التسوية التاريخية" المطروح الآن ليس مقدّراً له أن يتحقق حتى لو أُطلقت عليه تسمية المصالحة الوطنية، فالمشروع الجدّي للمصالحة الوطنية يتطلب أول ما يتطلب أن تعدّه أطراف مقتنعة بالمصالحة ومؤمنة بها ومتحمسة لها، والاطراف من هذا النوع لابدّ أن تفكّر أولاً  بطرح مشروعها على النقاش العام لضمان أن يجري التوصل الى صيغة للمشروع تحظى  بالقبول العام، وهذه الصيغة لابدّ ألا تستثني أحداً سلفاً.. الصيغة السليمة تنطوي على مبادئ وأحكام محددة تترك الباب مشرعاً لمن يقبل بها ويلتزم بتطبيقها.
ما يجري الآن على هامش مشروع التسوية الذي يتبناه البعض من قوى التحالف الوطني ( الشيعي) المستأثر بالحصة الاكبر من السلطة هو عرض المشروع على القوى ذات الحصة الأصغر، وهذا لن يفضي الى مصالحة وطنية حقيقية وإنما الى إعادة إنتاج وتدوير صيغة الحكم التحاصصية القائمة وبالتالي اعادة  انتاج وتدوير الخلافات والمشاكل والصراعات الدائرة منذ ثلاث عشرة سنة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. رمزي الحيدر

    التسوية التأريخية أو المصالحة الطائفية ،هي لعبة للتمويه ولفت أنتباه الشعب العراقي عن الدمار الذي سببته أحزاب الاسلام السياسي . لا مستقبل للعراق مع هذه الأحزاب . الأهم من المصالحة إذا كان عندهم قليل من الوطنية ، أن يقدموا برنامجاً تلفزيونيأً يومي يعرضوا عل

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram