adnan.h@almadapaper.net
أقرّ رئيس الوزراء حيدر العبادي في مؤتمره الصحافي الأسبوعي أول من أمس، بارتفاع وتيرة عمليات الاختطاف في الفترة الأخيرة، عازياً ذلك إلى تطبيق قانون العفو العام الذي شرّعه مجلس النواب منذ أربعة أشهر. معنى كلام العبادي أن القانون قد تسبّب في إطلاق إرهابيين ومجرمين محترفين، وهم كما نعلم كثار للغاية، مثلما هم كثار الذين اعتُقلوا وأمضوا آماداً طويلة في المعتقلات والسجون وهم أبرياء كانوا ضحايا الشبهة وشهادة الزور الكيدية وبيروقراطية أجهزة التحقيق.
كلام العبادي بشأن تزايد حالات الاختطاف صحيح، لكنه يمثّل نصف الحقيقة فحسب. النصف الآخر موجود في حقيقة أنّ هنالك قوى خارج الدولة لها نفوذ في الدولة لم تزل تتمتع بكامل الحرية في التصرّف على مزاجها وهواها وأخذ القانون بأيديها، مطمئنة الى أنها في منجىً من أي مساءلة أو عقاب، بل إنّ البعض منها يحظى بالحماية والرعاية والعناية من قوى السلطة نفسها. مقتل نحو عشرة من المسيحيين والإيزيديين باعة الخمور في بغداد قبل أيام قلائل من حادثة اختطاف الصحفية الزميلة أفراح شوقي دليل ... الاعتداء على مديرة مدرسة في محافظة ذي قار بين الحادثتين دليل ... تدخّل النائب محمود الحسن في قضية طالب غشّاش في كلية عسكرية دليل ... استحواذ قوى السلطة وقياداتها على ممتلكات وعقارات حكومية وخاصة ( لليهود والمسيحيين والصابئة والسُّنة) دليل آخر وليس أخيراً.
لكن كيف حصل أن يعفو مجلس النواب المتشكّل بأغلبيته من أحزاب الإسلام السياسي الحاكمة عن الإرهابيين والمجرمين المحترفين ليعودوا الى سابق " مهنتهم" فيقتلون ويختطفون بكل اطمئنان وراحة بال؟
ما حصل هو أنّ أغلبية المعتقلين والملاحقين بتهم الإرهاب محسوبون على القوى والاحزاب السنّية أو هي تحسبهم عليها، فيما أغلبية المعتقلين والملاحقين بتهم الفساد الإداري والمالي محسوبون على الاحزاب والقوى الشيعية أو هي تحسبهم عليها (أكثر ما شملها قانون العفو من جرائم هي جرائم الإرهاب وجرائم الفساد الإداري والمالي) . رعاة الإرهاب في الدولة تواطأوا وتوافقوا في ما بينهم على صفقة فاسدة أنتجت قانون العفو. رعاة الإرهاب أرادوا إطلاق سراح إرهابييهم ورعاة الفساد الإداري والمالي سعوا لإطلاق سراح فاسديهم، على طريقة " شيّلني وأشيّلك"، فكان أن شيّل رعاة الإرهاب رعاة الفساد فردّ رعاة الإرهاب الجميل لرعاة الفساد بأن شيّلوهم أيضاً.
السيد العبادي استغلّ حادثة اختطاف الزميلة أفراح شوقي ليدعو إلى إعادة النظر في قانون العفو، وهي دعوة صحيحة وسليمة ومستحقّة حتى قبل تشريع القانون، لكن الصحيح والسليم أيضاً أن يطول التعديل المطلوب جرائم الفساد الإداري والمالي .. رئيس الوزراء نفسه، كما كثيرون غيره، أكد غير مرّة أنّ الإرهاب والفساد وجهان لعملة واحدة. تعديل قانون العفو لا يستقيم بتعديل موادّه المتعلّقة بالإرهابيين والمجرمين المحترفين وحدها .. إنه يكتمل بتعديل المواد المتعلقة بالفاسدين والمفسدين أيضاً، فالفساد منبع رئيس للإرهاب والجريمة بكلّ أنواعها.
جميع التعليقات 1
خالد
يا عزيزي: العبادي يعرف قبل غيره أن جمهورية الموز التي يرأس وزراءها لا يمكن اصلاحها بغير التخلص من سطوة الاسلام السياسي الذي أتى به الى السلطة وشرع الفساد وقوانينه. والا, بالله عليك يا استاذ, هل تصدق أن طاقم السياسيين, الذي هو منه, يعملون لصالح المواطنين أ