TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عام الصِدق الرياضي

عام الصِدق الرياضي

نشر في: 1 يناير, 2017: 04:54 م

"الصِدق عز والباطل ذل" هكذا جاءا في مثلٍ عربي خبرنا منه تماهيهما في الحياة ولم تُفاجئنا النتائج وإن جاءت صادمة احياناً لكون ديدن فعل الثاني مرتهن بسلوك صاحبه الذي نشأ في بيئة معدمة الضمير اعتاشت على تصريف شؤونها باساليب شيطانية فصارت اللقمة الحلال بعيدة المنال ومن الصعب استمرار إئتمانه وتجديد الثقة بــه.
واقع كهذا لا يرتبط بجيل أو نظام مهما تغيّر زمنهما ، كون السلوك ردة فعل انسانية تتأثر بالتعايش اليومي وتنفلق بنواتها الجينية المكتسبة منذ الولادة خيراً أم شرّاً ، لكن ما يثير الدهشة : لماذا يُهين الانسان نفسه بكذبٍ مفضوح ووعدٍ خاوٍ من عهد الرجولة ويُكابر عند المكاشفة عن ضعفه في الموقع ويراوغ كلما دنا استحقاق حسابه؟!
ذلك ما يؤسر مخيلتنا ويوغز قلوبنا ونحن نتطلع لعام رياضي جديد يكون جزءاً متجدداً من حياة العراق اليومية التي نتمنى أن تغادر مشاهد الألم وتسهم في صناعة الأمل، فالرياضة أصبحت احدى المصحّات النفسية التي ترتادها شرائح واسعة من مجتمعنا لاسيما ممن عانوا الأمرّين لسنين طوال يحدوهم التفاؤل لركل اليأس المُزمن وملاواة الأنداد والقفز فوق موانع مُصطنعة من الآخرين لإيقاف مسيرة الوطن.
نريده عاماً ليس كبقية الأعوام المرتحلة بأقدارها وهمومها وخيباتها ، فلم تكن رياضتنا بخير مثلما يروّج المنتفعون ، لم تزل ترزح تحت سطوة بعض الكذّابين ممن استطاب لهم العيش في كنفها برغم فشلهم المستمر بتأكيد احقّيتهم في الاستحواذ على المناصب وسوء نواياهم أزاء حملات الإصلاح وتصديهم الماكر لها بذرائع مفرّغة من مصلحة الرياضة.
عن أيّ مفصل نتحدّث ، لا يوجد مَن يستمع للنصيحة أو يأخذ بمشورة الكبار ، بل العكس ، خذوا مثالاً وليس حصراً ، عندما يتناول خبير رياضي بعقلية وحنكة الدكتور باسل عبدالمهدي في مقال موسّع بواطن خلل العمل الرياضي في العراق كمنهج وسلوك ويقرّ بأن (التلاعب في مصير الرياضة العراقية أصبح بلا حدود مثلما التزوير وشراء الذمم وحتى المصالح اصبحت بلا حدود) لن تجد مَن يتحرّك ليرد ويدحض كلامه ، وعندما ينفي عبد المهدي وجود تهديد من اللجنة الأولمبية الدولية لتجميد الأولمبية الوطنية، موضحاً مغزى تلك الفزّاعة ( أن هؤلاء فصَّلوا اللوائح على مزاجهم ولا يخافون من أي تهديد خارجي، وحتى لو حصل التجميد لمدة سنة واحدة فهو أقل ضرراً على رياضتنا من عودة رؤساء الاتحادات ذاتهم لحكم مفاصل الرياضة في العراق لمدة أربع سنوات جديدة) تراهم يصمتون أيضاً لأنهم لا يستجرئون النطق بحرف واحد وهو دليل على صدق كلام الخبير وغيره ممن كتبوا ومازالوا أملاً باستعادة ميثاق الرياضة المختطف.
تمر السنون ولا تغيير إيجابي في احوال الرياضيين ، مساكين ، هُم مطالبون بالتضحية بالنفس والدماء ومصالح أسرهم في المشاركات المحلية والدولية من دون عائِد مادي يوازي هذا العطاء الوطني الكبير، والبعض ممن يتولى مسؤوليتهم يُضحّون أيضاً ولكن بهدر الأموال والتفاخر بميداليات إقليمية تُبهرهم قرقعتها بينما الحقيقة انهم يخادعون انفسهم لأنهم غير قادرين على التنافس أبعد من ذلك، فمصارحة الإعلام بغزل فضفاض انه شريك أصيل في الانجاز والتخطيط وغيرها من مشاريع تبنّي الموهوبين ورسم طريق رعايتهم كل ذلك ينتهي مع فضّ أي اجتماع شكلي أو مؤتمر صحفي يُضفي الشرعية على وجهات إنفاق المال العام ، ولا يخجلون ، بل يدعون الشطارة ويتهربّون من الكشف عن حساباتهم الختامية إلا بعد مرور عام أو عامين أو دورة انتخابية !
هل هناك أمل واضح لرياضة عراقية جديدة لا يحجز الفاسدون كراسيهم مسبقاً ؟! هل نتوسم في الدور الحكومي تفاعلاً محسوساً وملموساً من خلال مستشاري رئيس الوزراء لشؤون الوطن والرياضة جزء مهم فيه ليكون قريباً من القضايا المصيرية ونحسم ملفات الفساد في العقود وننهض بالبُنى التحتية الخائرة ونخصص الميزانية الكافية للمجتهد والمتكاسل ونمنح الصلاحية غير المشروطة للخبراء لإنقاذ الرياضة من حقل الجهل الذي ترعرعت فيه أفكار بليدة لثلة من الطارئين تسلّقوا السياج بتواطؤ من أهلها بغياب قانون الرياضة ولوائحها حتى الآن ؟
آخر أمانينا لعام 2017 ، نُريد مشروعاً انسانياً يُنقذ الرياضيين والإعلاميين الرواد أمثال احمد صبحي وعلي كاظم واحمد القصاب وصكبان الربيعي وغيرهم في قافلة الرواد من الموت البطيء ونحفظ كرامتهم باموال الدولة وليس بنخوة ميسوري الحال من مواطنين وغرباء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram