TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > صلعان التسوية

صلعان التسوية

نشر في: 2 يناير, 2017: 09:01 م

اصحاب التسوية التاريخية  بإعلانهم  تشكيل اللجان،  اتفقوا على ادخال مشروعهم في سبات طويل ، ربما سيتجاوز السنة الجديدة ، وليس من المستبعد في الحالة العراقية الى ان يصل السبات الى عام اجراء الانتخابات التشريعية ، في ذلك الوقت ستكون جميع الأطراف مضطرة  للتوقيع على الصيغة النهائية لوثيقة التسوية ، لضمان خوض العملية الانتخابية بأجواء سياسية مستقرة  ثم الدخول بعد اعلان النتائج في ماراثون تشكيل الحكومة باعتماد مبدأ توزيع المناصب  بموجب الاستحقاق الانتخابي.
خلال السقف الزمني لإنجاز عمل اللجان ، ستتوجه وفود الى عواصم اقليمية  ،  فساسة العراق اعتادوا على  حسم خلافاتهم تحت مظلة خارجية  مع مباركة  بتقاسم السلطة على وفق قاعدة لاغالب ولا مغلوب .مصير التسوية لا يحتاج الى الاستعانة بخبرة واستشراف "نوفة الشوافة"  الشهيرة في حيها الشعبي بقدرتها على كشف الغيب وقراءة المستقبل ، وفي آخر قراءة للمستقبل  توقعت ان يكون منصب رئيس الحكومة المقبلة لصالح شخص اصلع من دون الادلاء بالمزيد من التفاصيل.
طريقة نوفة في كشف الغيب تعتمد على الحصى الابيض ، تحفظه بكيس من القماش مربوط بخيط قطني طويل معلق برقبتها ،  تطشه أمام  الباحث او الباحثة عن المجهول ، ثم تتأمل الحصى لدقائق ، وفي كل الأحوال تحرص على ان تكون ملامح وجهها جامدة لا تعكس اية اشارة  سلبية كانت ام ايجابية ، فتمر الدقائق على الزبون او الزبونة ثقيلة كأنهما ينتظران قرار قاضي او موقف الأمم المتحدة من التسوية التاريخية .
زبائن الشوافة من الرجال والنساء بمختلف الأعمار، يقصدها الباحثون عن فرص العمل كذلك العوانس والشابات  عسى ان يحالفهن الحظ في العثور على ابن الحلال  صاحب الوظيفة الحكومية. في بعض الأحيان تنطلق "الهلاهل" لكي يسمع الرجال في الخارج ان  المتقدم للزواج من ابنتهم  سينقلها من "سبع البور" الى الجادرية ، وستنجب له الذكور ، وسينقل الزوج عائلة عقيلته الى مجمع  بسماية السكني  للسكن في دار حصل عليها تقديرا لخدمته الجهادية ، وهذا ماورد في "حصو نوفة " ، ويتطلع العراقيون الى ان تنطلق  الهلاهل  تزامنا مع اعلان  انجاز عمل لجان التسوية.
المعروف عن  "نوفة" انها  تنقل ما يقوله الحصى ، بصدق وامانة ، ترفض الاغراءات لتغيير القناعات ، عندما تطلب منها  الأم ان  تشوّه  مواصفات خطيب ابنتها ، لكي تتزوج ابن خالها ، تحتكم الى قول "الحصو" حفاظا على سمعتها ، وفي بعض الأحيان تطرد الزبونة لتدخلها في عمل تجهله ، بهدف تشويه الحقائق ، بأكاذيب رخيصة لتحقيق مكاسب شخصية ، كما تفعل بعض  القوى السياسية التي تحاول تسخير كل شيء  لصالحها بالأكاذيب والتضليل ، وتعلن  للرأي العام  انها تسعى لإقامة دولة  المواطنة.
الأداء السياسي طيلة السنوات الماضية في العراق لم يتفوق على نبوءات الفلكيين وفتاحي الفال  وخبراء التنجيم ، فهم في كل موسم يختارون قضية تشغلهم  ، يعقدون الاجتماعات ، يتصلون بمنظمات دولية   لبلورة  اتفاق على تقاسم السلطة  في المرحلة المقبلة ، وربما تتحقق  نبوءة نوفه  الشوافة حين  توصلت  الى تحديد  شكل  رئيس الحكومة المقبل صاحب الصلعة البهية .          

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram