اصحاب التسوية التاريخية بإعلانهم تشكيل اللجان، اتفقوا على ادخال مشروعهم في سبات طويل ، ربما سيتجاوز السنة الجديدة ، وليس من المستبعد في الحالة العراقية الى ان يصل السبات الى عام اجراء الانتخابات التشريعية ، في ذلك الوقت ستكون جميع الأطراف مضطرة للتوقيع على الصيغة النهائية لوثيقة التسوية ، لضمان خوض العملية الانتخابية بأجواء سياسية مستقرة ثم الدخول بعد اعلان النتائج في ماراثون تشكيل الحكومة باعتماد مبدأ توزيع المناصب بموجب الاستحقاق الانتخابي.
خلال السقف الزمني لإنجاز عمل اللجان ، ستتوجه وفود الى عواصم اقليمية ، فساسة العراق اعتادوا على حسم خلافاتهم تحت مظلة خارجية مع مباركة بتقاسم السلطة على وفق قاعدة لاغالب ولا مغلوب .مصير التسوية لا يحتاج الى الاستعانة بخبرة واستشراف "نوفة الشوافة" الشهيرة في حيها الشعبي بقدرتها على كشف الغيب وقراءة المستقبل ، وفي آخر قراءة للمستقبل توقعت ان يكون منصب رئيس الحكومة المقبلة لصالح شخص اصلع من دون الادلاء بالمزيد من التفاصيل.
طريقة نوفة في كشف الغيب تعتمد على الحصى الابيض ، تحفظه بكيس من القماش مربوط بخيط قطني طويل معلق برقبتها ، تطشه أمام الباحث او الباحثة عن المجهول ، ثم تتأمل الحصى لدقائق ، وفي كل الأحوال تحرص على ان تكون ملامح وجهها جامدة لا تعكس اية اشارة سلبية كانت ام ايجابية ، فتمر الدقائق على الزبون او الزبونة ثقيلة كأنهما ينتظران قرار قاضي او موقف الأمم المتحدة من التسوية التاريخية .
زبائن الشوافة من الرجال والنساء بمختلف الأعمار، يقصدها الباحثون عن فرص العمل كذلك العوانس والشابات عسى ان يحالفهن الحظ في العثور على ابن الحلال صاحب الوظيفة الحكومية. في بعض الأحيان تنطلق "الهلاهل" لكي يسمع الرجال في الخارج ان المتقدم للزواج من ابنتهم سينقلها من "سبع البور" الى الجادرية ، وستنجب له الذكور ، وسينقل الزوج عائلة عقيلته الى مجمع بسماية السكني للسكن في دار حصل عليها تقديرا لخدمته الجهادية ، وهذا ماورد في "حصو نوفة " ، ويتطلع العراقيون الى ان تنطلق الهلاهل تزامنا مع اعلان انجاز عمل لجان التسوية.
المعروف عن "نوفة" انها تنقل ما يقوله الحصى ، بصدق وامانة ، ترفض الاغراءات لتغيير القناعات ، عندما تطلب منها الأم ان تشوّه مواصفات خطيب ابنتها ، لكي تتزوج ابن خالها ، تحتكم الى قول "الحصو" حفاظا على سمعتها ، وفي بعض الأحيان تطرد الزبونة لتدخلها في عمل تجهله ، بهدف تشويه الحقائق ، بأكاذيب رخيصة لتحقيق مكاسب شخصية ، كما تفعل بعض القوى السياسية التي تحاول تسخير كل شيء لصالحها بالأكاذيب والتضليل ، وتعلن للرأي العام انها تسعى لإقامة دولة المواطنة.
الأداء السياسي طيلة السنوات الماضية في العراق لم يتفوق على نبوءات الفلكيين وفتاحي الفال وخبراء التنجيم ، فهم في كل موسم يختارون قضية تشغلهم ، يعقدون الاجتماعات ، يتصلون بمنظمات دولية لبلورة اتفاق على تقاسم السلطة في المرحلة المقبلة ، وربما تتحقق نبوءة نوفه الشوافة حين توصلت الى تحديد شكل رئيس الحكومة المقبل صاحب الصلعة البهية .
صلعان التسوية
[post-views]
نشر في: 2 يناير, 2017: 09:01 م