TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > رسالة السيستاني القويّة إلى " أولاده"

رسالة السيستاني القويّة إلى " أولاده"

نشر في: 2 يناير, 2017: 07:01 م

adnan.h@almadapaper.net

بكلّ المقاييس، الرسالة التي ردّت بها المرجعيّة الشيعيّة العليا على مسعى التحالف الوطني (الشيعي) لمباركة مشروعه لـ " التسوية التاريخية" بليغة وقوية برغم أنها لم تتضمن حرفاً واحداً مكتوباً، فهل سيقرؤها المعنيّون بها كما ينبغي للقراءة الصحيحة أن تكون ؟
رئيس الائتلاف الوطني عمار الحكيم حمل إلى النجف مشروعه، بعدما طاف به على بعض القوى الداخلية والإقليمية ( الأردن وإيران) ، بأمل أن يجري تعميد المشروع في دار المرجعية العليا، بيد أنّ هذه ردّت بالتذكير بأنها لم تزل عند موقفها الملتزم عدم استقبال السياسيين لأيّ غرض، فلم تفتح الباب لموفد التحالف الوطني الذي رغب وبعض شركائه في الحصول على إجازة شرعيّة للمشروع المختلف عليه وطنياً، بل حتى داخل " البيت الشيعي" نفسه.
موقف السيد علي السيستاني بالمقاطعة له تاريخ يرجع الى ما قبل ست سنوات في الأقل، فالمرجع الأعلى شعر بالخذلان حيال نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في العام 2010 وأسفرت عن تولية نوري المالكي رئاسة الحكومة للمرة الثانية على التوالي. السيستاني لم يكن راضياً عن أداء حكومة المالكي الأولى، أو بالأحرى أنه كان ممتعضاً من أداء الطبقة السياسية برمّتها، وبخاصة الشيعية منها التي تمتّعت على الدوام بالأغلبية في مجلس النواب وفي الحكومة. منذ ذلك الوقت أوصل السيستاني مباشرة عبر ممثّليه رسائل كثيرة تحذّر الطبقة السياسية الشيعية من مخاطر الاستمرار في انغماسها في الفساد الإداري والمالي وإهمال حاجات الشعب، وفي ممارسة الإقصاء والتهميش حيال القوى الأخرى، وفشل حكومتها المتعاقبة في الملف الأمني على نحو خاص فضلاً عن الملف الخدمي والملف الاقتصادي برغم تدفق مئات مليارات الدولارات سنوياً من عوائد النفط.
الطبقة السياسية الشيعية المتنفذة التي ظلت تقدّم نفسها للناس على أنها ابنة المرجعية الحاظية بمباركتها،  لم تصغ لما كان يصلها من السيد السيستاني ولما كان يقوله ممثلوه بأعلى الأصوات في خطبهم الأُسبوعية، حتى وقعت واقعة الاجتياح الداعشي في حزيران  2014 التي كانت في الواقع إعلاناً صارخاً بالفشل الذريع لهذه الطبقة وعدم صلاحيتها لإدارة الدولة، بيد إن هذه الطبقة واصلت عنادها،  بل إنها ازدادت فساداً ما أدى الى أن تنفجر في وجهها أكبر حركة احتجاجيّة في تاريخ العراق، حظيت في الحال بتأييد صريح من المرجعية العليا، ما أعطاها زخماً جعلها تتواصل حتى اليوم.
واليوم فإنّ ما يتبدّى لمعظم العراقيين، وفي مقدمهم المرجعية الشيعية العليا، أن الطبقة السياسية الحاكمة، بما فيها الشيعية، أصبحت منتهية الصلاحية ( هي لم تكن صالحة في الأساس) ، وليس من علاج غير انتهاء دور الفاشلين جميعاً والبحث عن وجوه جديدة غير ملوّثة يمكنها أن تنهض بما عجز عنه الزعماء الحاليّون بسبب فسادهم وانخراطهم في صراعاتهم من أجل السلطة والنفوذ . هذا ما تتطلع إليه المرجعية الآن كما معظم العراقيين، وهذا هو في الواقع مضمون الرسالة التي حملها ردّ المرجعية العليا على طلب السيد الحكيم  مقابلة المرجع الأعلى وعرض مشروع " التسوية التاريخية" عليه لمباركته.
سيرتكب التحالف الوطني وزعماؤه  خطأً كبيراً آخر إن لم يقرأوا الرسالة على هذا النحو ... والخيار لهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. عامر

    الموضوع ليس قراءة الرسالة فالرسالة الصاعقة طرحت رأس الحكيم وعمائم ورؤوس من ساروا معه في طريق الخيانة وتوقيت الرسالة كان الأهم ويشبه توقيت دعوة الجهاد الكفائي التي أنقذت بغداد في الوقت الضائع وأنقذت العراق أيضا. بعد أن تصور الحكيم بحصوله على رئاسة التحالف

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram