الولايات المتحدة الأميركية المتحدة سيدة العالم وراعية الأنظمة الديمقراطية ، بحسب تعبير حلفائها المخلصين ، كانت اول من استخدم مصطلح "الدول المارقة" . خارج الوصف الأميركي، هناك دول في المنطقة العربية اصبحت مصدر قلق لتهديدها السلم العالمي بسعيها الى امتلاك الأسلحة النووية ، فضلا عن احتفاظها بسجل ضخم يؤكد انتهاكها حقوق الانسان ، تنظر الى حرية التعبير بوصفها جريمة جنائية . هذا الصنف من الدول مصاب بأمراض مزمنة لا أمل في شفائها الا بتغيير انظمتها بانقلاب عسكري او بغزو خارجي.
قبل الغزو الأميركي، صُنف العراق ضمن الدول المارقة ، وبعد الإطاحة بالنظام السابق ، عرف العراقيون التجربة الديمقراطية ،كانوا يتطلعون الى مستقبل افضل ، وعلى قاعدة "التمنيات رأسمال المفلسين" ، احتلت الساحة السياسية احزاب وتنظيمات ، انشغلت بالحفاظ على مشاركتها في السلطة حتى وصل الصراع السياسي الى استخدام السلاح في بعض الأحيان لإثبات الحضور في الساحة، تعددت الفصائل المسلحة فظهر السلاح المنفلت واصبح علامة عراقية فارقة.
المعنيون بدراسة تداعيات النزاعات المسلحة على الأوساط الاجتماعية ، توصلوا الى حقيقة تفيد بأن اضطراب الأوضاع الأمنية في مناطق الصراع يؤثر في سلوك الأفراد، فمنهم من يصاب بأمراض نفسية وعقلية ، مع تسجيل حالات انتحار وحوادث خطف مع تنامي نشاط عصابات الجريمة المنظمة. الأجهزة الأمنية حين تكون عاجزة عن حماية المدنيين وممتلكاتهم فمعنى ذلك ان الحكومة استنسخت شخصية "ابو طبر".
لطالما اعرب العراقي، سواء من الجيل السابق او الحالي عن قلقه من الانقراض، فهو حين يستعرض سنوات عمره يوزعها بين فصول متعددة تجسد بمجملها معاناة مريرة ، حتى اصبح على قناعة تامة بأنه منقرض عاجلاً ام آجلاً مع ضياع فرصة الأمل جراء انتشار السلاح المنفلت ، في وقت اعلنت فيه الحكومة حرصها على ملاحقة المارقين الخارجين على القانون ، وزفت الأجهزة الأمنية بشرى سارة برفع نقاط التفتيش مع تخصيص ارقام هواتف للإخبار عن التحركات المريبة، لعلها تساعد المسؤولين عن ادارة الملف الأمني في القبض على ابو طبر بنسخته الجديدة .
ماذا بعد؟ سؤال يحمل علامة استفهام بحجم الفيل ترتسم في مخيلة كل عراقي ، تنتابه المخاوف والقلق على مصير بلاده ، واحتمال انحداره الى منزلق خطير ، السؤال تراه الحكومة مصدراً لإثارة الغبار ، تتجاهله القوى السياسية لاعتقادها بأن الإجابة على مثل هذا " السؤال الإشكالوي" قد يعيد العراق الى الدول المارقة طبقا للتصنيف الاميركي.
ماذا بعد ؟ سؤال بحاجة الى جواب ممن يزعم ان وطنيته ألغت مذهبيته وطائفيته ، وجعلته في موقع المسؤولية للدفاع عن مصلحة شعبه . فمتى يشعر القادة السياسيون والمسؤولون بمخاطر المرحلة، وما تفرزه الأحداث الإقليمية من تداعيات على الساحة المحلية.
عودة "ابو طبر" بنسخته الجديدة تعكس صورة حقيقية عن وجود خلل في ادارة الملف الأمني فأصبح هو الآخر بحجم الفيل يضاف الى سؤال : وماذا بعد؟؟
استنساخ "أبو طبر"
[post-views]
نشر في: 6 يناير, 2017: 09:01 م