ali.H@almadapaper.net
في أزمنة الخراب ، والعبث بمصائر البلدان ، والاتّجار بالشعارات الطائفية ، وسيّارات الموت التي تتجول بكلّ رشاقة ، ووسط يوميّات القتل والمذابح التي يتعرّض لها الفقراء ، ممن لم يحظوا بمنطقة خضراء تحميهم ، أيقنتُ جيداً أنّ الخلاف على تفسير بنود التسوية التاريخية يمكن أن يؤدي إلى تفجير البلد ، وأنّ تطبيق برنامج حزب الفضيلة للتخلص من الطلبة " المخانيث " ، أهم من البحث عن سرّاق ثروات العراق ، وأعتذر للقرّاء الأعزّاء ، عن كلمة " المخانيث " ، ولكن ماذا أفعل ، وهي جاءت على لسان خطيب ديني ، يفترض فيه أن يكلّم الناس بأحسن وأصدق وأنقى العبارات ، ففي خطبة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي يشتم الشيخ محمد الفضلي أحد خطباء حزب الفضيلة ، عشرات الآلاف من طلبة الجامعات العراقيّة ، لا لشيء إلّا لأنهم لايلتزمون بتعاليم " فضيلته " ، فهم لم يُهرّبوا نفط البصرة لسنوات، ولأنهم لم يستولوا على ممتلكات الدولة .
هل تريدون عبثاً أكثر من هذا؟ هاكم ما قاله النائب " المجاهد " عباس البياتي " الذي ذرف الدموع من على شاشات الفضائيّات ،لأنه لايزال يسكن " بالإيجار " ولايملك من حطام الدنيا سوى راتبه " الصغير " وحتى البيت الذي يؤوي به عائلته، فهو ملك الدوله خصص له ، لأنه موظف ، لا أعرف بالضبط ما هي وظيفة عباس البياتي ، آخر مهنة مارسها هي الإشراف على معمل استنساخ قادة للعراق الجديد. البياتي الذي يجلس على كرسيّ البرلمان منذ عام 2005 ، وحتى هذه الساعة ، يعاني " المسكين " من ضائقة مالية ، لايستطيع تسديد مبلغ قطعة أرض تورّط واشتراها بالتقسيط ! هل المطلوب منّا كعراقيين أن نُصدّق كلام عباس البياتي ، مثل ما علينا أيضا ان نصدّق كلام الشيخ الفضلي حول الخراب الذي عمّ العراق بسبب الاختلاط في الجامعات ، يجيبنا عباس البياتي بكلّ أريحية ، لايهمّ أن تصدّق الناس أو لاتصدّق:" المهم أن زوجتي وولدي يصدقّان ما أقول " ، فيما يجيبنا الخطيب بأن الفساد والفسق معناه أن ترتدي الفتاة بنطلونا ، ، ولا يذهب بكم الخيال بعيدا ، وتعتقدون ان الشيخ يقصد ، المحرّضين على إثارة الفتن الطائفية ، وأصحاب الكواتم ، وسرّاق المال العام.
هل سيعرف العراق فترات استراحة آمنة، ربما ، لكن بعد ان يحصل عباس البياتي على بيت " ملك " ، وبعد أن يطبّق الشيخ محمد الفضلي نظريته في حكم البلاد والعباد ، أمّا دوّامة الموت والقتل التي تحولت إلى تجارة لها أسماء وعناوين كثيرة ، فلن تتوقف ما دام هناك خطباء جوامع وحسينيات يعتقدون أنّ سفور المرأة ، اشد ضرراً وجرماً من تفجيرات أسواق جميلة.