TOP

جريدة المدى > عربي و دولي > حدادٌ لثلاثة أيام... إيران تبكي ..هاشمي رفسنجاني

حدادٌ لثلاثة أيام... إيران تبكي ..هاشمي رفسنجاني

نشر في: 10 يناير, 2017: 12:01 ص

 مراقبون: وفاته ضربة قاسية للمعتدلين والإصلاحيين
 
شهدت ايران ابتداء من يوم أمس مراسم حداد لثلاثة ايام اثر وفاة الرئيس السابق اكبر هاشمي رفسنجاني احد أعمدة الجمهورية الإسلامية والذي يوصف بـ"شيخ الاعتدال"، على أن يشيع اليوم الثلاثاء في طهران.و

 مراقبون: وفاته ضربة قاسية للمعتدلين والإصلاحيين

 

شهدت ايران ابتداء من يوم أمس مراسم حداد لثلاثة ايام اثر وفاة الرئيس السابق اكبر هاشمي رفسنجاني احد أعمدة الجمهورية الإسلامية والذي يوصف بـ"شيخ الاعتدال"، على أن يشيع اليوم الثلاثاء في طهران.وسيؤم المرشد الاعلى آية الله علي خامنئي الذي وصف رفسنجاني بانه "رفيق نضال" صلاة الجنازة في جامعة طهران قبل ان يوارى جثمانه الثـرى في جنوب العاصمة قرب ضريح الإمام الخميني مؤسس الثورة الاسلامية في 1979 الذي كان مقربا منه.ومنذ وفاته اول من امس الاحد عن 82 عاما اثر ازمة قلبية تتوافد اكثـر الشخصيات المؤثرة في النظام لالقاء نظرة اخيرة على جثمانه بدءا بالرئيس حسن روحاني المعتدل المنتخب في 2013 بفضل دعم اية الله رفسنجاني.
وقال روحاني: "لقد فقد الاسلام كنزا ثمينا، وفقدت ايران قائدا كبيرا، وفقدت الثورة الاسلامية حامل الراية الباسل، وفقد النظام حكيما قل مثيله".
وخلال ايام الحداد، تم تعليق كل الاحتفالات وبرامج الترفيه في التلفزيون الوطني ورفعت الرايات السود في جادات طهران الرئيسية.
ومع اقرار المرشد الأعلى بوجود خلافات مع رفسنجاني الا انه اكد انها لم تفسد للود قضية ولم تؤثر على الصداقة التي استمرت بينهما طيلة ستين عاما. وقال التلفزيون الرسمي "ايريب" انهما كانا صديقين مقربين.
واعرب ياسر ،النجل الأصغر لرفسنجاني، عن شعوره بالامتنان وشكره للايرانيين الذين عبروا عن "اخلاصهم" لوالده. وقال "رايت مشاهد لا توصف. لطف الناس وصلواتهم مواساة لقلوبنا".
وكرست معظم الصحف يوم امس الاثنين صفحاتها الاولى لرفسنجاني الذي تراس ايران من 1989 الى 1997 عبر نشر صور كبيرة له على خلفية سوداء.
وقالت وكالة "ايسنا" للانباء ان وفاته المفاجئة تشكل "خسارة كبيرة للمعتدلين. لكن روحاني يمكنه ان يستفيد من المشاعر التي اثارتها وفاة شيخ الاعتدال وان يقوم بدوره. لا ينبغي نسيان ان ايران من دون التيار المعتدل ستكون مقلقة اكثر من ايران من دون رفسنجاني".
وفي بلد يهيمن فيه المحافظون على معظم المؤسسات الحكومية وحيث يعين المرشد الأعلى قسما من كبار المسؤولين، كان قرب رفسنجاني من التيار المعتدل والاصلاحي ميزة كبيرة بالنسبة للشيخ المتوفى.
ويتعيّن على آية الله خامنئي ان يعين بسرعة خليفة رفسنجاني على رأس مجلس تشخيص مصلحة النظام الذي كان يرأسه حتى وفاته، والمكلف بتقديم المشورة للمرشد الاعلى بشكل خاص.
وسيكون خياره حاسما بالنسبة للتوازن الجديد داخل النظام.
خلال السنوات الماضية تقارب رفسنجاني ،الذي كان يعتبر محافظا معتدلا، مع الاصلاحيين عبر معارضته علنا للمحافظ المتشدد محمود احمدي نجاد الذي ترأس ايران من 2005 الى 2013.
وفي 2013، وبعد رفضه الترشح لتقدمه في العمر، دعا الناخبين الى التصويت لصالح حسن روحاني مثلما فعل الرئيس السابق الاصلاحي محمد خاتمي.
وكان لهذين الرجلين تاثير حاسم في فوز روحاني الذي فقد الآن تاييد رفسنجاني في حملته لانتخابات ايار. اما خاتمي فلا يزال تحت المراقبة ويمنع على وسائل الاعلام نشر تصريحاته او صوره.

حياة حافلة بالمعارضة
في العام 1934 كانت أولى صرخات ابن قرية بهرمان في منطقة رفسنجان، كانت عينا أمه (ماه بي بي صفريان) تتفحص وجه الطفل الجديد بينما كان والده الحاج ميرزا علي هاشمي بهرماني ينشد له احتفالاً قصائد من شعر مولوي وسعدي. هو الابن السادس من أسرة تضم تسعة أبناء، تعيش مستوى حياتياً جيداً وتملك أراضي شاسعة، لهذا العامل دور كبير لاحقاً في حياة هاشمي الشاب من الثورة وحتى دخوله معترك الحكم.
كانت سنوات الدراسة من القرية وصولاً إلى الحوزة العلمية في قم منطلقاً مهماً في تكوين شخصية رفسنجاني السياسية والثورية. في قم تبلور المشهد الثوري أمامه، هناك شهد ارتدادات الإنقلاب الأميركي البريطاني الذي أطاح برئيس الوزراء المنتخب د.محمد مصدق في آب 1953، تعلق بشخصية رجل الدين الثائر الشاب نوّاب صفوي، ولاحقاً كانت نقطة التحول في حياته بتعرفه على رجل الدين المغمور حينذاك روح الله الموسوي الخميني الذي كان يقطن في البيت المقابل لمنزل آل مرعشي الذي كان يسكن فيه والذي سيتزوج منه لاحقاً.
تطورت علاقة رفسنجاني ببيت آية الله الخميني الذي كان دوره يتعاظم شيئاً فشيئاً إلى أن ظهرت النُذر الأولى للثورة بالتزامن مع إعلان شاه إيران حينذاك محمد رضا بهلوي إطلاق ثورته البيضاء في العام 1963. لم يمض الكثير حتى جاءت أحداث الخامس عشر من شهر خرداد الإيراني في المدرسة الفيضية في الحوزة الدينية في قم والتي طبعت مسار النضال ضد الشاه ومسار رفسنجاني بشكل خاص.
خلال السنوات الممتدة بين 1963 و 1979 قضى هاشمي وقته بين السجون وحياة الخفاء، عرف معتقل قزل قلعة سيئ الذكر وذهب لفترة إلى الجندية ليهرب لاحقاً منها وليعتقل مجدداً. في هذه الفترة ألّف رفسنجاني كتاباً عن أبو الدبلوماسية الإيرانية أمير كبير، رئيس حكومة ناصر الدين شاه القاجاري في القرن التاسع عشر.
كذلك عمل على ترجمة كتاب القضية الفلسطينية للمفكر الفلسطيني أكرم زعيتر. كانت سنوات النضال هذه مناسبة ليتعرف إلى مجموعة من الشباب الثوري الذين لازمهم ولازموه خلال السنوات اللاحقة، أبرزهم على الإطلاق كان شاباً منحدراً من مدينة مشهد يدعى علي خامنئي. علاقة رفسنجاني وخامنئي النضالية تحولت إلى ثنائية ثورية خلال العقد الأول من الثورة وفي العقود الأخرى أخذت أشكالاً مختلفة.
انتصار الثورة في إيران عام 1979 شكل منعطفاً تحول معه رفسنجاني من مناضل إلى رجل دولة. كانت العلاقة بين الرجلين تشبه إلى حدٍ ما علاقة أب بابنه، والواقع أن الخميني كان بحسب المقربين منه يرى في الشاب الأربعيني عموداً رئيسياً من أعمدة الثورة، ربما هذا ما دفعه يوم محاولة اغتيال هاشمي للقول "هاشمي حي لأن الثورة حية" ليعود ويقول في مناسبة أخرى "لا يمكن لشخص أن يكون بمنزلة هاشمي عندي".
مرحلة رجل الدولة حملت للرجل الذي كان يوصف بـ"دست رست إمام" أي اليد اليمنى للإمام حملاً ثقيلاً من التحديات. الصراع الداخلي بين مكونات الثورة كان واحداً من هذه التحديات، والحرب العراقية الإيرانية كانت مكوناً آخراً، العلاقة المتوترة مع الأميركيين من اقتحام السفارة الأميركية إلى ارتدادات السياسة الخارجية الإيرانية الجديدة المؤيدة للفلسطينيين والمعادية لإسرائيل كانت كذلك، ثم قضية إيران كونترا وزيارة مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت ماكفرلين إلى طهران التي لم يكن يعلم بها سوى عدد محدود من المسؤولين على رأسهم هو.
لاحقاً جاءت قضية آية الله حسين علي منتظري الخليفة السابق للإمام الخميني والذي لعب رفسنجاني وخامنئي معاً دوراً محورياً في محاولة جسر الهوة بينه وبين المرشد، لكن دون جدوى.
إلى جانب كونه بين 1980وحتى 1989 رئيساً لمجلس الشورى الإيراني جرى تعيين هاشمي قائداً للعمل العسكري خلال السنوات الأخيرة من الحرب مع العراق، ويجمع من عاصروا وعايشوا تلك المرحلة أنه الشخص الذي أقنع الإمام الخميني في اتخاذ قرار إنهاء الحرب والقبول بالقرار الدولي 598 الصادر عن مجلس الأمن الدولي.
لم تمض أشهر كثيرة حتى جاءت الليلة التي انقطع فيها الأمل من استمرار مؤسس الثورة على قيد الحياة، حسبما أفاد الأطباء، الإمام الخميني كان يحتضر. في تلك الأمسية كان سؤال الخلافة يطرح في كل بيت إيراني، وفي كل الدول المؤثرة والمتأثرة بإيران. معظم الأجوبة كانت تحمل تكهنات أثبتت فيما بعد أنها لم تكن تلامس عتبة الواقع. حتى أصحاب الأمر في طهران لم يكونوا قد وصلوا إلى اتفاق يسهل عملية الإنتخاب، ولا حتى على صيغة واضحة للمرحلة المقبلة.
جمع رفسنجاني أوراقه وذهب إلى مجلس الخبراء حاملاً الحل، ذكّر الجميع بكلام الإمام عن رئيس الجمهورية خامنئي وأنه عندما طالبوه بتسمية خليفته لأن أيديهم فارغة، أجابهم "لماذا؟ لديكم السيد خامنئي".
مع انتخاب خامنئي ولي فقيه ورفسنجاني لاحقاً رئيساً للجمهورية بدأت في إيران مرحلة جديدة. أضحى البناء عنواناً لفترة التسعينات ومعها أرسيت دعائم دولة ما بعد الحرب. كانت التغییرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية تعصف بإيران ممهدة لانتخاب السيد محمد خاتمي رئيساً للبلاد في العام 1997 خلفاً لرفسنجاني. احتفظ الرئيس الشيخ بمنصبه رئيساً لمجمع تشخيص مصلحة النظام الذي تولاه منذ تأسيسه عام 1989، كما بقي عضواً في مجلس خبراء القيادة قبل أن يتولى رئاسته من عام 2007 وحتى 2011.
أثار أولاد رفسنجاني الكثير من الجدل في إيران، كانت فائزة نائبة في البرلمان وفي الوقت عينه أول رئيس تحرير لصحيفة "زن" أو المرأة النسائية، وكذلك فهي كانت فاعلة على الصعيدين الرياضي والاجتماعي، كذلك فقد ارتبط اسم ولديه محسن ومهدي بصفقات تجارية، وهو ما أدى إلى دخولهم السجن في مراحل لاحقة. فائزة أيضاً دخلت السجن وهي شاركت في العام 2009 في الأحداث التي وقعت بعد الانتخابات الرئاسية، الأمر الذي فاقم من النظرة السلبية لعائلة رفسنجاني من قبل المحافظين بشكل عام. كذلك فإن رفسنجاني نفسه كان محلاً لإثارة الجدل، كونه صاحب امبراطورية اقتصادية ضخمة ولديه قدرة تأثير كبيرة على من يوصفون بلوبي هاشمي الاقتصادي في البلاد.
كانت سنوات العقد الأول في الألفية الثانية ذات وجوه عديدة لهاشمي. حاول الرئيس السابق العودة إلى شارع باستور مقر الرئاسة الإيرانية، لكنه خسر بشكل مفاجئ أمام مرشح مغمور حينذاك يدعى محمود أحمدي نجاد. رفع الأخير كل الأسلحة الممكنة في وجه رفسنجاني متهماً إياه بالفساد واستغلال السلطة والقوة.
شكلت سنوات أحمدي نجاد أقسى ما يمكن أن يمر على هاشمي الذي بقي مصراً على المواجهة وإن بشكل غير مباشر. انتهت فترة أحمدي نجاد الأولى وجاء موعد الانتخابات في حزيران 2009 وكانت النتيجة أن فاز، لكن فوزه كان محل تشكيك للقوى المنضوية تحت مظلة الإصلاحيين وهو الأمر الذي تطور إلى احتجاجات وبدا إلى حد كبير أن رفسنجاني كان متعاطفاً معها، وهو الأمر الذي أثّر بشكل كبير على علاقته بخامنئي في السنوات اللاحقة.
حاول هاشمي مجدداً الترشح للرئاسة عام 2013 لكن مجلس صيانة الدستور رفض طلبه بسبب سنه، لكن هناك من يقول إن الرئيس الأسبق تقدم بترشيحه لقطع الطريق أمام مرشح أحمدي نجاد إسفنديار رحيم مشائي من الدخول إلى الانتخابات. وقتها كان يبلغ من العمر 79 عاماً. دعم رفسنجاني تلميذه حسن روحاني وابنه الروحي للوصول إلى الرئاسة وهو ما تمّ بالفعل.
سيطرت على وزارات حكومة الأمل التي يرأسها اليوم روحاني وجوه معروفة بعملها سابقاً مع رفسنجاني، وهو ما دفع البعض للقول إن الحكومة لرفسنجاني والرئاسة لروحاني. كانت هذه مقدمة لترشحه على رأس لائحة شبه مكتملة لانتخابات مجلس الخبراء وفوزه بكل مقاعد طهران إلا واحداً في العام 2016 وهو في سن 81.
عام فقط على رفعه شارة الفوز وضع هاشمي رأسه على الوسادة للمرة الأخيرة. أتعبته السياسة؟ ربما، لكنه هو أيضاً كان متعباً لها، مستفزاً، مستنزفاً. سيتوقف مسلسل المذكرات عن الصدور، بعد اليوم كل الذكريات ستروى على ألسن أخرى، سيكون هو في صيغة الغائب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

السعودية تؤكد: لن نقيم علاقات مع إسرائيل دون إقامة دولة فلسطينية

السعودية تؤكد: لن نقيم علاقات مع إسرائيل دون إقامة دولة فلسطينية

متابعة / المدىقالت السعودية، أمس الاربعاء إنها لن تقيم علاقات مع إسرائيل، دون إقامة دولة فلسطينية بعد أن قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن السعوديين لا يطالبون بدولة فلسطينية.وقال ترامب في إعلان صادم، إن...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram