TOP

جريدة المدى > عام > في رحيل الحاء الوحيدة.. حمودي السلامي

في رحيل الحاء الوحيدة.. حمودي السلامي

نشر في: 11 يناير, 2017: 12:01 ص

ربما يختلف معه كثيرون فكرا..  وقد لا يلتقي معه كثيرٌ من الناس طباعاً ..  ربما لا يعدّهُ متذوقو الشعر والنقاد شاعراً كبيراً. وقد يُقالُ: إنّ النقادَ، والباحثين لم يُنصفوا شعرَهُ إذْ لم يكتبوا عنه !! لكنني لا أريد ان أظلم الدراسين لما في

ربما يختلف معه كثيرون فكرا..  وقد لا يلتقي معه كثيرٌ من الناس طباعاً ..  ربما لا يعدّهُ متذوقو الشعر والنقاد شاعراً كبيراً.
 وقد يُقالُ: إنّ النقادَ، والباحثين لم يُنصفوا شعرَهُ إذْ لم يكتبوا عنه !! لكنني لا أريد ان أظلم الدراسين لما في شعره من رمزية كثيفة و غموضٍ يصل حد الابهام ، الشيء الذي لا يمكّنَ الناقدَ من الإمساك بالمفاتيح التي يلجُ بها إلى شعرهِ . حتى ان إهداءاتِهِ تحتاج إلى التأمل بغير أن نصل إلى دلالاتها ، وربما لا نصل الى المعنى المقصود ذاتِهِ فنضيع في غمار التأويلات ، فإهداؤُه في مجموعة (خطوة النفق الاخيرة ) حتى المتأمل طويلاً لا يصل إلى أسرار معناه (إلى الراء الكبرى ) ..ولو لا انني عرفت وبشكلِ شخصي أنه كان يحب فتاةً اسمُها يبدأ بحرف الراء لم يستطعْ الزواج منها ، وتزوجت من غيرهِ، فعاش على ذكريات ذلك الحب سنواتٍ طويلةً معَذَّباً بسرّ هواه، وكان هذا الإهداء إشارة إليها بذكر الحرف الأول من اسمها!! وقد لا نحتاج إلى الدخول إلى الاهداء، فعناوين المجموعات المتمثلة (بخطوة النفق الاخيرة ، بدو رحل ، المنعطف ) تذهب بنا إلى تساؤلات كثيرة لعلنا لا نصل إلى اجابة واحدة . فرمزية عنوان ( خطوة النفق الأخيرة) واضحةٌ ! فما هي خطوة النفق الاخيرة ؟ وما المقصود بالنفق ؟ هل هي خطوة باتجاهِ القبر ؟ بعد ان عافت نفسُهُ الحياه ؟ هل النفق هو الحياةُ ذاتُها! ولا ضوء يلمع في اخرِ النفق . نعم.. قد نختلف في شعره، وقد لا نتفق معه في رؤاه، ولكنّنا لا نختلفُ أبداً في أنّه إنسان، ظلّ وفيّاً لمعاني الإنسانيةِ الكبرى. فهو احد الذين كتبوا اسماءَهم في سِفر الوطنيةِ الحقّةِ عراقيّاً نازفاً محبّةً للعراق ، أصيلاً كنخلةٍ تمتدُّ جذورها عميقاً في الأرض، وتشمخ عالياً على ضفاف الفراتين. وهو المثقفُ الحرُّ ثباتاً على المبدأ، واحتراماً للكلمةِ/ الموقف. كان شخصيةً فريدةً من نوعها ، ألفناها جميعا حتى لا نكاد نسأل عن صمتهِ المتفرد مع الذات ! سبعون عاما ونيفٌ من العزلة التي عاشها مع الروح ، ينطوي على أسرارٍ عصيةٍ على النسيان، والبوح بصمتٍ هادئٍ أصيل ، لأنّه نابع من صمت الصمت. رحل وتركنا عاجزين عن الاحاطةِ بتلك الايقونات التي كانت مغلقة ادمنت الابتعاد عن العلاقاتِ الاجتماعية، والولوج في عالم العلاقات المفرطة بلا نوعية ، بطريقة لا يجيد التعامل بها الا هو .. وكان يشغل الوقتَ بقراءاتٍ متعمقةٌ وتأملاتِ العقل المأخوذ بهموم الإنسان. ولقد سبق سفرَهُ الاخيرَهذا مرضُهُ الذي اوجع قلوبنا قبل أن يُطيحَ بجسده !! أيها الراحلُ الذي لم يتركْ وراءَه غير صمتٍ يعلنُ احتجاجاً صارخاً، ومحبّةٍ للحق والحقيقة..اتمنى ان تليقَ هذه الكلمة بروحك وانسانيتك، فلا مجال للحزن وانت رسمت لوحةَ فرحٍ للآخرين بتواضعك وصمتك وانتمائك وحزنك السرمدي الصامد في قلوبنا دائما. كم هو عزيزً فقدُك ايها المتجذر بالإنسانية بكل دلالات هذه المفردة ؟؟ اخلاقُك السامية واخلاصك المتناهي في عملك ولمن حولك جعلاك رمزَ وفاءٍ اثيرٍ في نفوسنا. انت الذي عشت ومت وحيدا لن تختار انيسا غير ( طريق الشعب) صحيفتِك الاثيرة ، ولا صديقا مقربا غير الكتاب ولا دارا سوى البيوتات الادبية ولا حدائق ورد غير قصائد الشعراء ، ولا تزال ابتسامتُك المليئةُ بهمومك المختبئة والمحن المرتسمة على عودك النحيل وجسدك النحيف الذي يطوي عناء الحياة ايها المناضل الأبي يكفيك فخرا انك كابدت ظلم العتاة والظالمين ومصادري الكلمة الشريفة، وكم سجنت وعذبت بسبب انتمائك الفكري وتحزبك السياسي ايها المناضل حقا.. نعدك اننا سنواصل المسيرة على طريقك الثقافي الذي ابتعدت به عن الانانية ،المعطر بطيبتك وحب الآخر والابتعاد عمّا سوى ذلك ااااه من وداعك كم هو مُعذب؟؟!! نم قريبا من ثرى النجف التي عشقت تأريخَها العتيد وثقافتَها المميزة وداعا ايها المعلم ..وداعا ايها الانسان....

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

الحصيري في ثلاثة أزمنة

الهوية والتعبير الاسلوبي.. مشتركات تجمع شاكر حسن واللبناني جبران طرزي

موسيقى الاحد: احتفاليات 2025

تهـــــــريـــــج

عدد جديد من مجلة (المورد) المحكمة زاخر بالبحوث العلمية

مقالات ذات صلة

رولز رويس أم تِسْلا؟
عام

رولز رويس أم تِسْلا؟

لطفية الدليمي كلّما سمعتُ شاعراً أو كاتباً يقول:"أنا كائن لغوي. أنا مصنوع من مادّة اللغة" كان ذلك إيذاناً بقرع جرس إنذار الطوارئ في عقلي. هو يقولها في سياق إعلان بالتفوّق والتفرّد والقدرة الفائقة على...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram