اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > رمزٌ وطنيٌّ يموت ..

رمزٌ وطنيٌّ يموت ..

نشر في: 10 يناير, 2017: 06:59 م

adnan.h@almadapaper.net

تخيّل أنك منضمّ إلى جلسة، وقال أحد الجلّاس إنه في لبنان الذي تتوسط عَلَمه شجرة أرز لم يعد الأرز ينمو فيه، أو إنّ كندا التي تتوسط عَلَمها أيضاً ورقة قيقب (أسفندان) ما عاد شجر القيقب يعيش فيها، أو إنّ الزيتون لم يعد يُزرع في فلسطين أو شجرة البتولا المخلّدة في الروايات الروسية والسوفييتية اختفى كلّ أثر لها في الغابات الروسيّة .
 لا شكّ أنّ الجميع سيعتبر هذه "الخبرية" مجرّد مزحة، فمن الصعب استدعاء صورة لبنان إلى الذهن من دون الأرز ولا كندا من دون القيقب ولا فلسطين من دون الزيتون ولا روسيا من دون البتولا.
ما رأيكم أنّ هناك بالفعل واحداً من بلدان العالم صار مقبرة لشجرته الوطنية؟.. لا تذهبوا بعيداً.. إنه بلدنا العراق، فالنخيل صار يموت بالجملة هنا، والمقابر الجماعية للنخيل تمتد الآن من قلب العاصمة بغداد التي كان ما يزيد على نصف مساحتها في الماضي بساتين نخيل غنّاء، إلى سائر المحافظات في الفرات الأوسط والجنوب، وصولاً إلى مدينة النخيل البصرة.
لا أتحدّث هنا عن مجازر تجريف البساتين وتحويلها الى أحياء سكنية عشوائية، إنما عن آلاف أشجار النخيل التي زرعتها أمانة بغداد ومحافظة بغداد والبلديات في المحافظات الأخرى على الطرق الرئيسة.
أمس كنتُ وعدد من الزملاء نقطع طريق قناة الجيش طولاً .. فرق هائل بين منطقة القناة الضاجّة بالحياة والخضرة في ما مضي وبينها الآن حيث كل شيء ميت حول القناة التي غدت ذاتها خزاناً للمياه الآسنة الراكدة .. من مئات أشجار النخيل التي زرعت هنا مات ما يزيد على 80 بالمئة منها !
 داخل بغداد بالذات وعلى جانبي قناة الجيش، تموت شجرة العراق الوطنية .. مفارقة كبرى.. والسبب يكمن في أنّ هذه الاشجار تُرِكت لمصيرها من دون عناية، وبالذات من دون سقاية. والمشهد لا يختصّ بهذه المنطقة وحدها، فالطرق العامة الخارجة من وسط بغداد الى  المحافظات الأخرى الجنوبية والشمالية مات أكثر من نصف النخيل المزروع حديثاً على جوانبها !
أحد الزملاء أفاد بأن هذه الأشجار استُوردت من دولة الإمارات بمبالغ كبيرة ! .. وبعيداً عن الكلفة، ألم تلحظ أمينة بغداد ومحافظ بغداد يوماً هذا المشهد، أم أنهما لا يتجوّلان في المدينة التي وُضعت في عهدتهما؟!.. ثم من قال إن النخلة هي الأنسب للزراعة داخل المدينة كشجرة زينة؟ .. تحتاج النخلة إلى عناية خاصة مستدامة، فهي تترك مخلفات كثيرة، فيما كان من الأجدى تزيين الشوارع والساحات بأشجار أخرى أكثر اخضراراً وأقلّ حاجة للعناية ولا تتسبب في اتّساخ المكان الذي تُزرع فيه، وبخاصة الأشجار المزهرة كشجرة الدفلى التي كانت تُزيّن بغداد أيام زمان.  

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. محمد سعيد

    تساؤلات عديده وحقه طرحت ووجهات نظر عبر عنها .. مع ذلك سنظل نحوم القضية الأساسية في عقد صفقات تجاريه موهومة . بدابه صدر العراق فسائل نخيل في عهد صدام في ادعاء البعض لتحسين ميزان المدفوعات والحصول علي العمله الصعبة التي لا اعتقد كانت نادره

  2. بغداد

    أستاذ عدنان حسين هذولة المتخلفين حكومة اللصوصية والنهب والفرهود بالوكالة حكومة القتلة بالوكالة حكومة مافيات آبار النفط والغاز بالوكالة المقبورين في المنطقة الخضراء هل أبقوا شيئ صحيح في عراق ما بعد سنة الخراب والدمار الشامل بعد ٢٠٠٣ حتى يبقون على النخيل في

  3. سالم حسون

    تجريف بساتين النخيل قائم على قدم وساق منذ 2003 ، واحد أهدافه تغيير الطابع الديموغرافي للمدن العراقية وخصوصاَ بغداد التي سيصبح عدد نفوسها 13 مليون نسمة كلهم من الجنوب ، وهذه السياسة تصب في مصلحة الدولة والميليشيات معاً التي تراهن في الانتخابات على كسب أصو

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram