adnan.h@almadapaper.net
كلّ عنف في حقّ متظاهرين أو معتصمين سلميين، حتى لو قلّت درجته وتدنّى مستواه، ليس مبرَّراً ولا يتعيّن التهاون مع مرتكبيه، فالعنف لا يحلّ مشكلة، بل يفاقمها، وأجهزة الأمن واجبها الأساس حفظ الأمن والنظام وتطويق المشاكل وحلّها.
وحتى لو كان هناك ما يبرِّر، بأيّ درجة أو مستوى، العنف الذي استخدمته القوات الأمنية لفضّ اعتصام أهالي ضحايا التفجيرات الإرهابية الأخيرة في بغداد والمتضامنين معهم في ساحة التحرير بالعاصمة أول من أمس، فإنه لا يمكن البتّة تسويغ اشتراك ملثّمين في عملية فضّ الاعتصام وملاحقة المعتصمين ... هذا مما يمكن أن يكون بداية لتطور خطير للغاية في العمل الأمني، يُخشى أن تكون عواقبه غير حميدة على صعيد العلاقة بين الناس والأجهزة الأمنية، والناس والدولة برمّتها.
هل كان الملثّمون عناصر تابعين للأجهزة الأمنية أو يعملون لصالحها أو بإمرتها؟ .. إذا كان الأمر كذلك ما الداعي له؟ لماذا تعيّن أن تختفي العناصر الأمنية خلف اللثام الأسود؟ .. حتى نظام صدام لم يفعلها .. وعالميّاً اختصّت الأنظمة الفاشية والمنظمات النازية بهذا التقليد المشين لمطاردة المناضلين الثوريين، وراهناً فإن اللثام الأسود هو من العلامات المميزة لعناصر تنظيم داعش الإرهابي، وبخاصة الذبّاحين والمحرّقين بالنار، فهل يُراد لعناصر أجهزتنا الأمنية أن تدخل في هذا التصنيف؟!
وإذا لم يكن ملثّمو ساحة التحرير من العناصر الأمنية الحكومية، فلابدّ أنهم من تشكيلات مسلّحة غير قانونية، وفي هذه الحال كيف سمحت عناصر الدولة الأمنية لهؤلاء الملثّمين بأن يأخذوا القانون بأيديهم ويتصرّفوا على هواهم في شأن هو من اختصاص الأجهزة الأمنية حصراً؟
سواءً كان ملثمو ساحة التحرير عناصر أمنية حكومية أو من تشكيلات غير قانونية، فإن السماح لهم بالاشتراك في عملية فضّ الاعتصامات ومطاردة المعتصمين وإساءة معاملتهم، سيشجّع عصابات الجريمة المنظّمة وسواها على العمل بالطريقة نفسها .. سيكون سهلاً على عناصر هذه العصابات من الآن فصاعداً ارتداء اللُثُم السوداء وارتكاب جرائم القتل والسطو المسلّح والاختطاف، وسوى ذلك من الجرائم التي أشار إليها رئيس الوزراء حيدر العبادي غير مرّة في الفترة الأخيرة وعدّها مما يدخل في خانة أعمال الطعن في الظهر له ولحكومته وتصفية الحسابات السياسية. كيف ستستطيع الأجهزة الأمنية وقتئذ أن تضبط الأمن والنظام وتوفّر للناس الطمأنينة؟
نتمنى على مَنْ يعنيهم الأمر حلّ لغز ملثّمي ساحة التحرير، وعلى الأجهزة الأمنية التبرؤ منهم، بل عليها أن تُوجّه عنفها إليهم بوصفهم عناصر خارجة على القانون، وليس إلى المتظاهرين والمعتصمين المحروقة قلوبهم على أحبّتهم الذين فشلت الأجهزة الأمنية في وقف مسيل دمائهم.
جميع التعليقات 3
بغداد
أستاذ عدنان حسين اقتطف من مقالك لهذا اليوم وهي نقطة حساسة ومهمة ولقد وضعت النقاط على الحروف عندما قلت [ هل كان الملثّمون عناصر تابعين للأجهزة الأمنية أو يعملون لصالحها أو بإمرتها؟ .. إذا كان الأمر كذلك ما الداعي له؟ لماذا تعيّن أن تختفي العناصر الأمنية خل
ييلماز جاويد
سأل أحدهم البعير عمّي ليش رگبتك عوجة ؟ فإلتفت إليه البعير قائلاً شنو اللي لگيته بجسمي عدل ، لاحگني غالرُگه ؟ يا عدنان .. هذي صارت من البسيطات .. يا حبيبي .
محمد سعيد
عندما تغيب الدولة والسلطة الحاكمة بسق اصرار وترصد , يمكن ان يحدث العجيب , وهذا ممكن في بلد مثل العراق ,ومنذ ان تولي قيادته جحافل من احزاب دينيه واثنيه وهي حقا بعيده عن مسمياتها الحقيقة المعلنة , حيث تولي تسيير امورها والتحكم فيها رجالات عصاب