عيد الشرطة العراقية هذا العام اقتصر على تنظيم فعاليات رسمية مع تزيين سيارات الأجهزة الأمنية ووضع "نفاخات" ملونة في نقاط التفتيش ، فيما كانت الأوساط الشعبية تتطلع الى ان يكون عيد "ابو اسماعيل" فرصة لتعزيز الثقة بين الطرفين ، تعكس حقيقة شعار الشرطة في خدمة الشعب ، وليس "الشغب " على حدِّ تعبير من يحمل ذكريات سيئة عن رجال الأمن المكلفين من السلطة بملاحقة معارضيها .
يوم كان التلفزيون العراقي الرسمي يعرض برنامج" الشرطة في خدمة الشعب " بالاسود والابيض لم يحقق استجابة من الجمهور الا باستثناءات قيلة جدا حين يعرض عناصر عصابة متهمة بسرقة محال تجارية في العاصمة . الجهات الاعلامية الرسمية وصلت الى قناعة بأن البرنامج لم يحقق اهدافه فاستغنت عنه نهائيا ، لكن السبب الحقيقي كان يتلخص بتحويل مفردة الشعب الى شغب ، فأصبح عنوان البرنامج بين الاوساط الشعبية" الشرطة في خدمة الشغب " للتعبير عن حالة استياء معظم العراقيين من ممارسات رجال امن السلطة وقتذاك .
ويوم عرض مسلسل "أبو البلاوي" وهو من بطولة الراحل خليل الرفاعي عبر التلفزيون العراقي الرسمي مطلع عقد الثمانينيات، ترك ردود أفعال لدى الجمهور فأحالوا أسباب إثارة البلاوي والمشاكل والأزمات إلى أكبر مسؤول ، وعندما أصبح صانع البلاوي بنظر العراقيين هو فلان الفلاني ، قررت الأجهزة الرقابية إيقاف بث المسلسل ، لأسباب فنية كما أعلنت ، ولكن السبب الرئيس هو التخلص من حرج الإيحاءات التي تركها المسلسل في أذهان الجمهور .
الراحل الرفاعي كان أول المعترضين على إيقاف "أبو البلاوي" ، لأنه لم يقتنع بأسباب منع بثه ، وسرعان ما تلقى رسالة من شخصيات تمثل جهات رسمية، تتضمن نصيحة بالكف عن الحديث حول المسلسل ، لأن الجهات المعادية استخدمته لتحقيق أهدافها في النيل من رموز وطنية .
القيادة الحكيمة في ذلك الوقت ، وانطلاقاً من حرصها على "المصالح الوطنية والدفاع عن البوابة الشرقية والاستمرار في تنفيذ المشروع النهضوي للأمة " ، قررت منع المسلسل ، وأصدرت أوامر صارمة ضد مَن يحاول أن يجعل "أبو البلاوي" سبباً في خوض الحرب ، وإصدار قرارات سحب المواليد للخدمة العسكرية ، وإجبار من كان عمره خارج الخدمة بالانضمام إلى الجيش الشعبي ، لتحصين الجبهة الداخلية .
الجيل الجديد من العراقيين ومنهم الإعلامي الناشط المدني" الحسن" نجل الشاعر الحلي طارق حسين ربما لم يطلع بشكل تفصيلي على ممارسات مصادرة حرية التعبير قبل حلول الزمن الديمقراطي ، فبينه وبين برنامج الشرطة في خدمة الشعب ومسلسل "ابو البلاوي" سنوات طوال . تعرَّض للاعتقال وأُحيل الى محكمة النشر ، ثم اطلق سراحه بكفالة ، قضيته لم تحسم بشكل نهائي بعد رفع دعوى ضده تطالبه بتعويض مالي مقداره 100 مليون دينار ، فقلب" الحسن" المعادلة في الاغنية الشهيرة " الشوملي الشوملي نارك ولا جنة هلي" لأنه اتهم بنشر رأي على صفحته الشخصية حول ادارة الملف الامني في المحافظة ، على الرغم من تعرّض صفحته للقرصنة .
بعض المسؤولين الأمنين جعلوا الشرطة في خدمة" ابو البلاوي" متناسين ما تحققه الاجهزة الامنية والقطعات العسكرية من انتصارات في معركة تحرير الموصل ، تستحق الاشادة من جميع العراقيين ، وعيدك مبارك "ابو اسماعيل" في كل يوم وشهر وسنة على حدِّ قول الراحل عبدالحليم حافظ.
الشرطة تلاحق "أبو البلاوي"
[post-views]
نشر في: 13 يناير, 2017: 09:01 م