وجهت لجنة الاقتصاد والاستثمار لوزارة الصناعة اتهامات باهدار 6 تريليونات دينار منذ عام 2013 وحتى العام الماضي، مؤكدة ان هذه المبالغ لا يُعرف مصيرها.في هذه الاثناء اعتبر مختصون أن تخلف الصناعة تقف وراءه دول عدة لأنها تبيع بضائعها للعراق بسعر الكلفة.وقا
وجهت لجنة الاقتصاد والاستثمار لوزارة الصناعة اتهامات باهدار 6 تريليونات دينار منذ عام 2013 وحتى العام الماضي، مؤكدة ان هذه المبالغ لا يُعرف مصيرها.
في هذه الاثناء اعتبر مختصون أن تخلف الصناعة تقف وراءه دول عدة لأنها تبيع بضائعها للعراق بسعر الكلفة.
وقالت النائبة زيتون الدليمي، في تصريح خاص لـ"المدى"، إن "الحكومة خصصت مبلغ 6 تريليونات دينار منذ عام 2013 وحتى عام 2016 لوزارة الصناعة، ولكن الوزارة صرفت هذه التخصيصات بشكل عشوائي". وكشفت ان "لجنة الاقتصاد والاستثمار تناقش هذا الملف وسوف تقوم باستدعاء كادر الوزارة لمعرفة أين ذهبت الأموال"؟
وأضافت الدليمي أن "جزءاً من هذه الأموال صُرفت على الشركات الخاسرة التي لم تصحح وضعها المالي"، مشيرة إلى "الفساد المالكي الكبير في وزارة الصناعة بالاضافة الى هدر للمال العام".
وتابعت عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار ان "اللجنة ستقوم بتحويل ملف الصناعة إلى لجنة النزاهة للتدقيق فيه، وتناقش اللجنة أيضا المشاكل في وزارة التجارة التي فيها الكثير من الهدر في المال العام".
وكان وزير الصناعة والمعادن وكالة محمد شياع السوداني قال مؤخراً ان "الوزارة أشرت وجود ملاحظات جوهرية تنطوي على مخالفات قانونية ومالية وإدارية بعدد من العقود التي تم إبرامها سابقا مع شركات استثمارية محلية وأجنبية".
واضاف السوداني أن "هناك 120 عقدا، تم إبرامها مع شركات استثمارية، مع وجود موازنات استثمارية للسنوات السابقة بلغت 3 تريليونات و144 مليار دينار، كان من المفترض أن نرى انعكاسا لها مع العقود التي أبرمت مع المستثمرين".
وأشار وزير الصناعة وكالة إلى أن "الوزارة شكلت لجنة لمراجعة العقود المبرمة السابقة، وبموجبها تم إنهاء 41 عقدا كوجبة أولى لعدم وجود أي تنفيذ فيها، مع الطلب بإعادة طرح هذه المشاريع للاستثمار مرة أخرى، مبينا أن الوزارة شكلت فريقا للتحقق من 75 عقدا أخر مستمرا العمل فيها لإعطاء تحقيق تفصيلي حول هذه المشاريع بسبب عدم وضوح الرؤية حولها".
وتعليقا على واقع الصناعة العراقية، يقول علي السعدي، صاحب معمل الخليج لصناعة القابلوات والإسلاك الكهربائية: إن "الدولة العراقية تتحمل ما وصلت إليه الصناعة المحلية من وضع مُزرٍ أدت إلى إغلاق أغلب المعامل الأهلية والحكومية، بسبب الفساد المالي والإداري المستشري في دوائر الدولة والسماح للسلع الأجنبية الدخول إلى البلد من دون رقيب وحسيب التي معظمها رديئة"، مشيرا إلى أن "العراق يستورد اليوم جميع السلع وأغلب المستوردين هم سياسيين مسيطرين على زمام الأمور بعد عام 2003".
واشار السعدي في حديث مع (المدى)، إلى أن "انخفاض أسعار النفط في الفترة السابقة جعل الدولة العراقية تهتم بالصناعة بسبب العجز المالي لأن الاقتصاد العراقي يُعد من الاقتصادات الريعية بامتياز". واتهم سياسيين بالسيطرة على اقتصاد البلد، مؤكدا ان "أغلب مشاريع الوزارات تذهب لهم من أجل تمويل أحزابهم ومتناسين أبناء البلد".
وتابع رجل الاعمال العراقي بالقول إن "خراب الصناعة العراقية تقف وراءه دول عدة حيث تبيع البضائع للبلد بسعر الكلفة، وهذا مخالف للمنافسة الشريفة مما جعل الصناعة المحلية معطلة وادى إلى تسريح الالاف من العاملين الذين وجودوا أنفسهم بلا عمل في عام 2003". واكد السعدي أن "العراق يشهد حربا حالية من عدة دول للسيطرة على سوقه، وان هناك عدد من السياسيين يمثلون هذه الدول بالوقوف ضد أي قرار يخدم الصناعة المحلية".
من جهة أخرى، قال الخبير الاقتصادي علي الصيهود السوداني لـ(المدى) إن "الصناعة العراقية تفتقر لإمور عدة أبرزها غياب التكنولوجيا الحديثة والتسويق مما يؤدي إلى غياب المنافسة مع المنتج الأجنبي عند طرحه في السوق".واضاف السوداني أن "بعض الدول الأجنبية عرفت ذائقة المواطن العراقي وبدأت بفتح معامل في المحافظات الجنوبية والشمالية التي تشهد استقرارا أمنيا وبالتالي أدت إلى استمرار تعطيل المعامل العراقية".
وأردف الخبير الاقتصادي إن "الصناعة بحاجة إلى عمل طويل واستخدام ستراتيجية تتناسب مع وضع الشركات لتحويلها من خاسرة إلى رابحة"، موضحا أنه "لابد من نقل تجربة أحدى الدول الصناعية إلى العراق عبر إقامة دورات مستمرة للعاملين العراقيين في قطاع الصناعة في هذه البلدان وعمل شراكات معها بما ينسجم مع مصلحة الشعب العراقي".
ونوَّه السوداني إلى أن "بعض المعامل التي كانت تعمل في الفترة الماضية تعرضت إلى التفجير والتدمير من قبل جهات لا تريد استمرار الصناعة وهناك بعض المعامل توقفت فجأة من قبل دفع أموال لأصحابها من أجل تعطيلها والهدف واضح هو إيقاف الصناعة واستمرار العراق على الاستيراد من الدول الأخرى قوته اليومي".
وتابع الخبير الاقتصادي بالقول ان "الصناعة تحتاج إلى قوانين عدة وتعديل قانون الاستثمار وإنشاء مدن صناعية حديثة بالإضافة إلى تطبيق نظام الأيزو وتأسيس شركات صغيرة ومتوسطة وكبيرة خلال السنتين القادمتين"، داعيا إلى "تطوير النظام المصرفي الذي يعتبر أساس تطور اقتصاد البلد وخاصة الصناعة عبر تقديم قروض للصناعيين لتطوير عملهم بما ينسجم مع المرحلة الحالية".
واتهم عدد من الصناعيين وزارة الصناعة عن قيامها في الأعوام الماضية بشراء معدات من دولة الصين وإعادة تغليفها من جديد وبيعها على أنها منتج محلي وهذا مخالف للواقع.
وفي السياق ذاته، قال الخبير الصناعي صالح الهماشي أن "حملة صُنع في العراق" التي أطلقتها وزارة الصناعة لم يحالفها النجاح بسبب ضعف الصناعة.
وقال الهماشي في تصريح لـ"المدى"، إن "الحملة توقيتها خاطئ وكتبت بشكل سريع جداً، لذلك نحن لابد أن نطلق الحملة عندما يصل إنتاج الصناعة المحلية إلى نصف الاستهلاك"، مبيناً أن "المنافذ الحدودية مفتوحة أمام البضائع الأجنبية وكيف يمكن للحملة أن تنجح دون الحد من دخول هذه البضائع والاهتمام بالمنتج المحلي من خلال تسويقه بالشكل الصحيح".
وشدد الخبير الصناعي على "ضرورة تفعيل السيطرة النوعية في المنافذ الحدودية لمنع دخول البضائع الرديئة والمخالفة للمواصفات العراقية".