TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الكلام المفيد الغائب عن مؤتمر حوار بغداد

الكلام المفيد الغائب عن مؤتمر حوار بغداد

نشر في: 14 يناير, 2017: 03:24 م

adnan.h@almadapaper.net

عجبتُ كثيراً  في الأيام الماضية للحملة المشتدّة التي وُوجه بها " مؤتمر حوار بغداد" المنعقد في أمس واليوم،  وعجبتُ أكثر أمس وأنا أُتابع وقائع الجلسة الافتتاحية وجلسة الحوار الأولى  للمؤتمر عبر البث الحيّ والمباشر لبعض القنوات التلفزيونية .
مؤكد أنه يُثير العجب أن تُطلق سلفاً حملة تشكيك وتسفيه وطعن وتحريض  ضد مؤتمر يتّخذ من الحوار عنواناً له، ويعقد في العاصمة بغداد، ويشارك فيه رؤساء السلطات الثلاث في الدولة وممثلو القوى السياسية، وبخاصة المتنفّذة في الحكم، وتذاع وقائعه على الجمهور مباشرة،  فالمعنى أنّ بعضنا لا يتحمّل ولا يطيق حتى الحوار.. ماذا  لو كانت السلطة كلّها في يد هذا البعض؟ .. مؤكد أنه سيقنِّن على الناس حتى حركات شهيقهم وزفيرهم.
يمكن القول إننا لم نسمع أيّ جديد في كلّ الكلام الذي قيل أمس، إنْ على ألسنة رؤساء السلطات أو على ألسنة الشخصيات السياسية التي تحدثت في حلسة الحوار الأولى. كلّ ما قالوه هو كلام معاد ومكرَّر مرّات عدّة. هم بالذات قالوه في السابق في مناسبات كثيرة، وقاله كثيرون غيرهم من كتّاب وأكاديميين وخطباء وأناس عاديين.  أبداً لم نسمع أيّ فكرة جديدة أو مشروع جديد
بوسعي أن أُلخِّص ما قيل أمس في الآتي:
- الديمقراطية خيار للعراقيين وقواهم السياسية
- نحتاج إلى مصالحة وطنية تُسفر عن حوار سياسي جدّي ومصالحة مجتمعية
-  ضرورة مكافحة ثقافة العنف والكراهية والتحريض والتخندق الطائفي والقومي والتزام الخطاب المعبِّر عن روح المواطنة
- وجوب الانتهاء من الدولة الريعية
- احترام القضاء وأحكامه وضمان استقلاليّته وسيادة القانون
-إلغاء المظاهر المسلّحة وحصر السلاح في يد الدولة.
- مكافحة الفساد الإداري والمالي
- إبعاد مؤسسات الدولة عن المحاصصة والتدخلات السياسية، وعدم الاستئثار بمواقع المسؤولية في الدولة والوظائف العامة، وتحقيق تكافؤ الفرص والاعتماد على الكفاءات المتخصصة  والخبيرة
- الركون إلى اللامركزية في إدارة الدولة ومؤسساتها
- تشريع القوانين التي أوصى بها الدستور واللازمة لبناء الدولة
عدا عن هذا فإن المتحدثين جميعاً تقريباً أقروا صراحة أو مداورة بأن تجربة الحكم منذ 2003  فاشلة وانه قد ارتكبت أخطاء كبيرة وكثيرة .
هذا الكلام كله ليس فيه ما يخيف، ولم يكن للمشكّكين بالمؤتمر والمحرّضين ضدّه حقّ في موقفهم، فأحد من المتحدثين لم يدعُ، مثلاً، إلى القيام بانقلاب وإسقاط النظام، أو إقامة المحاكم لمرتكبي الأخطاء الكبيرة والكثيرة وصنّاع الفشل.
والآن فإن هذا المؤتمر ما أن تُختتم جلسته الأخيرة اليوم سينتهي كلّ شيء معه، وكأنه لم يكن ولم يُعقد على مدى يومين ولم يكلِّف أموالاً وجهوداً. كلٌّ سيمضي في سبيله منتظراً فرصة أخرى مماثلة ليقول الكلام نفسه.
الشيء الوحيد المفيد الذي كان يتعيّن على المؤتمر أن يقوله لم يقله أحد، وهو أننا حتى نعبر بنجاح وسلام إلى مرحلة ما بعد داعش يتوجّب أن يتنحّى جانباً كل مَن كان له دور في ارتكاب الأخطاء الكبيرة والكثيرة وصناعة الفشل. هل سيتجرّأ أحد على قول هذا  في ثاني وآخر أيام المؤتمر اليوم؟ لا أظن .. وإذا قاله أحد فهل سيقبل أيٌّ من صنّاع الفشل، وبينهم المتحدّثون أمس، بالاعتراف وتحمّل المسؤولية والتنحّي؟ لا أظن.البتّة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. ابراهيم الشمري

    بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم. .اﻻستاذ الفاضل. . ما رأيكم بدعوة جادة من قوى وطنية عديدة لرفع مطلبا جماهيريا بمنع من ورد اسمه في ملف احتلال الموصل من اﻻشتراك باﻻنتخابات القادمة..اذا لا نستطيع ان نحاكم المجرمين الذين سلموا الموصل الى اﻻرها

  2. محمد سعيد

    الفشل و عدم الاقرار به ظاهره عراقية طبيعية , عليه لابد ان يفر الجميع بالفشل المحتوم , لان العراق لم تولد فيه طبقه سياسيه حكيمه, بل مجرد افراد ادعو الحكمة ,وهم ليس حكماء ,وهكذا تدهور البلد وتمكن اخيرا دعاه الدين والأثنية التحكم به وبمساعده الغ

  3. سعيد فرحان

    عندما يفشل مدرب لكرة القدم مجرد مدرب في قيادة الفريق الى الفوز فانه يستقيل او يقال فما بالك بمن يقود بلد الى الفشل والخراب ،افلا يخجلون .

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram