هنالك عند ساقية المياه القديمة ذلك المكان الذي كان يجلس فيه دوماً مع صديقه ( خ ) الذي سقط قتيلاً قبل اسابيع في جريمة غامضة هناك كان يقضي ( ج ) أغلب الوقت وحيداً يسترجع ذكريات السنين التي جمعته وصديق عمره الذي فقــد
هنالك عند ساقية المياه القديمة ذلك المكان الذي كان يجلس فيه دوماً مع صديقه ( خ ) الذي سقط قتيلاً قبل اسابيع في جريمة غامضة هناك كان يقضي ( ج ) أغلب الوقت وحيداً يسترجع ذكريات السنين التي جمعته وصديق عمره الذي فقــده.
كلما ذهب أحد الى ( ج ) في هذا المكان المهجور وجده يتحدث لنفسه "معاتباً".. باكياً تارة.. وضارباً كفوف الحسرة تارة أخرى وعندما يشعر بالقادم إليه يتوقف سريعاً .
تكرر ذلك مع كثيرين ممن كانوا يقصدون ( ج ) في ذلك المكان.. في كل مرة يلحظ القادم حديث ( ج ) مع نفسه لكن لم يستطع أحد أن يفهم أو يحدد "العبارات" التي كان يقولها بدقة.. وظن القادمون والعائدون أن هذا كله ما هو إلا تأثر بفقدان ( ج ) لصديق عمره .
حدث أنه ذات يوم.. أحد المترددين علي ( ج ) أراد أن يعرف على وجه التحديد تلك الكلمات التي يخاطب بها ( ج ) نفسه ويتوقف على الفور عن ترديدها إذا اقترب أحدٌ من المكان.
الذي قررأن يقوم بهذه المحاولة هو الكذاب والمنافق فأهل القرية جميعهم لا ينادونه إلا بالكذاب نظراً لأنه كان يكذب ويضيف اشياء من عنده ويبالغ بها وكان هذا اللقب لا يسبب له أي حرج أو إزعاج .
تسلل الكذاب شيئاً فشيئاً حتى وصل إلى "المكان" وهناك.. اختبأ وراء أشجار النخيل وبدأ يتسنط وراح يستقبل أسرار ( ج ).
سامحني يا ( خ ) سامحني.. أنا قتلتك بالغلط. كانت المفاجأة شديدة على الكذاب وشعوره بالخوف من أن يعرف مكانه ( ج ) كان أشد فلو عرف ( ج ) أن الكذاب سمع ما سمع ربما فتك به فالكذاب كما هو معروف للجميع "راديو متنقل" حاول الكذاب أن " يستجمع نفسه ".. وعندما نجح في ذلك راح يغادر المكان رويداً رويداً دون أن "يحس" به ( ج ) .
انطلق الكذاب بعد عودته إلى مختار القرية وأبلغه بما سمعه من ( ج ) وعندما اوصل الخبر المختار الى مفوض المركز استدعى ( ج ) وفاجأه قائلاً له إنه هو الذي قتل ( خ ) وأن الشرطة وصلت إلي الدليل على ذلك .
ارتبك ( ج ) وأُصيب بصدمة لم يستطع خلالها سوى الاعتراف بجريمته .
قال ( ج ) إنه ذات ليلة خرج ليأخذ بالثأر ممن قتل شقيقه والذي تنم الافراج عنه بعدما أمضي عقوبة بالسجن خمسة عشر عاماً .
عرف ( ج ) في تلك الليلة من أحد أقاربه خط سير قاتل شقيقه وراح ينتظره هناك .. داخل اغصان البردي حتى إذا مرَّ من أمامه انهال عليه بالرصاص .
كان الظلام دامساً وكان ( ج ) مستعجلا حتى أنه لم ينتظر وصول الهدف إلي النقطة التي يتمكن فيها من التصويب بدقة فقد أمسك ( ج ) بندقيته وسدد عن بُعد رصاصاته ليسقط الهدف .
في الصباح عرف ( ج ) أنه أخطأ الهدف وأن الذي سقط قتيلاً ليلة أمس لم يكن الذي قتل شقيقه وإنما هو ( خ ) صديق عمره.