"أي أناس نحارب " ؟! عبارة شهيرة تضمنها فيلم الرسالة الذي حفظنا حواراته عن ظهر قلب وقد قالها المشركون عن المسلمين عندما وجدوا الإمام علياً (ع) نائماً في فراش النبي (ص) عشية خروجه من مكة مهاجراً للدلالة على استغرابهم وعجزهم عن مواجهة اصحاب الدين الجديد ..لا أدري كيف وردت هذه العبارة في ذهني حين سمعت بعض الاخبار الساخنة عن ظهور صفقة فساد جديدة في وزارة التجارة حول الغاء تصنيف الحنطة العلفية المخصصة للحيوانات وجعل جميع اصنافها مخصصة للاستهلاك البشري ! فبعد ان ثبت بالادلة القاطعة استيراد رز فاسد تم توزيعه ضمن مفردات الحصة التموينية وامتنعت بعض المحافظات عن استلامه وقامت اخرى بتوزيعه وقام العديد من المواطنين الفقراء بطهوه وازدراد عفنه لعدم وجود خيار آخر لديهم ، سيجري بلاشك توزيع طحين لا يصلح للاستهلاك البشري وسيقوم المواطنون بتحويله الى ارغفة خبز (تسحقها) المعدة العراقية التي لا ينظر لها المسؤولون بعين الرحمة منذ ان استخدم النظام السابق ذريعة الحصار لتعويدها على تناول طحين متعفن او ملوثٍ بنشارة الخشب وبرادة الحديد أوممزوج بطحين الشعير ..
لا يسعنا اذن الا ان نبدي استغرابنا وعجزنا عن مواجهة اناس اعتادوا التمرغ في وحل الفساد ليكسبوا المال ونخسر كرامتنا وصحتنا ..ففي احد الاقضية ، شعر المواطنون بالفرح والانتصار حين جرى ترشيح أحد ابناء القضاء من المعروفين بالاخلاص والنزاهة والوطنية لشغل منصب مهم في القضاء يمكن ان ينفع ابناءه ،ولم تمضِ ايام على حصوله على المنصب حتى جرى تبليغه باستبداله بشخص آخر ينتمي لعشيرة تمسك بزمام القضاء وتتحكم بادارته وتبين ان هناك من يدعم ذلك من اعضاء الحكومة في بغداد، فقد اتصل بمسؤول في القضاء حاول ان يعرف سبب ما جرى ليقول له بالحرف الواحد :" نحن نعيش في العراق "...
لأننا نعيش في العراق ، سيتوجب علينا ألا نستغرب شيئا وان نصبر على استغلالنا يوميا بكل الوسائل ابتداءً من استرخاص دمنا وكشف ظهورنا للأعداء وحتى تدجيننا وتحويلنا الى وعاء يحتوي كل ما يسكب فيه ..لأننا نعيش في العراق ، علينا ان نصمت امام الظلم وننحني امام العواصف ونصفق للمسؤولين ونعيد انتخابهم بكل رحابة صدر ، وعلينا ان نضع عقولنا على الرفوف فلا فائدة من التفكير ما دامت الغلبة لمن يمتلك القوة والسلاح والمال ..
أي اناس نواجه ؟ علينا أن نرددها مرارا وتكرارا لأن افعالهم ستظل مصدرا لاستغرابنا وعجزنا عن مواجهتهم ، ولأننا طعم جاهز لمؤامراتهم ومكائدهم! ..ويلخص أحد الكتّاب كيفية سيطرة الحكومة على الشعب وخداعه بأربع خطوات ، الأولى تخويفهم من خطر المؤامرات المحدقة بهم ليؤمنوا بقدرة الحكومة على حمايتهم منه ، والثانية هي اشغال انتباههم ليل نهار بأخبار المسؤولين وحكاياتهم المسرّبة من مصادر سرية ، أما الثالثة فهي انكار كل ما ينتقد سلوك الحكومة ثم تأجيل المواضيع الشائكة واثارة مواضيع اخرى لصرف الانتباه عن المشكلة الرئيسة ، بينما تتلخص الخطوة الاخيرة في تكرار الاكاذيب حتى يصدقها الناس ..ويبدو ان حكومتنا أتقنت فن الخداع باتباع الخطوات الاربع فكانت النتيجة تحويلنا الى قطيع مسالم يواجه يوميا العديد من قصص الفساد والظلم ويكتفي بالاستغراب ...والعجز عن المواجهة !!
أي أناس نواجه؟
[post-views]
نشر في: 16 يناير, 2017: 09:01 م