TOP

جريدة المدى > عربي و دولي > اسم وقضية: دلالات اختيار جيمس ماتس بالنسبة للعراق والمنطقة

اسم وقضية: دلالات اختيار جيمس ماتس بالنسبة للعراق والمنطقة

نشر في: 18 يناير, 2017: 12:01 ص

ياسر كوتي *"ماتس، الكلب المجنون، إنه رجل عظيم." بهذه العبارة وصف الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب وزير الدفاع الامريكي الجديد، الجنرال المتقاعد في مشاة البحرية الامريكية "جيمس ماتس". و جاء هذا التشبيه اللافت نظرا لجرأة ماتس في المعارك!التحق ماتس

ياسر كوتي *

"ماتس، الكلب المجنون، إنه رجل عظيم." بهذه العبارة وصف الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب وزير الدفاع الامريكي الجديد، الجنرال المتقاعد في مشاة البحرية الامريكية "جيمس ماتس". و جاء هذا التشبيه اللافت نظرا لجرأة ماتس في المعارك!
التحق ماتس بمشاة البحرية في سن التاسعة عشرة، ليتدرج بعدها في عدة مناصب قيادية عسكرية. واثناء عملية عاصفة الصحراء في سنة ١٩٩١، إبان حرب الخليج، شغل ماتس منصب ضابط برتبة مقدم مسؤول عن وحدة مكافحة الالغام الارضية.
وبعد انتهاء الحرب، عاد ماتس الى الولايات المتحدة ليشغل العديد من المناصب، قبل أن يعود به المطاف الى العراق مرة ثانية في سنة ٢٠٠٣، إذ كان على رأس الفرقة الاولى من مشاة البحرية التي لعبت دوراً مهماً في الاجتياح الاولي للعراق، وبعدها في سنة ٢٠٠٤، في قتال المتمردين في  الفلوجة بعد أن قام هؤلاء بحرق وتعليق جثث أربعة أميركيين من على اعمدة الكهرباء. بزغ خلال تلك الحقبه نجم ماتس نظراٌ لصلته مع بعض شيوخ القبائل والسكان المحليين الذين تعاونوا في كشف المتورطين بعملية القتل البشعة. لاشك ان تضع هذه الخبرة العسكرية ماتس ومعرفته القريبة بتحولات بلد معقد مثل العراق في موضع مثالي لتفهم تحديات العراق الامنية، العسكرية، وحتى السياسية.
ونتيجة لخبرته العسكرية الممتدة ٤١ سنة، ولمعرفته بالتاريخ الدولي، ولحنكته المهنية والشخصية، يرى العديد  من المحللين في واشنطن بأن اختيار ماتس كوزير للدفاع يمثل حلقة نور في نفق مظلم ناجم عن خيارات ترامب المثيرة للجدل، إما لأشخاص منتمين الى اليمين المتطرف او من قليلي التجربة في العمل السياسي والحكومي .
وبالفعل، ما أن أعلن ترامب اختيار ماتس لمنصب وزير الدفاع في كانون الأول ٢٠١٦ حتى انهالت الصحافة الامريكية بالمديح على ماتس بوصفه قائدا عسكريا، دبلوماسيا، وستراتيجيا موهوبا. ومن المؤكد أن تمنح قلة خبرة ترامب في المجال الامني الفرصة لماتس ليلعب دورا قياديا غير معتاد في رسم الستراتيجية العسكرية وصنع القرارات الامنية والعسكرية.
يُنذر اختيار ماتس على رأس وزارة الدفاع بتبني واشنطن مواقف عسكرية حازمة في منطقة الشرق الاوسط المُتخمة بالصراعات الداخلية والاقليمية، التي من المرجح أن تتضمن إرسال قوات اضافية للعراق، لاسيما من القوات الخاصة التي تمتلك  خبرة في حرب المدن ومكافحة الارهاب.
ومن المحتمل ايضا أن يقوم ماتس بزيادة عديد القوات الامريكية العاملة حالياً في العراق ،على أن يكون إرسال هذه القوات مرتبطا بستراتيجية كاملة لفترة ما بعد داعش. بمعنى آخر يريد ماتس، والادارة الامريكية من ورائه، مواجهة مشاكل العراق الداخلية، لان في عدم فعل ذلك جذب لداعش آخر من ظلام الاهمال واللامبالاة السياسية.   تبدو الفرصة مناسبة بأن تقوم الحكومة العراقية بإعادة مناقشة فكرة بناء وجود فعلي للخبرات العسكرية الاميركية  تُستخدم لتدريب القوات العراقية على نهج قوات مكافحة الارهاب. في هذا الإطار، لابد من تفعيل اتفاقية الاطار الستراتيجي (SAF) و اتفاقية وضع القوات (  SOFA) بصورة ملموسة وفعالة ،إذ كثيرا ما ينظر الى أن حكومة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي  لو كانت قد وافقت على بقاء القوات الامريكية لأمكن مواجهة داعش بفعالية. على أية حال، أثبتت التجربة الاخيرة ضد تنظيم داعش بأن القوات المُدرّبة والمُجهّزة من قبل القوات الامريكية هي الاكثر مهنية، وجاهزية، وفعالية في إدارة المعارك ومكافحة الارهاب.
إقليمياً، من المؤكد ان يتبنى ماتس مواقف حازمة تجاه جارة العراق الى الشرق، إيران. من بين عدة أمور أخرى، يمكن عزو مواقف ماتس غير الصديقة تجاه إيران الى دور الاخيرة في دعم حزب الله اللبناني، الذي قام باستهداف المجمع العسكري لزملاء ماتس في مشاة البحرية الامريكية في بيروت في ٢٣تشرين الأول ١٩٨٣ مودياً بحياة ٢٢٠ من جنود البحرية . ويبدو إن هذا الحدث قد أثر كثيراً في ماتس على مدى العقود الماضية،  ففي مقابلة مع الاعلام الامريكي في ٢٠١٢، قال ماتس بأن إيران تمثل أكبر تهديد دولي للامن القومي الامريكي. ولازمَ هذا الموقف ماتس حتى بعد تقاعده من الخدمة العسكرية في ٢٠١٣، بينما كان على رأس هرم (CENTCOM) او القيادة المركزية الامريكية التي تدير مسارح الحروب في مناطق الشرق الاوسط، شمال افريقيا، وآسيا الوسطى، لاسيما العراق وأفغانستان .
وفي محاضرة ألقاها مؤخراً في مركز الدراسات الدولية والستراتيجية (CSIS) في واشنطن، قال ماتس بأن إيران تمثل التهديد الاكبر للاستقرار في منطقة الشرق الاوسط. إذ يرى ماتس بأن طهران تحاول زعزعة استقرار المنطقة من خلال دعمها لاطراف مختلفة في العراق، وسوريا، واليمن. ومن المثير للتساؤل أن ماتس لم يتطرق الى دور السعودية او قطر، مثلاً،  في دعم أطراف أخرى في هذه الدول، مما يدل بأن دول الخليج ستجد في ماتس الحليف المناسب لمقاومة نفوذ طهران.
أما بالنسبة للنخب السياسية العراقية، فنرى أن من الاجدى لها النأي بنفسها عن هذه الصراعات، وأن يضعوا مصلحة العراق قبل كل شي، قبل سوريا وقبل إيران وقبل اي دولة أخرى في العالم من منطلق " كل واحد يحوش النار لخبزته" .
ولنتذكر بأن كل ما تقوم به إيران او سوريا أو أي دولة أخرى انما يكون لخدمة مصالح خاصة وليس لعيون العراق .كما يجب أن لا ينسى العراقيون بأي حال من الاحوال بأن النظام العلوي في سوريا كان يقوم بإرسال اوغض الطرف عن آلاف الارهابيين الذين قدموا الى  العراق بعد ٢٠٠٣ وفتكوا بالابرياء ،خاصة الشيعة. وعلى الرغم من أن  نظام الاسد  كان على علم بما يقوم به المتطرفون، لكن مع ذلك استمر تدفق المقاتلين من سوريا، لحماية نظامه من السقوط على حساب دماء الابرياء في العراق.
حان الوقت لأن يضع ساسة العراق مصلحة العراق والعراقيين اولاً قبل "العروبة" والطائفية الاقليمية، التي لم يجن منها العراق سوى الموت، والجوع، والدمار على مدى العقود الاربعة الماضية.
* كاتب عراقي ومحلل في شؤون الشرق الاوسط والسياسة الخارجية الامريكية /واشنطن.  

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

السعودية تؤكد: لن نقيم علاقات مع إسرائيل دون إقامة دولة فلسطينية

السعودية تؤكد: لن نقيم علاقات مع إسرائيل دون إقامة دولة فلسطينية

متابعة / المدىقالت السعودية، أمس الاربعاء إنها لن تقيم علاقات مع إسرائيل، دون إقامة دولة فلسطينية بعد أن قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن السعوديين لا يطالبون بدولة فلسطينية.وقال ترامب في إعلان صادم، إن...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram