adnan.h@almadapaper.net
يُبدي بعض العرب حماسة مفرطة تجاه الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب برغم موقفه المعلن الموالي بقوة لإسرائيل إلى درجة أنه يريد القيام بما امتنعت عنه كل الإدارات الأميركية السابقة، وهو نقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة.
عدد غير قليل من السياسيين والمحللين العرب، بمن فيهم عراقيون، لم يتردّد عن التهليل لترمب وعهده، وعند تفحّص الأمر نجد بعداً شخصياً، فالسياسي أو المحلل المبتهج بدخول ترمب إلى البيت الأبيض، بالرقم 45 بين الرؤساء الأميركيين، إنما يتوقع أو يأمل أن ينتقم له الرئيس الجديد من دولة أو منظمة يعاديها شخصياً وتوعّدها ترمب في حملته الانتخابية برفع الهراوة في وجهها إن لم تدخل بيت الطاعة، أو تشفّياً برئيس أميركي سابق اتّخذ مواقف وقرارات كان لهؤلاء الاشخاص موقف مناهض منها، كحربي 1991 و2003 في العراق وحربي سوريا وليبيا.
من دون شكّ، لكل امرئ الحرية في ما يرى ويفكّر به وفي ما يأمل ويرغب، لكن في حالة ترمب فالخشية أن يُصيب المتحمسين له من العرب ما أصاب الكثير من قيادات الإسلام السياسي، الشيعي والسنّي سواء بسواء، من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه الإسلامي، العدالة والتنمية.
بعد فترة قصيرة من تولّي أردوغان رئاسة الحكومة في تركيا (2003) صار له بين العرب وأحزاب الإسلام السياسي خصوصاً، مؤيدون ومريدون ربما بما يوازي عدد أنصاره الاتراك، ووقفت قيادات الكثير من الأحزاب الإسلامية السُّنية والشيعية في الطابور لزيارة أردوغان في أنقرة والشدّ على يديه والتصريح بما يفيد بأنّ أردوغان وحزبه هما المثال والقدوة لهذه الأحزاب، وبينها أحزاب شيعية عراقية. وارتفع منسوب شعبية أردوغان بعد واقعة ملاسنته مع الرئيس الإسرائيلي الراحل شيمون بيرس في منتدى دافوس، وربما هذا ما أوحى لأردوغان بفكرة إعداد نفسه ليكون سلطاناً عثمانياً للجمهورية التركية، فاندفع نحو كرسيّ الرئاسة في 2014 ، وابتنى لنفسه قصراً رئاسياً على غرار قصور السلاطين، حتى انتهى أخيراً الى الدفع باتجاه تعديل الدستور وتحويل نظام الحكم في بلاده إلى نظام رئاسي.
لم يمهل أردوغان المعجبين العرب به، وبخاصة الأحزاب الإسلامية الشيعية، طويلاً فما لبث أن قلب لهم ظهر المجنّ بسياساته ومواقفه الطائفية التي حوّلته لدى هؤلاء من قدّيس إلى شيطان.
ليس من المستبعد بعد حين غير بعيد، أن يتبدّى الرئيس ترمب للمحتفلين العرب به كمثل ما تبدّى به أردوغان للمبهورين به من المسلمين الشيعة، ففي نهاية المطاف ترمب سينفّذ السياسات التي تحقّق مصالح بلاده وحزبه ومصالحه الشخصية غير مبال بما يفكّر به المحتفون به من العرب، مثلما كان أردوغان، ولم يزل، يُنفّذ مصالح بلاده وحزبه ومصالحه الشخصية، غير متذكّر ما سمعه من كلام يقترب من الشعر من القيادات الإسلامية الشيعية التي زارته في أنقرة، وما أسمعه لها.