TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أستانة السورية والبغلات العراقية!

أستانة السورية والبغلات العراقية!

نشر في: 25 يناير, 2017: 06:37 م

adnan.h@almadapaper.net

خرج وفدا الحكومة السورية والمعارضة بنصف رضا عن نتائج المحادثات غير المباشرة التي أجرياها في العاصمة الكازاخستانية، أستانة، واختتمت أول من أمس، برعاية الأمم المتحدة وبمشاركة روسيا وإيران وتركيا.
مع ذلك يُمكن القول إن ما تحقّق يمثّل تطوراً إيجابياً مادام الطرفان قد تعهّدا بوقف اطلاق النار في ما بينهما.. هذا يعني وقف عمليات القتل والتدمير الرهيبة التي تعيشها سوريا منذ ست سنوات. والمهم الآن تثبيت وقف اطلاق النار لتوفير بيئة مناسبة أكثر لجولة أخرى من المباحثات يُمكن أن تكون مباشرة هذه المرة أو في المرة التي تليها.
من النتائج الايجابية المهمة الأخرى أن الدول الأجنبية الثلاث المتورطة في الصراع المسلح السوري الداخلي قد توافقت في نهاية المباحثات، بحسب ما أكد البيان الختامي، على عدم القدرة على حلّ النزاع السوري عسكرياً، أي ان الخيار الوحيد للحل هو سلمي. وهذه نتيجة مهمة للغاية من شأنها ردع النظام السوري وحليفتيه، إيران وروسيا، عن التعويل على الحل العسكري ومواصلة الحرب العبثية.
هل يمكن رؤية ظلّ عراقي لمباحثات أستانة السورية؟.. بمعنى: هل يمكن تصور مباحثات عراقية - عراقية على غرار المباحثات السورية – السورية في العاصمة الكازاخستانية، إن في أستانة نفسها أو في سواها من مدن العالم؟
لا أظن، فالقضيتان، العراقية والسورية، مختلفتان وإنْ بدتا متشابهتين في الشكل وفي المضمون.
في سوريا الحكومة واحدة موحدة، وهو أمر غير قائم لدينا هنا في العراق، فالحكومة، والدولة عموماً، غير موحّدة، والواقع أن ما لدينا شبه حكومة في شبه دولة .. في حكومتنا وفي دولتنا توجد قوى هي جزء من هذه الحكومة وهذه الدولة لكنّها تتخذ وتلتزم موقف المعارضة، بل ان لبعضها علاقات وثيقة مع "المعارضة" المسلحة وغير المسلحة، بما فيها داعش وحزب البعث المحظور إجراء أي مباحثات معهما.
من جانب آخر ليس هناك وضوح في مسألة المعارضة التي يُمكن التفاوض معها للتوصل إلى حل سلمي للنزاع العراقي – العراقي.  الأطراف الرئيسة في العملية السياسية، وبخاصة الأحزاب الإسلامية الشيعية، ترفض كل إمكانية لحوار، وبالتالي مصالحة، ليس فقط مع داعش وحزب البعث، وإنما أيضاً مع "كل من تلطّخت أيديهم بدماء العراقيين".. مَنْ هم هؤلاء غير داعش، وقبله القاعدة، وحزب البعث؟ .. لا أحد يفصح عما في باله على هذا الصعيد. كما ليس واضحاً ما إذا كان تعبير "من تلطخت أيديهم بدماء العراقيين" يُمكن أن ينسحب على الميليشيات.
مرة أخرى وأخرى وأخرى، المشكلة في العراق ليست قائمة بين فريق الحكومة، أو الدولة، وفريق المعارضة، كما في سوريا. المشكلة الحقيقية في العراق هي بين فريقين في الحكومة والدولة، جماعات الإسلام السياسي الشيعي ونظيرتها السنّية، فضلاً عن المشاكل في ما بين هذه الجماعات كلاً على حدة.
حلّ هذه المشكلة لا يكون في أستانة ولا في طهران أو اسطنبول او الرياض او عمّان او الكويت أو سواها .. الحل يكون في مدينة عراقية، العاصمة بغداد بالذات، فإذا ما نزل كلّ من الفريقين من بغلته، كما يقول المثل الشعبي العراقي، سيمُكن حلّ المشكلة العراقية ووقف عمليات القتل والتدمير الرهيبة الجارية هنا أيضاً للعام الرابع عشر على التوالي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram