TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شكراً للترخيص الآسيوي

شكراً للترخيص الآسيوي

نشر في: 27 يناير, 2017: 09:01 م

يبدو أن طموح تطوير الكرة العراقية لا يراد له أن يكون بصناعة وفكر محلي بحت يواكب ركب الدول المتطورة ويضع الموهبة الكروية والسيل الهادر من حناجر المشجعين الفريدة من نوعها الساندة لها على سكة التنافس وحصد البطولات بجدارة وثقة بعيداً عن ضربات الحظ وفورة التحدّي التي كانت إحدى أسرار التفوق على المستوى الخارجي حينما غابت الرؤية والتشخيص الصحيح  المتمثل بإصلاح القلب النابض لجسد الكرة ألا وهو الأندية.
الحقيقة المرّة أن أنديتنا ومنذ تأسيسها لا تمتلك الهوية المستقلّة وظلّت تدور تحت جناح المؤسسات التابعة لها وتتلقى الأموال والمساعدات وتذهب بها نحو الإنفاق غير المسترد فأصبحت منظومة استهلاكية غير منتجة وواجهة  رصيدها حجم  الجماهير العاشقة لها وما تحققه من بطولات، وترتبط قدرتها المالية بنوع العلاقة مع الجهة المموّلة فتراها في بحبوحة وترف مالي في أوقات معينة ، وفي أحيان كثيرة تركن نحو المجاهرة بخواء خزينتها.
إن فرض واقع عدم امتلاك البنية التحتية من ملاعب للأندية أمر غاب عن الكثير من المتابعين عندما فاتت على العراق فرص تضييف البطولات الآسيوية وحتى العربية المهمة  منذ سنوات طويلة باستثناء دورة الخليج العربي الخامسة عام 1979 التي تكفّل بها ملعب الشعب وتحمّل جميع مبارياتها من دون أن تكون هناك بدائل له ، بينما اصبح الحصار الكروي هو الذريعة التي يلجأ اليها القائمون على شؤون الرياضة في تبرير عدم احتضان الملاعب العراقية للمسابقات الدولية.
وبعد أن سقطت إرادة التغيير طيلة السنوات الماضية فإن الفرج جاءَ أخيراً بقرار خارجي مُلزم بعد أن اصدر الاتحاد الآسيوي تعليمات صارمة تتمثل في شرط استحصال كافة الأندية الآسيوية على تراخيص من اللجان المختصة للسماح لها في الاشتراك في الدوريات المحلية والبطولات الخارجية وتمنح تلك التراخيص على اسس امتلاك الأندية لملاعب صالحة مجهّزة بوسائل الأمان من أجهزة إطفاء ومنافذ خاصة لدخول اللاعبين وأخرى للجماهير إضافة الى حساب مالي خاص وتطبيق نظام الاحتراف المعمول به في جميع الدوريات العالمية وبخلافه فإن الاتحاد المحلي سيتعرّض الى عقوبات من قبل الاتحاد الدولي في حالة اشراكه أي فريق لا يمتلك الرخصة الآسيوية ويتحوّل الدوري العام الى دوري هواة !
من الإنصاف القول أن الصحافة الرياضية ورجال من النخبة المتميزة لم يبخلوا في توجيه النصح وإبداء المشورة وعرض الحلول بانتشال الواقع الكروي الحالي من براثن التخلّف والروتين ، وذهبت أغلب الآراء نحو إصلاح القاعدة الأساسية المتمثلة في الارتقاء بواقع الأندية وتحفيزها نحو بناء نظام متكامل لوجودها من ملاعب لائقة ومنشآت رياضية والتحرر من قيود التمويل عبر الانطلاق نحو الاعتماد الذاتي وتنويع مصادر الدخل والدخول في عالم الاستثمار الذي أصبح العصب الرئيسي الذي تعتمد عليه أندية العالم في تدوير أموالها وضمان ابتعادها عن مناطق الإفلاس والتسوّل.
لا مفرّ الآن أمام الجهات ذات العلاقة واتحاد الكرة والأندية التي تقاعست عن النهوض بدورها في بناء وجودها المعنوي والمادي وتثبيت جذورها بأرض صلبة يتيح لها امتلاك قرارها وتسيير أمورها باحترافية وحرفنة مهنية إلا الإسراع في إنقاذ تاريخها ومعه تأريخ الكرة العراقية والعمل في تطبيق الشروط الآسيوية من دون التفكير في الالتفاف وترضية اللجان أو فرض اشتراكها بقوة التأثير والعلاقات،  وبالمقابل فإن الاتحاد الآسيوي أسهم في رفع الحرج ربما من حيث لا يدري عن اتحاد الكرة عندما أزاح عن كاهله حل أحجية عدد الفرق التي يسمح لها بالاشتراك في الدوري الممتاز، والضغوط التي تعرّض لها فرضـت اشتراك اندية لا تمتلك سوى فريق كروي وملاعب شعبية قاحلة.
باتت الكرة اليوم في ملعبنا بين استثمار الوقت والجهد والانطلاق نحو التطوّر والتمسّك بهبة الدفعة التحفيزية الآسيوية المُلزمة ، وبين القبول بالواقع الحالي ومحو هيبة الكرة العراقية عبر الرضوخ بإرادتنا ليتحوّل دورينا الى هواة !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram