المظهر الخارجي للمسؤول العربي بالعقال والدشداشة والعباءة ترك انطباعاً لدى الغربيين بأن صاحب هذا الزي من تجار البترول، ترسخ الانطباع في أذهان الأوروبيين منذ عشرات السنين ، مع نظرة حسد الى شعوب المنطقة العربية بوصفها تمتلك ثروة نفطية هائلة .
الأنظمة العربية الغنية بالنفط لم تستثمر ثرواتها في تحقيق التنمية الا باستثناءات قليلة جدا ، بعضها انشغل بالقضايا القومية والأمن الداخلي فبدد الأموال بشراء الأسلحة ، وخوض حروب بالنيابة ،فيما دعمت أنظمة أخرى جماعات مسلحة متطرفة لاستخدامها أدوات في صراعها مع دول أخرى ، لكن سرعان ما تحولت تلك الجماعات الى مصدر يهدد أمن الكرة الأرضية ، فطرأ تغيير على الانطباع الغربي السابق ألغى الصورة القديمة للعربي ، وحل بديلها الجديد متمثلاً بشخص يرتدي الملابس السود أطلق لحيته الكثّة ليثير الرعب في نفوس من يراه ، هذا النموذج تناوله رسامو الكاريكاتير العرب والأجانب لاختزال شكل الإرهابي .
الكاريكاتير المصري في أربعينات القرن الماضي كان يظهر المسؤولين المتنفذين يرتدون الطرابيش بكروش كبيرة متدلية دلالة الصحة من أكل الفراخ والزغاليل طيور الحمام ، الباشوات وقتذاك جعلوا المصريين من افقر شعوب المنطقة العربية ، وبعد سيطرة العسكر على السلطة ، مع انفتاح على المعسكر الاشتراكي ، لم يتغير الحال ، باستثناء ارتفاع الحماسة الثورية مع رفع شعار تحقيق الوحدة العربية الشاملة .
طبقاً لتقارير البنك الدولي تعد مصر أكبر الدول العربية من حيث عدد السكان، تزيد نسبة الفقر فيها على خمسة وعشرين بالمئة، ، أما في العراق صاحب الثروات النفطية فارتفعت نسبة الفقر بعد عام 2014 وبلغت اكثر من 30% بحسب بيانات وزارة التخطيط ، مع تراجع ملحوظ في مؤشر تحقيق التنمية الاقتصادية . الحكومات المتعاقبة لم تستفد من الوفرة المالية خلال سنوات ارتفاع اسعار النفط في تطوير قطاع الاستثمار وتشجيع القطاع الخاص فأدى ذلك الى الدخول في نفق الأزمة المالية التي ألقت بتداعياتها البشعة على الأوضاع الاجتماعية ، حتى بلغ عدد العراقيين تحت خط الفقر اكثر من سبعة ملايين مع احتمال الزيادة لعجز الحكومة عن اعمار المدن المحررة من سيطرة تنظيم داعش .
في إحدى خطب صلاة الجمعة بمحافظة كربلاء، حمّل وكيل المرجعية الدينية في النجف السيد أحمد الصافي الحكومات العراقية المتعاقبة بعد الإطاحة بالنظام السابق مسؤولية إفقار العراقيين. وقال إن "الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق ، أهدرت الأموال والموارد ، ولم تستثمرها في خدمة الشعب ، الوضع الاقتصادي يهدد حياة المواطنين لغياب الخطط الاقتصادية وعدم مكافحة الفساد"، مشدداً على ان الشعب :"يستحق من الذين يتصدون لإدارة البلد ان يسخّروا كل امكاناتهم لبنائه ".
العراقيون يعرفون من تصدى لمسؤولية رئاسة الحكومات المتعاقبة فاطلقوا شعار "باسم الدين باكونا الحرامية"، نظّموا تظاهرات احتجاجية في محاولة لمخاطبة اصحاب الضمائر لإنقاذ العراق من مشكلاته السياسية والاقتصادية ، لكن الباشوات الجدد انشغلوا بخلافاتهم وجعلوا الصراع للوصول الى السلطة منهجم الثابت ، على طريقة الباشا الراحل حين منح عشرة دنانير لثلاثة من مرافقيه لشراء إحذية جديدة والتخلي عن النِّعل "الكيوات" لكي يكون مظهرهم لائقاً أمام خصومه.
باشوات العراق
[post-views]
نشر في: 27 يناير, 2017: 09:01 م