adnan.h@almadapaper.net
انضمّ الزميل باسم الشيخ، رئيس تحرير صحيفة "الدستور" البغدادية وصاحب امتيازها، إلى الرافعين أصواتهم عالياً في وجه الخراب المريع على الساحة الصحافية والإعلامية التي صار يصول فيها ويجول أميّون لا يجيدون أي شيء ماخلا الارتزاق.
معنوناً افتتاحيته المنشورة في عدد الخميس الماضي بـ "احموا الصحافة والإعلام من الدخلاء"، استهلّ الزميل الشيخ كلامه بجملة غاضبة قال فيها :"كيف لي أن احتفظ بهدوئي وحصافتي وكياستي وأنا أرقب هذا الكمّ الهائل من خراب لا يوازيه خراب آخر في أغلب مفاصل حياتنا التي يهدّدها الجهلة والطارئون وأنصاف الكفاءة وأدعياؤها حتى وصل التطاول على شرف صاحبة الجلالة صحافتنا وقرينها الإعلام بكل أنواعه".
بقية المقالة تناولت بعضاً من الظاهرات الوبائية التي ضربت عرش صاحبة الجلالة في بلادنا ومرّغته بنفايات الفساد الإداري والمالي والأخلاقي وفتحت بوابات بلاطها لـ "مَنْ هبّ ودبّ" فازدحمت أروقته بـ "دكاكين، بل بسطيّات تعرض سلعاً لا تصلح للعمل الإعلامي، رفعت يافطات كبيرة، شاركت في ترهّل الجسم الصحافي، فصارت الهوية الصحافية لا قيمة لها بعد أن حملها كثيرون لا يمتّون للمهنة بصلة، حصلوا عليها بلا ضوابط ولا معايير ولا مؤهلات غير أنهم قادرون على دفع رسوم شرائها...".
مَنْ يتعيّن أن يُلام عن هذا وعن غيره مما جعل من مهنتنا الجليلة الشريفة فرعاً من فروع مهنتي السمسرة والدعارة؟
ليس الفاسدون مَنْ يتوجّب لومهم عن فسادهم، فالفساد مهنتهم، والفساد وطنهم.
دولتنا هي الملوم، إذ تبسط أيديها كل البسط للفاسدين، المحتالين الأفّاقين .. تدفع لهم المال بلا حساب، وتمكنّهم من السلطة والنفوذ من دون ضوابط وروابط.
وراء انتشار هذه الظاهرات المشينة في الوسط الصحافي والإعلامي يكمن العطاء الباذخ من جانب أجهزة ومسؤولين في الدولة يستثمرون في منظمات لا شغل لها سوى الدعاية الظاهرة والباطنة لهذه الأجهزة وهؤلاء المسؤولين وشنّ حملات منحطّة في لغتها وأساليبها ووسائلها للتسقيط السياسي والأخلاقي في حقّ الواقفين في وجه الفساد والفاسدين من المسؤولين غير الفاسدين والسياسيين والإعلاميين الوطنيين.
علينا أن نلوم مجلس النواب الذي يشرعن دفع الأموال للمنظمات و"النقابات" الفاسدة، ولا يقوم بواجبه في مراقبة أوجه الصرف لهذه الأموال.
علينا أن نلوم الحكومة لأنها تدفع من مال الشعب لهذه المنظمات و"النقابات" من دون تحفظ أو اعتراض، استناداً إلى قوانين من عهد صدام!
علينا أن نلوم ديوان الرقابة المالية الذي لا يراقب النشاطات المالية لهذه المنظمات و"النقابات".
وعلينا أن نلوم هيئة النزاهة التي لا تتقصّى أوضاع هذه المنظمات و"النقابات"، برغم ما يُنشر عن عدم النزاهة في تصرفاتها المالية.
لا لوم على الفاسدين عن فسادهم .. اللوم على رعاة الفساد والفاسدين من داخل دولتنا، واللوم على أجهزة الدولة المكلّفة بمكافحة الفساد.. واللوم على الصحافيين والإعلاميين الذين لا يعملون، أو في الأقل يرفعون الصوت عالياً، لحماية مهنتنا من الدخلاء.