TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > رجولة.. وغيرة

رجولة.. وغيرة

نشر في: 30 يناير, 2017: 09:01 م

من بين ردود الأفعال الشبابية على واقعنا الحافل بالسلبيات والمثالب إطلاق عدد من الشباب في محافظة واسط شواربهم وتشكيل تجمع أطلقوا عليه ( أبو الغيرة ) هدفه مساعدة الآخرين ..لابد ان نواياهم الحسنة كانت وراء مثل هذه الخطوة برغم تأكيدهم على ان الشوارب هي رمز الرجولة والغيرة وهذا امر لا يمكن تعميمه فالرجولة مواقف كما تعلمنا والغيرة سلوك قد يصدر من امرأة أو رجل ازاء فعل يستثير أحاسيس المرء ويتطلب منه موقفا ايجابيا وحاسما..
في الايام القليلة الفائتة ، شهدنا احداثا خطيرة تتطلب اتخاذ مواقف حاسمة و(رجولية ) كالتنازل عن ميناء خور    عبدالله للكويت ومنع دخول اللاجئين العراقيين الى الولايات المتحدة بناءً على قرار الرئيس الامريكي الجديد دونالد ترامب وغير ذلك من الاحداث المحلية العديدة كبناء الأسوار وحفر الأنفاق حول بغداد والمحافظات وتكرار حوادث الاختطاف الفردي والجماعي وخروج مناطق جنوبية من تحت سلطة القانون لتتحكم بها العشائر وتمارس فيها نزاعات عشائرية تستخدم فيها مختلف الاسلحة ويسقط فيها قتلى وجرحى ..وبرغم ان هذه الاحداث استحقت مساحة كبيرة من اهتمام الاعلام الغربي والعربي وامتلأت بتداعياتها صفحات التواصل الاجتماعي الا ان ردود الفعل السياسية العراقية ضدها افتقرت غالبا الى ( الرجولة ) وغابت عنها ( الغيرة ) ، لدرجة ان بعض المدونين طالبوا السياسيين العراقيين بألا يعبروا عن آرائهم بقرار ترامب أو يستخدموا قضية خور عبدالله كورقة انتخابية فقد اتقنوا فن الصمت طوال سنوات وهم يشهدون تسرب اراضيهم وبيعها الى دول الجوار ، وانتهجوا سياسة ( الهدوء ) وهم يحتلون الرقم الابرز في قائمة الدول الارهابية لدى ترامب ، واختاروا طريق التراشق بالتهم والشجار على شاشات الفضائيات وهم يناقشون قضايا بلدهم الساخنة ، وسلكوا طريق الفساد وهم يفكرون بتغليب مصالحهم الشخصية على هم الوطن ..
ربما يجد رئيس الوزراء حيدر العبادي في اطلاق رد فعل غاضب ضد قرار ترامب نوعا من التسرع فهو مقيد حاليا بين اعتباره رجل دولة يسير بالبلد الى الطريق الصحيح بعد تحرير الساحل الايسر من الموصل ودعوته الى حصر السلاح بيد الدولة وفرض القانون على الجميع وما يتطلبه ذلك من (تسليك) العلاقات مع الجانب الامريكي لاستكمال تحرير الجانب الايمن وطرد عصابات داعش نهائيا ، وبين تلبية النداء العراقي بايجاد حكومة قوية وقادرة على مواجهة كل ما يهدد كيان البلد من خارجه وفي داخله وما قد يحط من كرامته ويقلل من هيبته ، لكن الخيار الثاني لابد وان يكون هو الارجح ، فاذا كان ترامب قد استخدم اسلوبا جديدا في اظهار قوته للعالم فمن الواجب على من هو عون له في العراق ان يكون ندا له وأن يظهر له قوته ايضا ليحظى باحترامه واحترام الشعب العراقي والعالم ، لذا كان على العبادي ان يتخذ خطوات جريئة ليقول لترامب ان العراق يقاتل الارهاب بدلا عن العالم وانه قادر على التخلي عن دعم امريكا وطرد رعاياها مالم تحترم كيانه وحرية ابنائه ..
يقول ونستون تشرشل ان (كل شعب في العالم ينال الحكومة التي يستحقها ) فهل يستحق الشعب العراقي حكومة ضعيفة عاجزة عن حمايته ورفع شأنه ، أم سيكتشف يوما ان سياسة الهدوء وعدم مناصبة العداء لمن يبادر به هو الاسلوب الأمثل ليكون العبادي رجل الدولة الذي يقودها بالاتجاه الصحيح ؟! ربما ستكشف لنا الايام المقبلة ان كان لدينا فسحة من الأمل بالمستقبل او سنجد اننا نعيش في (وهم ) كبير اسمه ( السيادة الوطنية ).

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram