لا نعرف ما سرّ تلك الحساسية المفرطة لبعض العاملين في مفاصل رياضية قيادية مِن كشف المستور المتعلّق بأعمال تطوّعية أكدت عليها المواثيق الدولية ويفترض أنها تخدم الرياضيين الذين جاءوا من أجلهم وليس العكس، لكنها تفضح خروقهم القانونية والإدارية وتضع تصرّفهم مع المال الحكومي تحت بند "الشبهات" ، فإذا كانت الحقيقة غير ذلك لِمَ هذا الصمتْ والانزواء بعيداً عن وسائل الإعلام؟
الهروب إلى الأمام أمر مضحك ، والمكابرة الفارغة لن تضيف للشخصية إلا مزيداً من اللغط والتشكيك حول سلوكها غير السويّ في عدم المواجهة أو تبنّي طروحات واقعية تدحض الاتهامات وتعزّز ثقة الشارع الرياضي بسلامة جميع الإجراءات المتخذة في المفصل القيادي المعني.
أنه لأمر خطير أن تسكت مؤسسة كبيرة مسؤولة عن شريحة متنوعة من الرياضيين ولا تصارح الإعلام بما يدور في خفاء مكاتبها ، وكأنها تريد أن تُعلِم الجميع بعدم أباليتها لما يُكتب أو يُنقل على لسان مسؤولين عن مراقبتها وتشريع قوانينها ، وكذلك تحاول أن توهم المتابعين بحرصها على الشراكة في صناعة القرار داخل مكتبها بينما تمارس التغطية على خروق المتكاسلين وتفضّل مصالح العلاقات بين الأعضاء فوق مصلحة الرياضة بمفهوم التستّر المتبادل ( أسكُت تسلم .. تتكلم أفضحك ) وإلا لم يكن الهدف من إنشاء اللجان أو الاتحادات أو الكيانات أو المؤسسات لبلورة فكرة التعايش المنزلي الذي غالباً ما تتحكم بأفراده العواطف حتى لو بلغت إساءة أحدهم أن يعرّض العائلة إلى تهديد خارجي ، بينما التعايش داخل المؤسسة أمر يخضع للضوابط واللوائح والقوانين والالتزام بسياسة البلد أمام مؤسسات دولية كبيرة قادرة أن تشلّ حركة الرياضة وتحجب المشاركة الخارجية وتفرض حظراً لا نهاية له ، كل ذلك نتيجة سوء تصرّف رئيس المؤسسة وخشيته من استخدام سلطته في تصحيح الانحراف وإنهاء طغيان الأفراد والتكتّل لمنافع شخصية.
كيف يعرّض مسؤول نفسه إلى النقد اللاذع وسط مجالس الرياضيين الخاصة عندما يؤكد في أكثر من تصريح أن عمل مؤسسته شفاف وعادل وتسير أعمالها بشكل جمعي من دون ضغوط ، وما أن يخرج رقيب متخصص في تقييم الأداء وحركة المال حتى يفضح للملأ ( البير وغطاه ) فماذا سيكون موقفه ، هل يتمكن من رفع رأسه أو النظر بقوة في عيون الآخرين ؟! يقيناً أنه لا يستحي وجلده يتحمّل سياط النقد إيماناً بثقة زائفة أن عيون الآخرين هي من (تنكسر ) أمام ألمعيته وتظاهره بالتواضع !
صراحة ، لسنا في موضع الدفاع عن زملائنا عمّا يكتبون أو يقدمون الأجرأ من وجبات إعلامية ساخنة ، فالحق أنهم يطاردون الحقيقة ويعرّضون أنفسهم إلى مخاطر كثيرة ربما تهدّد حياة بعضهم بسبب المكاشفة بمعلومات تسهّل عمل القضاء للحكم في ملف مؤجّل لينال السارق أو المرتشي الجزاء العادل ، وليست هذه المناشدة الأولى لقيادات الرياضة ، بل سبقتها العشرات على حسن الظن بدوافع الإعلامي والتعاون معه بلا حدود من أجل تشذيب العناصر السيئة وإبعادهم عن الساحة مهما كانت حجومهم العلمية والمهنية طالما أنهم غير جديرين بحجز مقاعدهم ، فيما غيرهم يعاني التهميش والإهمال وهم أهل للمهمة.
ومع مؤشرات بطء اتخاذ القرارات الحاسمة لملفات معروضة أمام القضاء والنزاهة منذ سنوات خلت لأسباب لم يفصح عنها الكثير من المعنيين بشؤون الرياضة في السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية ، نطالب مجلس القضاء الأعلى والادعاء العام وهيئة النزاهة بالكشف عن الملفات التي فيها شبهات فساد واكتسبت القرار البات لمسؤولي الرياضة أو الرياضيين وأرسلت ملفاتهم الى المحاكم الجزائية المختصة مع اعطاء احصائيات وتفاصيل عن الملفات المحالة من الجهات الرقابية وغير المحسومة في أمور مختلفة ذات العلاقة بالعمل الرياضي لردع كل من تسوّل له نفسه التلاعب بالمال وارتكاب جريمة التزوير وشراء الذمم ، والمحافظة على سمعة الرياضة من أدعياء العفة والوطنية.
مستور النزاهة
[post-views]
نشر في: 31 يناير, 2017: 04:30 م