الأربعاء، 9 إبريل 2025

℃ 24
الرئيسية > أعمدة واراء > في التربية الديمقراطية

في التربية الديمقراطية

نشر في: 6 فبراير, 2017: 09:01 م

منذ طفولة الديمقراطية، مفهوماً ومؤسسةً، والحوار لم ينقطع بشأن العناصر الأبرز لهذا المبدأ الحديث في حياة الناس والدول، ولم يتوقف الجدل بشأنها حتى اليوم.
رُغم جاذبية الفكرة وإغراء الأحلام البشرية بضرورتها، وأهمية البحث في تلك العناصر والأسس مثل: المساواة والحريّة وقوننة الحقوق والواجبات وصولاً إلى "مؤسسة المواطنة" حارسة لحقوق الجميع من غدر الجميع ورقيبة دستورية على واجبات الجميع على الجميع. من بين الأسئلة الأكثر إلحاحاً على عقول الفلاسفة والكتاب والمهتمين بمعضلة الديمقراطية هو حال الناخب الثقافية ومؤهلاته السياسية وعدته التربوية والسيكولوجية وهو يتوجه إلى صندوق الاقتراع، باعتباره "الصندوق الأسود" الذي يضم أسرار الحدث وآخر ما توصلت إليه أجهزة التسجيل من ملابسات واضطرابات وأحلام مديدة بحياة أقل خسائر وأكثر خدمات وأفضل ما يمكن تحقيقه على أيدي "نواب الشعب". انبثقت الفكرة منذ القرن السابع عشر ونمت و"ترعرعت" عبر حروب ومعارك سالت فيها دماء ومحابر كثيرة، وصراعات حربية أو سلمية، حتى بلغت شكلها الأخير: انتخابات سرية، حرة، يكون فيها المواطن وحيداً، خلف باب أو ستار، وليس معه سوى خياره الواعي وضميره الحي وشعوره بالمسؤولية إزاء بلده ومستقبل أولاده، ومجتمعه بأسره. هذا المواطن هو "بيضة القبان" كما يقال، حيث يشكل، مع بقية أقرانه الناخبين، الحياة المقبلة لمجمل البلد، على ما قيل، إيضاً بأن الديمقراطية أفضل أسلوب للحكم وتداول السلطة سلمياً، على نواقصها. السؤال، هنا والآن، هو من هو هذا المواطن الذي يتوقف عليه بناء مستقبل الشعب والوطن؟
باختصار، فإن مواطناً جاهلاً، يفتقر الحد الأدنى من التربية الديمقراطية لا يعوّل عليه في أداء دوره المنشود باختيار ممثله البرلماني، مواطناً بلغ الثمانين من عمره، مثلاً، لم يضع ورقة انتخاب في "الصندوق الأسود" طيلة حياته!
مواطناً سليل الحروب والانقلابات العسكرية وأقبية التعذيب والجوع والصمت والإقصاء، لا يعرف الخيط الأبيض من الأسود، مثقل بأوزار ثقافة الخوف والولاء والخنوع والخضوع لما شاعت تسميته بـ "الهويات الفرعية" بالضد من الهوية الوطنية، يمارس حقّاً دستورياً وواجباً أخلاقياً (على الأقل) وهو يجهل أبسط مشاعر المواطن المسؤول حتى عن مستقبل أطفاله وأمن عائلته وتدبير مسارهم الاجتماعي والتربوي والعلمي والثقافي، لأنه، ببساطة، مواطن أمي. أتحدث عن الأغلبية. أسهمت مقالات وتعليقات وردود أفعال أبداها مواطنون عاديون في إغناء تجربة بلدهم (فرنسا مثلاً) عبر حماس يسميه بيار روزانڤالان (*) "الحماس الديموتربوي" نحتاً من "الديمقراطي التربوي" أسهموا "بدءاً بأستاذ السوربون وانتهاء بالجندي البسيط" حماس مثّل "الإفصاح عن الدعوة للربط بين حق الانتخاب وواجب الثقافة". كان هذا مطلع القرن المنصرم، تحديداً عام 1908. يضيف روزانڤالان: "ارتبط الأمر التربوي أثناء الثورة (الفرنسية) بحلم بناء الإنسان الجديد، المتلائم مع حلم المدينة المتجددة التي يراد بناؤها" ويقتبس شعار فيلسوف فرنسي اسمه رابو سانت – إتيين "الذي أصبح لازمة كلام الخطط التربوية الوطنية الكبرى وهو شعار: يجب أن نجعل من الفرنسيين شعباً جديداً"..."الإنسان الجديد لا يعرف الأنانية، مخلص بالكامل للإرادة العامة، يتماثل وجوده تماماً مع سعادة الجماعة. إن هدف التربية هو تصحيح الطبيعة الإنسانية من أجل جعلها متناسبة مع هذا الطموح". ويذكر أيضاً أن فساد الناس يعود، كما عندنا في العراق، إلى إرث يتأتى من فساد الحكم المطلق.
سؤال ثانٍ: هل نهض علماؤنا ومفكرونا وأدباؤنا ومربونا بمسؤوليتهم عن وضع "الخطط التربوية الوطنية الكبرى" لصناعة شعب جديد؟.  
(*) بيار روزانڤالان، انتصار المواطن، ترجمة سليمان الرياشي، دراسات عراقية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

اتحاد الكرة يقرر تأجيل تسمية المدرب الجديد للمنتخب الوطني

وفد أمريكي تجاري من 101 عضو يمثل 60 شركة يصل العراق

كتائب حزب الله تنفي موافقتها على نزع سلاحها

واسط تعطل الدوام الرسمي الأربعاء المقبل

الحرس الثوري يفكك خلية تابعة لداعش خططت لعمليات انتحارية

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

قناطر: الزبير والمُستزْبِرون

العمود الثامن: من يحاسب ضباط الداخلية ؟

التحدي الوجودي للمشرق العربي

هلال العيد.. جدل متجدد بين الفقه والعلم وثقافة الاختلاف

قناديل: خسر كوبولا ملايينه. هل ربح نفسه؟

العمود الثامن: في ذكرى غاندي

 علي حسين بالتأكيد أنت مثلي تابعت ما يجري في بلاد الرافدين، وكيف يتفاخر نوابنا "الاشاوس" بتأسيس بلدان على مقاساتهم ، بل وذهب الخيال باحدهم بان اخبرنا ان العراق مالتنا، مثلما ظهر علينا يزن...
علي حسين

باليت المدى: منظمة تحقيق الأمنيات

 ستار كاووش تختلف أمنيات الناس بإختلاف ثقافاتهم وأماكن وجودهم والطريقة التي يعيشون بها، فمنهم من يتمنى الثراء، وآخر يبتغي الرفاهية والعيش بسلام، وهناك من يَتوق الى الحرية الشخصية التي يفتقدها، وغيرهم يتمنى السفر...
ستار كاووش

من يونيتاد الى المحكمة الجنائية الدولية..العدالة الدولية تحت المطرقة

حسن الجنابي (الجزءالاول) عيّن الأمين العام أنطونيو غوتيريش القاضي كريم خان مستشاراً خاصاً، ورئيساً للفريق المعني بالتحقيق في جرائم داعش في العراق والمعروف بالاسم المختصر يونيتاد (UNITAD) وهوالقاضي كريم هو مواطن بريطاني من أصول...
حسن الجنابي

الاحتجاجات الشعبية الأخيرة في أميركا: أزمة هوية سياسية وإعادة تشكيل العلاقة بين الدولة والمواطن

محمد علي الحيدري في الخامس من أبريل 2025، تحولت شوارع أميركا إلى ساحات لاحتجاجات واسعة، انطلقت من نيويورك إلى لوس أنجلوس، حيث هتف المتظاهرون ضد السياسات الاقتصادية والإدارية التي يتبناها الرئيس دونالد ترامب. ومع...
محمد علي الحيدري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram