كلاسيكو لقاء ناديي الزوراء والقوة الجوية الذي انتهى بهدف واحد لكل منهما ضرب رقماً قياسياً في حجم الحضور الجماهيري المرعب الذي أذهل كل مشاهدي القنوات الناقلة وأكد بما لايقبل الشك ان الكرة العراقية كانت وماتزال تمثل العمق التاريخي الحقيقي لكرة المنطقة العربية ومايجاورها، تساندها جماهير لاتحد شغفها ومحبتها حدود.
المباراة كانت مثيرة بأحداثها..رائعة بأجوائها ...سحبت البساط من تحت أقدام مروّجي اسطوانة الوضع الأمني المتأزم وتأثيره على إقامة المباريات في ملاعب بغداد والمحافظات ومايتبعها من توجس قد يدفع الجماهير الى العزوف عن التواجد الكثيف خوفاً من أحداث عنف او هجمات إرهابية، إلا أن الرد كان مدوياً حين غصّت المدرجات وكل أركان الملعب بحضور غير مسبوق منذ سنوات طوال.
الحدث الكروي كان مهيأً لأن يكون رسالة شديدة الدقة والوضوح توجَّه الى الاتحاد الدولي بتوفر كل وسائل الأمن والأمان لرفع الحصار عن ملاعبنا، إلا أن القائمين على التنظيم كانوا خارج أجواء المسؤولية عندما اخفقوا في تقدير خطورة تجاوز أعداد الحضور الجماهيري أكثر من القدرة الاستيعابية للملعب ما تسبب في تواجدهم حول المستطيل الأخضر وقرب دكة البدلاء في مشهد فوضي يحبس الأنفاس وينذر بحدوث كارثة حقيقية في حالة حصول أي تماس بين مشجعي الفريقين ،خاصة وان اللقاء كان يتجه نحو التوتر لحساسية الديربي وكثرة اعتراضات اللاعبين .
سقطة أخرى تضرب كيان اتحاد الكرة وقدرته على ضبط عملياته التنظيمية دون الاعتماد على المتعهدين وترك التفاصيل الإدارية تتلاعب بها أيدٍ غير محترفة لاتدرك اهمية تلك المناسبات في أن تظهر بقمة الانضباط لتكون ورقة ضغط تساعد بالإسراع لرفع الحظر وعودة الحياة لكل ملاعب العراق..لكن ملامح الجشع المادي ومحاولة جمع أموال من بيع التذاكر كانت على مايبدو اكثر سطوة وتأثيراً من الانتصار لقضية وطن ينتظر قرار فك الأَسر عن ملاعبه.
لابد ،بعد ان تناقلت وسائل الإعلام والقنوات الفضائية مشاهد دخول الجماهير لأرضية الملعب وتعرض اللاعبين الى خطر الاعتداء، من تحميل كل الجهات المعنية بكل مسمياتها وادوارها المفترضة مسؤولية الفشل التنظيمي وافساد فرحة الاستجابة الجماهيرية التي لبت نداء التواجد والمؤازرة، وبدلاً من ان نستثمر ذلك بذكاء وحرص عالٍ ونجبر رئيس الاتحاد الدولي على متابعة شريط المباراة للاسراع في ارسال لجان الفحص والتقييم، بات الجميع يخشى عواقب ان تكون النتائج عكسية وتقضي على كل الجهود التي بذلت في دراما رفع الحظر.
باختصار...المعضلة الحقيقية في بقاءالقيودِ على الكرة العراقية لاتتعلق بالجانب الأمني فقط..انما في خواء الفكر الاداري والتنظيمي من مقومات النجاح والإبداع ..ومازالت البدائية والاتكالية وقصر النظر والعشوائية هي من تمسك بخيوط العمل وتديره .. الأمر الذي يتطلب ان تتدخل اللجنة الاولمبية ووزارة الشباب والرياضة في ايقاف نزيف الثقة بقدراتنا في ادارة وتسيير شؤون الكرة.وان لايمر ماجرى دون ان تشكل لجنة تحقيقية محايدة تشخص الأسباب وتحدد المقصرين مهما كانت صفتهم الوظيفية وتضع ضواط جديدة ملزمة تساهم في خروج كل المباريات وخاصة الجماهيرية من اجواء الفوضى الى حيث رحاب المتعة والطمأنينة بعيدا عن اي خرق امني..متى ماتحقق ذلك سنجد ان الكلاسيكو المقبل ربما يحضره انفانتينو ورفاقه دون الحاجة للذهاب اليه لإقناعه برفع الحظر.
كلاسيكو حبس الأنفاس...!!
[post-views]
نشر في: 11 فبراير, 2017: 09:01 م