لماذا تمّت عرقلة تظاهرات السبت الفائت؟ لماذا انتهت بالفوضى وبقتل ثمانية شهداء وجرح المئات من المتظاهرين؟.. من كان وراء ضرب المتظاهرين بالغاز المسيّل للدموع ومن أطلق الصواريخ على المنطقة الخضراء؟ اسئلة ستظل إجاباتها تتخذ أشكالاً مختلفة، فكل جهة تحلل الأمور من وجهة نظرها، وتطرح أمام الشارع أجوبة غير مقنعة، لأنها ترتكن الى أهداف ومصالح وليس إلى حقائق صريحة...
يرى التيار المدني على سبيل المثال، أن ضرب التظاهرات هو ضرب للديمقراطية ونيّات الإصلاح لأن التظاهر السلمي، حق دستوري مكفول للمواطن وركن أساس من أركان الديمقراطية، مشدداً على أن، التظاهرات كانت سلمية وأن القوات الأمنية تعاونت مع المتظاهرين ولم تكن تنوي ضربهم.. ويرى التيار الصدري، أن الأحزاب الفاسدة هي التي تسعى الى عرقلة سعيه الى إزالة الفساد الانتخابي بمطالبته بإلغاء مفوضية الانتخابات القائمة على المحاصصة والطائفية، مشدداً أيضاً على أن تظاهراته كانت سلمية وأن هناك جهات اقليمية وراء ضرب المنطقة الخضراء...
من جهته، يتهم حزب الدعوة المتظاهرين بقصف المنطقة الخضراء محذراً من مؤامرات خارجية، ومؤكداً على وجود مسلحين بين المتظاهرين، في الوقت الذي يدعو فيه رئيس الوزراء الى الالتزام بالقانون لحماية المتظاهرين، ساعياً الى تشكيل لجنة تحقيقية للبحث عمن يقف وراء أحداث السبت، مع توجيه قيادة عمليات بغداد بالتنسيق مع العمليات المشتركة للقيام بحملات تفتيش واسعة لضبط الأسلحة وقاذفات الصواريخ ومصادرتها، أما أعضاء مجلس النواب، فاكتفى بعضهم بالصمت، وأطلق البعض الآخر تصريحات نارية، تؤكد حجم الخلاف القائم بين الكتل وانسحب صدام الآراء الى مواقع التواصل الاجتماعي و(كروبات) الإعلاميين والمثقفين فكلٌ يغني على ليلاه كما يحدث بعد كل حدث عراقي جديد..
في الجانب الآخر من الحدث، استقبلت ثماني عوائل جثث أولادها وهرعت عوائل أخرى الى المستشفيات لتطمئن على جرحاها، بينما انشغل عمال النظافة بتنظيف الدم المُراق في موقع الحدث، بعد أن انفضّت التظاهرات ولم يحصد المتظاهرون سوى فقدان أفراد منهم وجرح آخرين وإغلاق جسر الجمهورية لمنعهم من معاودة الكرّة..
ثمة أسئلة أخرى باتت تلح علينا بعد أن حفظنا ردود الفعل السياسية عن ظهر قلب فلن تفيدنا التصريحات أو الاتهامات المتبادلة ولا تشكيل اللجان ..نحن نتساءل فقط.. ماكان سيحدث لو لم تقمع التظاهرة؟..هل كانت هناك خشية من دخول المتظاهرين الى المنطقة الخضراء؟ وهل تستحق الدعوة الى إلغاء المفوضية التضحية بدماء عراقية جديدة وكلنا يعلم أن تغيير المفوضية لن يكون جذرياً كما دعا له زعيم التيار الصدري، بل ستتغير الوجوه بوجوه أخرى من نفس الأطياف والكتل، طالما أن مناخها العام مقسم على أسس المحاصصة والطائفية؟... وهل كان الأمر برمته مجرد استعراض جديد للقوة من جانب ومحاولة لتكريس الفوضى من جانب آخر ؟
ألا يتساءل رجال السياسة في العراق مثلنا عمن سيستفيد من افعالهم تلك؟ ألسنا نخوض حرباً مع أشرس عدو خارجي، ولدينا خلافات وتحديات وأطماع وتدخلات اقليمية...ألا تصبح مثل تلك الفرص سائغة للمزيد من التدخلات ونيل المصالح وتحقيق اهداف تعود بفائدتها على آخرين بينما يواصل المواطن العراقي التضحية بدمه حتى لو استخدم أكثر وسيلة سلمية في عصر الديمقراطية.. ودون أن يحصل على اجوبة شافية لتساؤلاته...
تساؤلات
[post-views]
نشر في: 13 فبراير, 2017: 09:01 م