كان البحث الذي أطلقه بيري بازوليني منتصف الستينيات بعنوان سينما الشعر هو الفكرة الأساسية التي بنى عليها الناقد عبد الكريم قادري كتابه (سينما الشعر.. جدلية اللغة والسيمولوجيا في السينما).. من خلال تحليله هذه النظرية الشهيرة التي تناول فيها امكانية إيجاد وخلق "لغة في السينما" عن طريق علم العلامات-الصورة او "السيميولوجيا" في السينما.
حرص قادري في كتابه الى دراسة جميع جوانب "اللغة في السينما" لتقديم فهم أفضل واسع لهذه النظرية وكان من الأنسب تقديم نظرة شاملة للعديد من الأفكار التي لها صلة بالنظرية وأولها بالطبع مع الفكر الماركسي او ما يُطلق عليه (علم الجمال الماركسي) الذي ولّد الكثير من المذاهب، والنظريات والحركات الأدبية والنقدية، التي أهمها البنيوية التي اختصت بالدراسات اللسانية، وبالتأكيد على رأسها "اللغة" التي تشكل محوراً أساسيا لها. وقد كان دي سوسير أهم دارسيها في بداية القرن العشرين الذي رسّخ فيما بعد "السينميولوجيا" التي باتت حجر الزاوية في "سينما الشعر".
ويرى الكتاب ان رولان بارت تناول هذه القضية بشيء من التحليل والتفسير، ليكون بارت أول مَن دعا الى (التحليل السيميولوجي للصورة) التي وضعها في كتابه (عناصر السيميولوجيا).
يركز (سينما الشعر) على بحث بازوليني بشيء من التحليل والمعالجة اضافة الى كتابة عدد من نُقاد السينما وكتّابها حول هذه النظرية، وخاصة كرستيان بيتز، وبيتر وولين، ورامبرتو ايكو.
قدّم المؤلف في كتابه العديد من المحطات التي مرَّ بها كل من المخرجين الذين ضمنهم بحث بازوليني، مع أفلامه السينمائية التي سيقت فتسير بعض الجوانب المظلمة والعصبة عن الفهم مقل فيلم (الصحراء الحمراء) لمايكل انجلو انتونيوني، و(قبل الثورة) لبرناردو برتلوتشي، وكذلك جان لوك غودام وتعميقاً للفهم تبع المؤلف مسار هؤلاء المخرجين وقدّم دراسة لأبرز محطاتهم الحياتية وأعمالهم السينمائية ومرجعيتهم الفكرية لتتكوّن لديه خلاصة عامة كانت عبارة عن دراسة مقارنة لهم.. ودعم ذلك بدراسة تحليلية اعتمد فيها على التحليل السيميولوجي كدراسة تطبيقية.
ويرى مؤلف الكتاب أن الحديث عن "سينما الشعر" ذو شجون.. وما كان بمقدورنا وضع نهاية لهذا البحث، من هنا يولي المؤلف المخرج الروسي الكبير أندريه تاركوفسكي الأهمية التي يستمق باعتباره من الاسماء التي شكّلت وعياً مهماً، وجسّدت مفهوم (سينما الشعر) ورغم أنه لم يفرد له فعلا في البحث وذلك لأسباب عديدة من بينها ان بازوليني لم يشر له من خلال بحثه (سينما الشعر) الذي أطلقه سنة 1965 وهو منطلق كتاب قادري نفسه، وخلال هذه الاعوام لم يكن تاركوفسكي يملك رصيداً كبيراً ولم يكِرس كمخرج كبير في السينما، اما السبب الآخر فيعود الى منهجية الكتاب ومحدوديته، لكن من الضروري التعمق في هذه القامة السينمائية، انصرف المؤلف الى التطرق لأهم افلامه التي جسّدت مفهوم (سينما الشعر) في أكمل صورة وهو فيلم (مرآة) الذي كان فيلما كاملا عن الذاكرة، والعالم الداخلي لشخصية من الشخصيات وذلك بناءً على الخاصية المتعلقة بالذاكرة والذي على أساسها يصنع فيلماً شيقاً للغاية يستحوذ على الانتباه، بحيث يدور حول افكار البطل وذكرياته وأحلامه، من دون ان يظهر هو على الإطلاق.
سينما الشعر
[post-views]
نشر في: 15 فبراير, 2017: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...