اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الجسدُ معنى للحرية

الجسدُ معنى للحرية

نشر في: 18 فبراير, 2017: 09:01 م

حين نتحدث عن الحرية، الحرية في مفهومها العام، والذي منه حرية المعتقد والجسد والملبس والكلام.. غالباً ما نواجه بالسؤال الغبي: اتقبل ذلك لأمك وأختك وابنتك؟ وكأننا نحيا خارج مجتمعاتنا، كأننا لم نكُ من نسيج القيم الاجتماعية هذه، لا أريد أنْ أبدوا واعظاً، لكنني اجد أنَّ القبول بجملة القيم هذه، هو الجوهر في مسألة الحرية، وامكانية مناقشة القيم هذه، ومعنى قبولنا بها، أو ماذا يعني البقاء عليها وما مدى أهميتها في حياتنا ومستقبل أجيالنا؟
  لست ممن يقولون بأهمية وأفضلية قيم ما في مجتمع ما، على قيم مجتمعات أخرى، أبداً، فلكل مجتمع قيمه وأعرافه وثقافته وطبيعة حياته وتراثه وما يعتقد ويؤمن، لكنني اعتقد بأنَّ فحص ومعرفة القيم والأعراف هذه، ومحاورة تفاصيلها، واستخلاص المعاني من ضرورة وجودها، هو الوسيلة الوحيدة للوقوف على أهميتها وبقائها أو نفيها أو الاستعاضة عنها بقيم وأعراف جديدة. وهنا نسأل: هل كانت الأعراف السائدة بين القبائل العراقية والعربية عموماً صالحة لحياتنا ولمستقبل أجيالنا، لكي نقر بها ونعترف بأهميتها؟ ومن ثم نشرّع القوانين لبقائها وديمومتها؟
  وبالعودة لمفهوم الحرية، أجد أنْ لا حرية في الفكر خارج حدود الجسد، لا حرية في الكلام خارج حدود الحرية نفسها، لا حرية في الثياب خارج حدود فهمنا لفلسفة الثياب، لذا ستظل المرأة حاسرة الرأس الوحيدة خائفة، مرعوبة، وسينظر اليها على أنها قليلة الأدب، في حشد النساء المنقبات، أكانت قليلة الأدب حقاً؟ وسيجد الرجل الوحيد الذي يأكل بالملعقة نفسه غريباً، مثيراً للسخرية في حشد الرجال، الذين ياكلون بأيديهم، في بيت الشَّعَر أو البردي، ومثل ذلك نقول: سيكون مظهر أستاذ اللغة العربية، المتحدثُ باللغة الفصحى بين حشد الشيوخ المُعقّلين (من العِقال) والشعراء الشعبيين مضحكاً، أليس كذلك؟ وسواء أكان وجوده في المنطقة الخطأ أم لم يكن، لكننا نقرُّ بأن وجوده لم يكن الخطأ، إنما الخطأ في مَنْ حوله، وتبدو الأمثلة كثيرة.
  الذي أوصل المرأة لكي تكون أداة، سلعة رخيصة (فصليّة) في حسم نزاع عشائري أرتكبه أحمقان في قبيلتين، هو موقعها الوضيع وعبوديتها في القبيلة، هو الفكر القبيح الذي تسلمته من شيخ قبيلتها وحاشيته من أهلها، هو أطوال القماش التي يقذفها هؤلاء على جسدها، ومن ثم هو قناعتها والتي هي من يقين أهلها، بأن ظهور شعرة من رأسها هو العار لهم بين العشائر، وهو الموجب لدخولها وإياهم النار. أترانا نقبل بهذه؟ أفي الأرض من يقر بأن القيم والأعراف هذه صالحة في مجتمعنا، أبيننا من يقول بأنها الأصلح لحياتنا والضامن لمستقبل أجيالنا، وكلنا يتذكر صورة الحياة والمرأة بصورة عامة قبل الحرب وتسلّم صدام حسين السلطة ومجيء الخميني، قبل الحصار. هل ننشر صور أمهاتنا وشقيقاتنا في البيت والمدرسة والجامعة والشارع، وهن حاسرات، يرتدين الميني والميدي جوب والزنّادي لكي نوصمهن بالعهر وسوء الأخلاق.
  قبول المرأة بوضعها الحالي في المجتمع العراقي أو العربي، يغضُّ الطرف عن مكانتها وتعليمها وبلوغها المراتب العُليا في الوظيفة والسياسة والمجتمع، لأنها ستؤخذ، شاءت أم أبت (فصلية) وستقبع وتلفُّ بالأسود والخشن من الثياب، إن كانت الشقيقة الوحيدة لأخ احمق مجنون قتل أحمق مجنوناً من قبيلة ثانية. رفضها لعبوديتها يبدأ من رفضها بأن تكون الخِرقة التي على رأسها عنواناً لوجودها، عنصراً بالغ الأهمية في شرف البيت والأسرة والقبيلة والمجتمع، ما لم ترفض ذلك، ما لم تحتج على جملة القوانين والأعراف التي سنّها ويسنّها الرجل، لها لن تبلغ عُشر حريتها في ما تفكر وتحيا.
  في لقاء متلفز بثَّ قبل نحو 10 سنوات، تقر الدكتورة آمال كاشف الغطاء، وهي عضو في الجمعية الوطنية، بوجوب وأهمية ضرب المرأة من قبل زوجها، شريطة أن يتقي الوجه والمناطق الرقيقة في الجسد. لا تعليق !!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram