ali.h@almadapaper.net
يملأ السياسيون حياتنا بالأكاذيب وبيانات التهريج ، وفي سذاجة يومية يحاولون أن يحولوا الأنظار عن المآسي التي ترتكب بحق هذا الشعب المطلوب منه أن يذهب كل أربع سنوات " صاغراً" لانتخاب " من يمثله طائفياً ، لاوطنياً . وبكل صلافة يتحول الكثير منهم إلى محللين اقتصاديين وخبراء في شؤون الطاقة الذرية ، وأحيانا فقهاء في لباس المرأة ومكياجها . الكثير من هؤلاء يضحكون علينا في مواقف غير مضحكة ، من عيّنة ما أخبرنا به الناطق الرسمي لائتلاف دولة القانون النائب خالد الأسدي الذي قال بنباهة يعجز عنها أبو الاقتصاد آدم سميث نفسه ، أن :" هناك ضائقة اقتصادية قد دفعت السعودية لزيارة بغداد " ما المطلوب إذن ياسيدي .. هل ستفتح بغداد خزائنا للرياض ؟
إذن علينا أن لانصدّق شعار حيدر العبادي " التقشف خيارنا " ، والدليل الذي يثبت صدق النائب خالد الاسدي ، هو القرار التاريخي الذي اتخذه مجلس النواب امس ، والذي اصبح بموجبه الراتب الاسمي للنائب خمسة ملايين دينار عدّاً ونقداً .
لعلّ أسوأ أنواع العاملين في السياسة، هم الذين فقدوا الإحساس بروح المواطنة ، لستُ مطالباً أن أكتب بحثاً عن سنوات الخراب، أنا لا أملك سوى هذه الشرفة المتواضعة التي يريد لها البعض أن تُغلق " بالقفل والمفتاح " ، لأنني أحيانا أتحرّش " بعقال الراس " مثلما أخبرني قارئ كريم محذرا متوعدا ، ان العشائر خط أحمر ،. إذن، المسألة، أن كرامة العراقي وأمنه هي في إقرار النظام العشائري ، وليست سرقة وطن في وضح النهار والذي نعاني منه هو عدم السماح لشيوخ العشائر بتولي زمام البلد ، وليست في تهجير خمسة ملايين مواطن عراقي ، للأسف أن مثل هذه الألاعيب هي المسؤولة عما فقدنا من نفوس وثروات.
منذ اكثر من عام ونحن نتابع أخبار التقشف، وأخبرنا كبار المسؤولين ان هناك بعض المشاكل، وان البعض يريد لنا أن نعيد الحياة إلى مصطلح"شدّ الأحزمة". الحكومة تضيق صدراً بسبب انخفاض أسعار النفط ، وليس بسبب نهب ثروات البلاد.. لكن البرلمان اخبرنا امس وبصريح العبارة أن العراق ليس مفلساً، مبارك.. لكنّ أزمة المواطن الذي يبحث عن لقمة العيش مع مصطلح "التقشف" مستمرة بنجاح..
من يقدر من حضراتكم أن يعرف لماذا يعيش 30% من العراقيين تحت خط الفقر، ولماذا في بلاد الترليونات نجد ملايين الاشخاص يحتاجون إلى مساعدات غذائية، ؟.. أتمنى أن لا تتهموني بالتجني على الحكومة والنواب الأجلّاء فهذا جزء من تقرير دولي يحذر من انتشار الفقر في بلاد النهرين.
في دولةٍ لا يجد شعبها مستشفىً نظيفاً ، و يغصّ بمكبّات النفايات ، يقيم البرلمان مهرجاناً جديداً للنهب المنظم ، في لحظةٍ بات معها العراق مطروداً من قائمة الدول المستقرة ، صار مطلوباً من العراقيين ألّا يأكلوا أو يناموا، لكي يؤمّن لصوص هذه البلاد مستقبلهم في العيش الرغيد !