هاهي جرعة أخرى تضاف الى جرعات الرغبة، بأن يصبح المرء نائباً، فإن تصبح نائباً يعني انك ستتمتع بحصانة وحمايات شخصية وقدرة فذة على استغلال المنصب لفائدتك الشخصية وفائدة الأقارب والمقربين، ويعني بأنك ستكون قادراً على اصلاح ما افسده الدهر في صحتك ومظهرك وعلاج اقاربك أيضاً.. الجرعة الجديدة هي زيادة رواتب النواب بمقدار مليون دينار على الراتب الأسمي ليصل الى خمسة ملايين دينار، بينما لايصل الراتب الاسمي لأغلب موظفي الدولة مليون دينار مع مايشمله من استقطاعات بذرائع شتى تمتد الى مابعد
التقاعد..
لن نستغرب إذن حماس النواب في المحافظة على مقاعدهم والاستعداد للمرحلة الانتخابية الجديدة بوسائل مبتكرة ومختلفة بهدف الفوز بدورة أخرى.. فلكل منهم طريقته في بث حملته الانتخابية منذ الآن، ولكل منهم وتر يعزف عليه لاجتذاب المواطن وضمان تلويث اصبعه بالحبر البنفسجي ، وتكون النتيجة المعروفة عودة النائب الى قبة مجلس النواب واستمرار امتيازاته وحصانته وبقاء المواطن على حاله لدرجة يتمنى فيها أحياناً، أن يقطع الأصبع الذي غمسه في الحبر ولوثه باختيار اسماء لاهمَّ لها إلا مصالحها الشخصية..
النائبة عالية نصيف الشهيرة بتبني قضايا تمنحها فرصة اطلاق صوتها في قاعة البرلمان وتصدر قائمة الوجوه التي تستضيفها القنوات التلفزيونية المختلفة، اختارت مثلاً أن تكسب اصوات الإعلاميين والكتاب والفنانين هذه المرة حين انبرت للدفاع عنهم مطالبة الرئاسات الثلاث بإعادة صرف المنحة السنوية التي كانت مخصصة لهم سابقاً وتم الغاؤها بحجة الأزمة المالية، ومؤكدة على أن هيبة البلد ومستقبله الثقافي ومدى وعيه المجتمعي مرهون بشريحته المثقفة وبمدى ارتقائه في الساحة الإعلامية بين الدول ..ربما فات النائبة نصيف، أن هذه الشريحة لم تتسلم منحتها السنوية منذ سنتين ولم ينبري أيّ نائب للدفاع عنها، وخلال تلك الفترة غادر العشرات من الاعلاميين مصادر رزقهم التي اغلقت بسبب الأزمة المالية واستشهد وتوفي بعض منهم بدون أن يترك مصدر دخل دائماً لأسرته، فالعمل في القطاع الخاص ينتهي بمجرد خروج المرء من معطفه، واذا كانت النائبة جادة في قضيتها ولاتنوي استخدامها كورقة انتخابية مبتكرة، فعليها أن تضع امام الرئاسات الثلاث اسماء الاعلاميين الذين فقدوا حياتهم استشهاداً في ساحات المعارك والذين اختفت آثارهم أو وجدوا انفسهم فجأة بلا فرصة عمل مناسبة ولاوظيفة حكومية لضمان حياتهم، علماً أن المنحة التي تبلغ المليون دينار سنوية ولن تضمن حياتهم بالشكل المطلوب ليعيشوا حياة كريمة لكنها حق من حقوقهم، وكانت تلبي جزءاً من حاجتنا –نحن الاعلاميين – الى الاحساس ببقائنا على قيد الاعلام، بعد أن صرنا ضحية حل وزارتنا وربطنا بدوائر اخرى قيّدت ابداعنا بقيود (الروتين) و(البصمة ) و( الرواتب الفقيرة)...
اذا كانت النائبة نصيف ستستخدمنا جسراً لكسب اصوات انتخابية، فنحن القوم الأكثر تشكيكاً بنوايا المسؤولين ولن نصدق ادعاءاتهم إلا اذا حصلنا على حقائق ملموسة، والحقيقة الملموسة الوحيدة التي حصلنا عليها الآن هي زيادة رواتب النواب وضمان حياتهم بينما تنتهي حياة اغلب المبدعين في فقر مدقع واهمال مؤلم، لذلك، لن نعد نصيف بأننا سنصدق انحيازها لنا وبدلاً من أن تستخدم قضيتنا كورقة انتخابية، سنواصل استخدام ادعاءات المسؤولين وتصريحاتهم مادة لكتاباتنا حتى يتبين لنا مدى صدقهم رغم علمنا بأنهم لايعبأون بما يصدر عنا بل يشغلهم تعديل رواتبهم واستمرارية امتيازاتهم...
عالية نصيف.. والإعلاميون
[post-views]
نشر في: 27 فبراير, 2017: 09:01 م