ali.h@almadapaper.net
خرج علينا رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، ليُعلن بأنه سيُعيد الحياة إلى المجتمع المدني في العراق خلال السنوات القادمة ، ولهذا قرر أن يتحول من نائب رئيس الحزب الإسلامي إلى قائد لحزب التجمع المدني للإصلاح ، ولا أعرف أنا بالتاكيد ، مثلما لايعرف ثلاثون مليون عراقي ، سبباً لهذا التنقل من اليمين إلى اليسار ، فالدولة المدنية كما يقول مفكرو الحزب الإسلامي ، ليست سوى اختراع ماسوني إمبريالي . ولم يبشّر بها سقراط ويخرج سارتر الى الشوارع للدفاع عنها . كذلك نعرف نحن الذين لم نلمح ملمحاً " مدنيّاً " من السيد سليم الجبوري ، انه كان أول المصوّتين على قانون محمود الحسن السيئ الصيت ، الذي كان يهدف الى تدمير القليل المتبقي من معالم الدولة المدنية. أي نوع من المدنية سوف يرفع لواءها حزب سليم الجبوري ؟ الإخوانية أم تلك الطائفية ؟ ففي الديمقراطية العراقية الجديدة يمكن استنفار كل أجهزة الدولة من أجل الدفاع عن " قنفة البرلمان " ، التي يجب أن يُراق على جوانبها الدمُ .
هكذا تصل مرحلة السخرية ، إلى أقصى درجات الضحك حين نطلب من الناس أن تمسح من أعمارها أربعة عشر عاما من الظلام والخراب وسيطرة أحزاب الإسلام السياسي التي ترفع شعار " الحجاب او التيزاب "، لتستبدلها بحزب مدني إصلاحي ، يضع يده بيد السيد نوري المالكي من أجل " وطن مدني وبرلمان أغلبية " .
السيد سليم الجبوري ، الشجاعة تقتضي مواجهة الناس بالحقائق ، وليس التخفي تحت أغطية سياسية جديدة ، لأن الناس بعد ان تدقق في حزبك المدني ستكتشف بسهولة أنه حزب منتهي الصلاحية.
والحقيقة التي يجب ان يدركها الجميع ومنهم السيد سليم الجبوري ، انه لا بد من تفكيك البنية السياسية التحتية التي قادتنا إلى الخراب ، بعد ان حلمنا ان التغيير سيقودنا الى دولة محترمة ، تنتظرها فيها السعادة والرفاهية والعدالة الاجتماعية .
السياسة ليست تجارة بأصوات الناخبين ، والديموقراطية ليست حصد هذه الأصوات بطرق بهلوانية . الانتخابات ليست هدفاً في حد ذاتها، لكنها وسيلة لحكمٍ صالح وسليم ، والديموقراطية لا تعني الوصول الى الحكم، بقدر ما تعني صنع مجال عامّ يتيح بناء مؤسسات حكومية تخدم كلّ مواطن ، ولا تغض الطرف عن مقتل الإيزيدي لانه لاينتمي الى عشيرة تملك هاونات وقذائف ، هذه هي الديموقراطية التي لا يمكن تحقيقها بمنطق التجارة المدنيّة الإصلاحية، أو بنظرية الملا باسم أخونزاده رئيس حركة طالبان ، الذي طالب بأن تزرع مقابل كل عبوة تحصد أرواح الابرياء شجرة ، ليثبت للعالم ان حركة طالبان ستتوقف مؤقتا عن هواية قطع الرؤوس ، وتؤسس حركة الإصلاح المدني الأخضر !