يوم وقّع الرئيس المصري الراحل أنور السادات اتفاقية كامب ديفيد مع اسرائيل، اندلعت في بغداد تظاهرة شارك فيها المصريون المقيمون في العاصمة، وكانوا بأعداد كبيرة بهدف التنديد والاستنكار. في ذلك الوقت قيل أن السلطة كانت وراء تنظيم التظاهرة، وفي معرض تعليق السادات على الاحتجاج الشعبي والتظاهرات في العراق ضد توقيع اتفاقية السلام مع اسرائيل، نقلت وسائل اعلام مصرية قوله :" نحن نعلم من حرّك المتظاهرين، دول بهايم مايفهموش حاجة بالسياسة".
السادات لم يكن الرئيس العربي الوحيد الذي يطلق صفات شائنة بحق شعبه، اصحاب السيادة والسمو والجلالة حين يشعرون بوجود حراك شعبي ضدهم يستخدمون صلاحياتهم الدستورية في توجيه الشتائم بحق شعوبهم، يعقدون اجتماعات خلية ازمة مع كبار المستشارين المحليين والأجانب للخروج بتوصيات، بقرارات تأريخية، تنصُّ على ملاحقة المعارضين ، تشمل حتى الاقارب من الدرجة الخامسة، لانزال اقسى العقوبات بحقهم بتهمة تهديد الأمن القومي، مع مصادرة ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة.
الشعب الخاضع لحكم الحزب الواحد أو الأسرة يحمل السلطة مسؤولية جميع النكبات والمصائب، يتطلع الى الخلاص بغزو خارجي او بانقلاب عسكري، وهناك شعب يذكر حكامه بالخير ويترحم على ارواحهم، لأنهم حققوا التنمية واحترموا حقوق الانسان، نقلوا شعبهم وبلدانهم الى مصاف الدول الاكثر دخلاً في العالم، وتلك كانت أمنية الرئيس العراقي الراحل عبد السلام عارف حين القى خطبة تاريخية في زيارته الى معسكر تدريب المشاة في الديوانية، وقال مخاطباً الجنود: "والله العظيم لو بيدي كلكم زوجتكم" . الصراع على السلطة في العراق أحبط أمنية المرحوم عارف، وجعل البلاد تدخل في نفق مظلم.
من فضيلة نسخة العراق الديمقراطية انها وفرّت لممثلي الشعب في مجلس النواب تقمص شخصية الرئيس الراحل السادات بامتلاك صلاحية اطلاق مفردات البهائم، الرعاع، فلول النظام السابق على المتظاهرين المصابين بخيبة أمل كبيرة من الأداء السياسي والحكومي بعد عام 2003 لوصولهم الى قناعة راسخة بأن النخب السياسية الحالية ، يمكن تصنيفها على وفق حجم زنابيلها بما حملت من مكاسب وامتيازات.
الزنبيل فرض حضوره في المشهد العراقي، فهو يعبر في بعض الأحيان عن حجم الكتلة النيابية في البرلمان، ومن زنبيلها تحصل على مقاعد ومواقع في الوزارات والهيئات المستقلة مع ادعاءات برفض المحاصصة والتمسك بالمشروع الوطني، فيما انتحل الزعماء السياسيون
صفة القائد التأريخي للمرحلة لكنهم غير مستعدين اطلاقاً للتنازل عن زنابيلهم.
المرحلة الحالية افرزت نماذج ينطبق عليها مصطلح " فلان أبو درب " يطلق على شخص يجيد ممارسة التضليل والتسويف وحرف الحقائق، والخروج من المشكلة بأقل الخسائر وربما بدونها، و"أبو درب " يتمتع بمواصفات وامتيازات تبعد عنه الشبهات ، بإمكانه اشعال فتيل أزمة سياسية تصل الى النزاع المسلح ، وفي اللحظة الاخيرة يتراجع عن موقفه، ويعقد مؤتمراً صحفياً يعلن فيه أن ما نسب اليه مجرد فبركة، تقف وراءها جهات تنفذ اجندات خارجية. ورقة الفبركة اصبحت وصفة جاهزة يستخدمها "أبو درب" حين يشعر بأن التظاهرات الاحتجاجية باتت تهدد زنبيل مكاسبه.
زنبيل "أبو درب"
[post-views]
نشر في: 3 مارس, 2017: 09:01 م