مع أن التقارير الحكومية تُظهر تبايناً بين النفقات العامة والايرادات المتأتية في مجملها من مبيعات النفط، فإن المستشار المالي لرئيس الوزراء يعوّل على ما يصفها بالادارة المالية "الحكيمة" القائمة على ضغط النفقات غير الضرورية وتقليل نسبة العجز في الموازنة
مع أن التقارير الحكومية تُظهر تبايناً بين النفقات العامة والايرادات المتأتية في مجملها من مبيعات النفط، فإن المستشار المالي لرئيس الوزراء يعوّل على ما يصفها بالادارة المالية "الحكيمة" القائمة على ضغط النفقات غير الضرورية وتقليل نسبة العجز في الموازنة لعام 2016 من 25 ترليون دينار، الى 15 ترليوناً في الربع الأخير من العام نفسه، وهو رأي لا تتفق معه اللجنة المالية البرلمانية التي تتحدث عما تصفه بالسياسات غير الصحيحة في إدارة الدولة ومؤسساتها، والترهل الحاصل في الجهاز الحكومي وعدم تفعيل القطاع الخاص وقطاعات اقتصادية رئيسة كالزراعة والصناعة والسياحة.
أعلنت لجنة الخبراء الماليين الحكومية، أمس السبت، ارقاماً لقيمة العائدات النفطية وقيمة النفقات العامة في النصف الاول من العام الماضي. وقال رئيس اللجنة، عبد الباسط تركي في بيان تلقت (المدى) نسخة منه، أن اللجنة اجتمعت وناقشت مع ممثل شركة التدقيق الدولية ( KPMG) مسودة تقرير الشركة عن البيانات المالية للأشهر الستة الأولى من عام 2016، والذي ستصدره الشركة قريباً، استناداً إلى العقد الموقع معها، مضيفاً: أن المؤشرات بيّنت أن إيرادات تصدير النفط خلال النصف الأول من العام الماضي قد بلغت 17 ملياراً و92 مليوناً، و296 ألف دولار، تقريباً، أما النفقات فقد بلغت، 17 ملياراً، و434 مليوناً، و933 ألف دولار، أي أن هنالك زيادة في النفقات قياساً بالإيرادات.
وأشار تركي، الى أنه جرى أيضاً خلال الاجتماع مناقشة التقرير الفصلي لوزارة النفط للفصل الرابع من 2016 عن متابعة تنفيذ نصب معدات القياس والمعايرة في مجال الصناعة النفطية، حيث بلغت نسبة التنفيذ في مجال تصدير النفط 100%، متوقعاً استكمال شركة التدقيق الدولية انجاز تدقيق ثماني وزارات قبل منتصف هذا الشهر واستكمال باقي الوزارات وخمس من المحافظات بالإضافة الى إقليم كردستان قبل نهاية شهر آب من العام الجاري.
المستشار المالي لرئيس الوزراء د. مظهر محمد صالح أشار في حديث لـ(المدى) الى أن ايرادات الميزانية تبنى على ايرادات النفط والايرادات الأخرى، والى أن وجود العجز في الموازنة يعني أن الحكومة قد انفقت اكثر من ايراداتها، موضحاً: حيث بلغ العجز السنوي التخميني في موازنة العام الماضي 25 ترليون دينار، فقد كان العجز النهائي 15 ترليوناً، مما يعني أن الحكومة قللت من نفقاتها، وهذا لا يعني انها لم تقترض من الجهاز المصرفي.
ويتابع صالح حديثه قائلاً، أن الاقتراض الداخلي للحكومة بلغ للعام الماضي اكثر من 11 ترليون دينار، أما مجموع ما اقترضت من الداخل والخارج كان بحدود 15 ترليون دينار، مردفاً قوله، أن تكون النفقات اكثر من الايرادات، نعم يعني أن هناك مشكلة وهذا واقع الحال، فالعراق الآن يمر بظرف اقتصادي صعب، لكن الادارة المالية كانت حكيمة حيث قللت نسبة العجز.
ويؤكد صالح، أيضاً على أن تحسن اسعار النفط في الربع الاخير لعام 2016 مع تحسن إيرادات الدولة غير النفطية اسهم في تقليل نسبة العجز من 25 ترليون دينار الى 15 ترليوناً، كما أن حكمة الحكومة في السيطرة على الكثير من المصاريف غير الضرورية كان له دور مهم في تقليل العجز.
عضو اللجنة المالية البرلمانية مسرور سعيد، يقول إن، الايرادات للأشهر الستة الأولى، من العام 2016 حسب ما توفر من بيانات تتراوح بين 19و21 مليار دولار والنفقات كانت اكثر من هذا الرقم، وكانت تتم تغطية النفقات من الاحتياطي النقدي للبنك المركزي، الامر الذي أسهم وقتها في تراجع الاحتياطي النقدي الى 49 مليار دولار، بعد ان كان بحدود 52 مليار دولار .
ويواصل سعيد في حديث لـ(المدى): لكن الوضع الآن مختلف والايرادات النفطية للدولة وغيرها زادت بسبب زيادة اسعار النفط، كما أكدنا على ضرورة سد الثغرات الموجودة من خلال تفعيل الضرائب ورسوم الكمارك، حيث كانت بالفعل ايرادات الضرائب في النصف الثاني لعام 2016 أكثر من المتوقع في الموازنة التخمينية.
ويستدرك بالقول: نحن نعلم أن جزءاً كبيراً من النفقات التشغيلية يذهب للرواتب وهذا امر ثابت، وذلك متأتى من اتباع سياسات غير دقيقة أو صحيحة في إدارة الدولة ومؤسساتها، خاصة مع الترهل الموجود في مؤسسات الدولة وعدم تفعيل القطاع الخاص، وعدم الاستفادة من القطاعات الأخرى كالزراعة والصناعة والسياحة، فهذه كلها أمور تزيد من حدّة النفقات مقارنة بالإيرادات.
ويشدد سعيد في ختام حديثه على ضرورة تفعيل وتشجيع عمل القطاع الخاص واتباع إجراءات قانونية وتشريع قوانين وتوفير فرص عمل في القطاع الخاص، مع ضرورة الانتقال من القطاع العام الى الخاص، الأمر الذي نحاول العمل عليه مع الحكومة من خلال برامج الإصلاح الاقتصادي.
وتأسست لجنة الخبراء الماليين استناداً إلى قرار مجلس الوزراء، وبدأت أعمالها في 1/4/2007 ، لتكون جهاز إشراف بديلاً عن المجلس الدولي للمشورة والمراقبة الذي يشرف حالياً على ما ينفق من الأموال العامة العراقية المتأتية من إنتاج وتصدير النفط والمنتجات النفطية، التي تودع في حساب خاص في بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في نيويورك، استناداً إلى قرارات مجلس الأمن الدولي التي صدرت بعد إسقاط النظام السابق باسم صندوق تنمية العراق. وقد مُنح هذا الحساب حصانة دولية حتى لا يكون عرضة للحجز أو المصادرة نتيجة قرارات محاكم دولية، قد تصدر عن دعاوى ومطالبات ضد النظام السابق.