TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الأبطال يُقتلون.. أين الحكومة؟

الأبطال يُقتلون.. أين الحكومة؟

نشر في: 7 مارس, 2017: 03:41 م

آهات وخيبات في زمن تبديد المليارات.. هي صرخة لتأريخ العراق بلا توقف إذا ما قدّر له أن يعترف بلسانه أسوأ مشاهد القتل لخيرة كفاءات الرياضة بسلاح الإهمال بعدما تخلى الجميع -  إلا اصحاب الشهامة بمبادرات شخصية - من مسؤولية إنقاذ حياة عديد الرياضيين الأبطال الذين ضاقت بهم سُبل مداواة أنفسهم من أمراض العصر الفتّاكة وعجزهم عن توفير آلاف الدولارات التي تستلزمها رحلات علاجهم إلى الخارج بعد أن يأسوا الشفاء في وطنهم.
هناك قصور واضح في أداء بعض المفاصل المعنية بالاهتمام لحالات مستعصية كهذه، دأبنا على مناشدة أهل المروءة من شاغلي المقاعد الحكومية وغير الحكومية لاستنهاض الهمم وتلقّف المناشدات بسرعة قبل فوات الأوان، وكانت لنا أكثر من تجربة أثبتت فشل آلية الانقاذ وانقطاع حلقة الوصل الأبرز بين الجهة المناشدة سواء الصحفي أم المؤسسة التي يعمل بها الرياضي المريض مع الجهة الحكومية صاحبة القرار لنودّع الأبطال الواحد تلو الآخر نتيجة الأهمال المستمر وغياب القانون الفاعل والإجراء الصارم الذي يمنع الاجتهاد أو التقاعس إزاء الحالات الطارئة.
ما يثير أوجاع القلب، أن العديد من الرياضيين اصحاب الانجاز وشاغلي وسائل الإعلام العربية والعالمية في زمنهم هم أكثر المتضررين من الإهمال، ولا ندري السر في ذلك، هل هناك نفوس ضعيفة تتلذّذ بصرخاتهم وتنتشي لرؤية دموعهم ولا تهزّها توسّلات بعضهم بطلب معونة مادية أو وساطة عاجلة عند مسؤول ؟ نعم ربما نجد من يتعامل باحتقار مع الرياضيين المبدعين لشعوره بالنقص المركّب بعدما تحوّل بين ليلة وضحاها ليكون صاحب جاه ومكتب وقرار يتصرّف بمصائر المبدعين والأبطال كيفما شاء.
أبطالنا يقتلون .. أين الحكومة ؟ انها مسؤولية جسيمة، والحقيقة الموجعة لا تصل اليها، هناك قافلة طويلة من رياضيين أسرى امراضهم المروّعة تمر في طريق الاستغاثة من دون أن يلتفت اليها أحد إلا بعد أن تجلجل فضيحة إهمالهم عبر الصحف أو القنوات التلفازية، أو ينبري أحد زملاء البطل للقاء رياضيي اللعبة في بيته مقترحاً جمع تبرعات عينية لعلّها تسهم في توفير أموال العلاج وهو يعلم في قرارة نفسه عدم كفايتها، ولنا في مرض بطل الملاكمة الدولي السابق فاروق جنجون، حكاية حزينة كشفت الستار عن خواء قانون الروّاد من بنود مرنة تضمن حقوقهم في المعالجة من الأمراض المستعصية، وقبله خسرنا عشرات الأبطال بسبب ذلك، وهناك من ينتظر استعطاف تاجر أو مسؤول شركة أو جمعية خيرية في المهجر توقف إلتهام المرض لجسده أمام بكاء زوجته وأولاده وهم مصدومون بتنكّر البعض لتضحيات والدهم في الرياضة من أجل الانتصار للعلم والشعب والأرض.  
وآخر ضحايا الأهمال البطلة الفريدة في زمن الحصار الظالم ميساء حسين العدّاءة المتميزة سابقاً لركض المسافات المتوسطة والطويلة، وصاحبة خمسة أرقام قياسية في فعاليات 1500متر، 3000متر، 5000متر، 10000متر، ونصف الماراثون، والتدريسية الأكاديمية وعضوة اتحاد العاب القوى ( 2008 – 2012 )، وعضوة المكتب التنفيذي في اللجنة الأولمبية ( 2009 – 2013 )، انسانة عراقية بكل ما تحمل اطباعها من تعاون ونكران ذات، تجد نفسها اليوم محاصرة في بيتها بمرض تليّف الكليتين الذي استنزّف كل ما أدّخرته لهكذا يوم عصيب، وللأسف كل ما جادت به وزارة الشباب والرياضة – حسب قولها - مبلغ مليوني دينار ذهبت مصاريف تذاكر وسكن في العاصمة الأردنية عمّان وتعسّر حالها أمام كُلف العلاج الباهظة لتعود بلا أمل جديد.
نستودع قضية ميساء ومن يماثلها في محنة المرض علي كاظم وأحمد صبحي وكاظم وعل وفاروق جنجون، وغيرهم أمانة لدى ثلاثي رعاة الأبطال رئيس لجنة الشباب والرياضة جاسم محمد جعفر ووزير الشباب والرياضة عبدالحسين عبطان ورئيس اللجنة الأولمبية رعد حمودي، لإيجاد معالجات فورية بوسائط حكومية تنهي صبرهم وتنقذ حياتهم من خلال إجراء إداري شفّاف يصون كراماتهم، فهل من مستجيب؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram