لا توجد بيانات دقيقة وحقيقية لدى وزارة التخطيط بشأن موضوع كمية السلع التي تدخل بشكل فوضوي سهل عَبرَ حدود تُفتح على مصراعيها، فقانون حماية المستهلك الذي استبشر البعض خيراً حين إقراره في الدورة السابقة من عمر البرلمان، وعادت لجنة الاقتصاد والاستثمار لإ
لا توجد بيانات دقيقة وحقيقية لدى وزارة التخطيط بشأن موضوع كمية السلع التي تدخل بشكل فوضوي سهل عَبرَ حدود تُفتح على مصراعيها، فقانون حماية المستهلك الذي استبشر البعض خيراً حين إقراره في الدورة السابقة من عمر البرلمان، وعادت لجنة الاقتصاد والاستثمار لإجراء تعديلات عليه، هي ذاتها تقر اليوم بوجود أجندات خارجية وداخلية تعرقل تفعيله، وفيما يؤيّد مختصون بالشأن الاقتصادي هذه النظرية مستندين الى ضبط وزارة الداخلية لأكثر من مرّة، كميات كبيرة من السلع والمواد غير الصالحة للاستهلاك البشري، تُلقي اللجنة القانونية باللائمة على الحكومة متهمة إياها بالتقصير في متابعة وتفعيل هذا القانون المرتبط بقانون التعرفة الكمركية الذي لم يفعّل حتى الآن.
وطوفان البضائع الرديئة الذي يشهده العراق بعد عام 2003، ضمن حالة الانفتاح بلا قيود على العالم، أدى إلى إغراق السوق المحلية ببضائع من شتى أنحاء العالم دون حسيب أو رقيب، فضلاً عن تراجع الإنتاج المحلي العام والخاص من جراء حالة الانفلات الأمني وشحة الطاقة والوقود.
يقول رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار البرلمانية احمد الكناني، في حديث لـ(المدى) إن قانون حماية المستهلك شُرع في الدورة الماضية، ونحن عازمون على تعديله في هذه الدورة، كي يتلائم مع التطور الذي يحمي المنتج والصناعة، مشيراً: الى أن الحديث عن وجود مافيات تعمل على تعطل تفعيل هذا القانون قد لا يكون بالصورة التي يعتقدها البعض، فهنا يجب تفعيل القطاعين الصناعي والزراعي بالدرجة الأولى، حتّى يمكن أن تكون هناك حماية للمستهلك. مقرّاً: بوجود أجندات داخلية وخارجية تعمل على عرقلة موضوع تفعيل قانون حماية المستهلك.
ودعا الكناني: الحكومة لضرورة أن تكون جادةّ وصاحبة قرار لتفعيل القطاعين الصناعي والزراعي بالسرعة الممكنة وإنشاء مدن صناعية والتوجه للتعاقد مع دول، كالصين وكوريا وغيرهما، لإنشاء مصانع ستراتيجية كبيرة تعمل الى تحويل المواد المستوردة الى مواد مصنعة محلياً، ومنع الأجندات من أية محاولة لتعطيل هذين القطاعين. مستطرداً: كما علينا أن نأخذ ظروف البلد الداخلية بالحسبان، لأن المواد الاستهلاكية المستوردة التي تدخل ضمن الاستهلاك اليومي للمواطن هي اكثرها مصنّعة في دول الجوار. موضحاً: لذلك تسعى بكل جهدها الى عدم تفعيل القطاع الصناعي في العراق حتى تبقى هذه الدول تستنزف أموال العراق، لذلك من خلال عملية اغراق السوق العراقية بالبضائع المستوردة دون قانون أو رقابة تقنّن ذلك الإغراق.
من جهته بيّن عضو اللجنة القانونية البرلمانية أمين بكر لـ(المدى) لم نرَ في واقع التطبيق العملي أيّ تفعيل لقانون حماية المستهلك من قبل الحكومة للمحافظة على المنتج الحلي، معتقداً: أن هذا الموضوع يواجه تقصيراً من قبل الحكومة، إذ ربما يصعب عليها تطبيقه، مستدركاً: لكن مهما تكن الظروف، يجب أن يطبّق هذا القانون كونه مهماً بالنسبة للمواطن بشكل خاص وللدولة بشكل عام.
ويؤكد بكر: على ضرورة متابعة تطبيق هذا القانون بعد استكمال التعديلات عليه من اللجنة الاقتصادية والمالية في البرلمان، كي نرى نتائجه على أرض الواقع. موضحاً: كبرلمان من حقنا أن نسأل عن مدى جدية الجهات المختصة بمتابعة تطبيق هذا القانون. مشدداً: أنه على اللجنة الاقتصادية رفع تقريرها بشأن التعديلات كي يأخذ طريقه للمناقشة داخل مجلس النواب والتصويت عليه.
وبشأن عملية تأخير إقرار القانون وما يترتب على ذلك، بيّن الخبير الاقتصادي احمد الحسيني لـ(المدى) استبشرنا خيراً حين صدور قانون حماية المستهلك، مستدركاً: لكن فوجئنا بعد فترة من عدم تنفيذه ومحاولة وضع العراقيل امامه تطبيقه. عازياً ذلك لوجود جهات منتفعة من تعطيله.
ويسترسل الحسيني: أن هذا القانون يتعلق بجانب مهم وهو حماية الحدود وهذا الأمر له علاقة بقانون التعرفة الكمركية، فإذا كنا ننظر لفعالية قانون حماية المستهلك فلا بد من تفعيل قانون التعرفة الكمركية وضبط الاستيرادات. مشيراً: الى وجود عملية منظمة لإغراق السوق العراقية بكميات كبيرة من السلع والبضائع، وهو أمر يحتاج الى وقفة جادة. مؤكداً: أن السوق العراقية باتت اليوم مكباً للمنتجات الرديئة والمتهالكة وغير صالحة للاستهلاك البشري.وبيّن الخبير الاقتصادي: أن مديرية الأمن الاقتصادي في وزارة الداخلية، غالباً ماتصدر بيانات وتقارير عن ضبط كميات كبيرة من السلع والمواد غير الصالحة للاستهلاك البشري، وهذه فوضى كبيرة تقع كلها على عاتق تفعيل قانون حماية المستهلك. متابعاً: لذلك اعتقد جازماً أن هناك من يقف وراء تعطيل هذا القانون بأية طريقة لأن هناك من هو مستفيد من عدم تنفيذه. منوهاً: حتّى وزارة التخطيط لا تمتلك بيانات حقيقية حول موضوع البضائع والسلع التي تدخل للعراق، لأن هناك فوضى عارمة والسلع تدخل بسهولة. عازياً سبب ذلك الى فتح الحدود على مصراعيها، ولا يوجد دور يذكر للهيئة العامة للكمارك التي تحتاج الى جهد أكبر وإعادة تشكيل حسب رأي الحسيني.
وكشفت المحكمة المتخصّصة بالجرائم الاقتصادية في بغداد في وقت سابق، عن ضبط مجموعة متهمة بإعادة تغليف كميات كبيرة من الشاي المنتهي الصلاحية لأجل بيعها للمواطن، لافتة إلى، أن قانون حماية المستهلك لم يأت بعقوبات رادعة.
ويشتمل مشروع قانون حماية المستهلك لسنة 2012 ثلاثة محاور رئيسة؛ أولها المحور الرقابي الذي يضمن سلامة المعروض من السلع والخدمات ومطابقتها بالمواصفات القياسية، وتقوم الحكومة بهذا الدور بصفة أساسية، بالإضافة إلى مؤسسات المجتمع المدني الممثلة بالجمعيات المعنية بحماية المستهلك التي تهدف بالدرجة الأولى إلى الحيلولة دون تعرض المستهلك للتدليس والغش التجاري والتضليل والخداع بكافة صوره وأشكاله، كما يتمثل المحور الثاني التشريعي بإعادة النظر في التشريعات القائمة من أجل إيجاد مظلة حماية لكافة حقوق المستهلك، والمحور الثالث التثقيفي والتعليمي والإرشادي للمستهلك، الذي يستهدف رفع وعي المستهلك وتبصيره بحقوقه وواجباته، بما يرّشد قراراته ويوجهه إلى ما يحقق له القدر الأكبر من الحماية وبخاصة الحماية الوقائية.