أسهمت أغلب الفضائيات العراقية من حيث تدري أو لاتدري، في تأجيج الصراع السياسي والآيديولوجي عن طريق تبنّيها لبرامج حوارية تمتاز بوجهات النظر المتضاربة، العنيفة أحياناً، إذ يسمونها (برامج سياسية) وهي بعيدة كل البعد عن هذه التسمية.. لماذا ؟ لأننا لايتواف
أسهمت أغلب الفضائيات العراقية من حيث تدري أو لاتدري، في تأجيج الصراع السياسي والآيديولوجي عن طريق تبنّيها لبرامج حوارية تمتاز بوجهات النظر المتضاربة، العنيفة أحياناً، إذ يسمونها (برامج سياسية) وهي بعيدة كل البعد عن هذه التسمية.. لماذا ؟ لأننا لايتوافر لدينا في الوقت الحالي، سياسيون محنّكون ذوو خبرة في هذا المجال الحيوي (السياسة) يتصدرون المشهد السياسي للبلاد، بل نمتلك الكثير من مراهقي أحزاب الإسلام السياسي الذين يحاولون دائماً، لقصور فهمهم، خلط الأوراق بضبابية عالية غير واضحة المعالم حتى باتت شاشات التلفاز تعجّ بهذا الجمع الهائل والكبير من المنتمين لهذه الأحزاب التي قادت وبنجاح بلداً عريقاً كالعراق، الى هاوية الفشل محلياً ودولياً، ومن جهة أخرى، فإن أغلب فضائياتنا الفتية والعتيدة باتت تستبعد البرامج الفنية والثقافية أو تفسح لها مجالاً محدوداً وبأوقات لايشاهدها فيها أحد لاعتبارات متعددة، فكما نعلم، أن أغلب الفضائيات مملوكة للأحزاب أو الحركات والتيارات الدينية، التي تسير وفق أيديولوجيا ذات أهداف محددة سلفاً، كذلك قامت فضائيات أخرى على عدد من رؤوس الأموال التي تهدف الى إذكاء الصراع الفئوي الضيّق وإلهاء المواطن وإدامة زخم الفساد في مفاصل الدولة وتأجيج الصراع وخلط الأوراق، إضافة الى أن أغلب الفنانين والمثقفين، لايرتضون الظهور في برامج هذه الفضائيات مجاناً دون مقابل مادي على العكس من العديد من نجوم الإسلام السياسي، الذين لديهم القدرة على الظهور في أكثر من قناة واحدة في اليوم الواحد، بل هم على استعداد لدفع الأموال مقابل ظهورهم على تلك الشاشات، حتّى بات العديد من النواب ونائبات الدهر! أكثر نجومية من جواد الشكرچي وسامي قفطان وآسيا كمال! وحتى قنوات الدولة الرسمية التي من المفترض أن تتوافر لديها رؤية ستراتيجية في صناعة وعي ثقافي وفني عبر برامج هادفة ورصينة تُعنى بخلق إيقاع مختلف للحياة اليومية العراقية، إيقاع يؤكد على الجمال والفنون والثقافات المتعددة، نجدها أيضاً قد غرّزت في أيديولوجيا أُريد لها إلهاء الشارع العراقي وإذكاء الصراع المستمر بين هذه الجهة وتلك، ولنركز على الأوقات الذهبية للبث في كل القنوات الفضائية العراقية والممتدة من الثامنة مساءً الى الحادية عشرة ليلاً، فماذا سنجد ؟ أغلبها قد اشترك بنفس السباق المحموم في فتنة المواطن وإلهائه ، فهل لنا أن نجد برامج تهيّمن على الأوقات الذهبية، تُعنى بالثقافة والفن المحلي والعالمي أو حتّى الرياضة ؟ برامج هادفة ومسلية ذات انطباع آخر ومختلف مغاير للنبض السائد في الشارع العراقي المتقد الآن ؟ برامج مثل العلم للجميع، الرياضة في اسبوع، عدسة الفن، لقاء مع فنان !! أبداً .. سيظل المثقفون والفنانون في الظل مادامت أموال الحرام والفساد السياسي والإنساني، هي المهيمنة على الشاشات العراقية الفضائية!