تعد بحيرة ساوة موقعاً سياحياً وحيوياً فعّالاً ومشروعاً اقتصادياً مهماً، يندرج ضمن ما تبقى على قيد الحياة من المشاريع، ما يجعله مؤهلاً لأن يكون نقطة جذب استثمارية لمجموعة من الشركات المعنية للعمل في هذا المجال الحيوي (السياحة)، لتتحول البحيرة وسواها ا
تعد بحيرة ساوة موقعاً سياحياً وحيوياً فعّالاً ومشروعاً اقتصادياً مهماً، يندرج ضمن ما تبقى على قيد الحياة من المشاريع، ما يجعله مؤهلاً لأن يكون نقطة جذب استثمارية لمجموعة من الشركات المعنية للعمل في هذا المجال الحيوي (السياحة)، لتتحول البحيرة وسواها الى رافد جيد للاقتصاد الوطني وخزينة الدولة.
تقع هذه البحيرة في محافظة المثنى (السماوة)، ويتراوح عمق المياه فيها بين أربعة وخمسة أمتار، وتتميز مياهها بتباين الوانها من الاخضر الداكن (قرب الضفاف) الى الأزرق (في العمق). يتقلب مستوى المياه فيها بين مواسم الجفاف والرطوبة لكنها لا تجف بسبب التوازن بين الكمية المضافة من المياه الجوفية وكمية الماء المتبخرة، وبحسب مختصين فإن ساوة من البحيرات الفريدة في العالم نظراً لقابليتها لأن تكون منتجعاً سياحياً دافئاً في فصل الشتاء.
عن اهمية البحيرة وموقعها قالت استاذة التاريخ في جامعة المثنى لمياء السماوي لـ(المدى) إن "منطقة بحيرة ساوة، جزء من السهل الجبسي حيث تتصف الأرض بالاستواء والانبساط وتزايد درجة الميل بصورة عامة من الشمال الغربي الى الجنوب الشرقي بمعدل ارتفاع 2,7 متر بالكيلومتر الواحد، مضيفة: وتعلو البحيرة بين واحد الى أربعة أمتار عن الأراضي المجاورة ولها القدرة على بناء جدران ملحية (تتشكل أساساً من الجبس) تَحيط بالبحيرة من جميع الجهات. وهذه الجدران الملحية، التي تشكل حاجزاً يمنع مياه البحيرة من الامتداد الى الأراضي المجاورة. متابعة: وتُبنى الجدران بتبخر المياه المشبعة بالأملاح في الحافات الضحلة للبحيرة، وتنمو الى أعلى بمرور الوقت حتى تصبح أعلى من مستوى البحيرة، كما تنتشر الترسبات الملحية على طول الشاطئ مُشكّلة معرضاً للمنحوتات الفنية الطبيعية.
وأضافت السماوي، أن جامعة المثنى أبرمت في وقت سابق مع جامعة فراي بالك الألمانية, مذكرة تفاهم بشأن دراسة طبيعة البادية وبحيرة ساوة في المحافظة، وقد قامت الجامعة الألمانية بدراسة شاملة لمعرفة ما تحويه البحيرة من كائنات حية مع بيان مدى قابليتها للتأقلم مع هذا الوضع، مؤكدة : أن الجامعة قامت بمسوحات متعددة للتعرف على أسباب انحسار مياه البحيرة والتغيرات ايضاً.
وبشأن اهميتها البيئة التي يمكن الاستفادة منها في الترويج السياحي أفاد رئيس لجنة البيئة في مجلس محافظة المثنى، علي حنوش لـ(المدى) بأن البحيرة لم تعد اليوم كالسابق، إذ بدأ الأهالي في مدينة السماوة والمناطق المحيطة بها يتوجهون اليها للاستجمام ونيل قسط من الراحة والتمتع بمنظرها، مبيناً أن مجلس المحافظة "يعمل لتحويل ساوة الى موقع سياحي مهم وحيوي من خلال استقطاب مجموعة شركات عملاقة تعنى بكيفية جلب السيّاح من كل انحاء العراق نحوها بعد اكمال التصاميم وفق تخطيط عالمي واسع". وأعرب عن استعداد مجلس المحافظة للتعاون وتقديم كل التسهيلات للشركات المقبلة بما يخدم جميع الأطراف.
لكن حنوش ابدى استغرابه من الشركات التي تسعى للاستثمار في ساوة، فهي كما يقول "عادة ما تفشل في الوصول الى التعاقد معنا، على الرغم من ابرام اتفاقات سابقة معها موقعة للمباشرة بها، مما أثار حفيظة المجلس على مدى سنوات طويلة".
الى ذلك أكد رئيس هيئة استثمار المثنى عادل الياسري في حديثه لـ(المدى) أن الهيئة ستعمل على الاستفادة من البحيرة في المجالين الصحي والصناعي، فضلاً عن السياحة "لتكون أفضل معلم سياحي في العراق"، مبيناً أن، الهيئة ستقوم بتقديم كل التسهيلات القانونية للمستثمرين الجدد من خلال التعاون المشترك مع الحكومة المحلية ومجلس المحافظة لجذب المستثمرين وعدم طرد القادم منهم كما حصل سابقاً، مما سبب ضياع فرص الاستثمار فيها.
من جانبه بيّن الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي، أن بحيرة ساوة تعد معلماً سياحياً فريداً كونها تتميز بخصائص مهمة في العالم لا العراق فقط، مضيفاً: هي البحيرة الوحيدة في العالم الماء فيها اعلى من مستوى سطح الأرض التي حولها، وهي البحيرة الوحيدة في العالم التي يضمها وعاء كلسي عملاق وسط صحراء رملية، وتركيبة مائها واسماكها الشفافة والدهنية فريدة أيضاً. واضاف: لذلك تعتبر مشروعاً واعداً للاستثمار يحتاج للمنشآت السياحية والطرق السالكة والخدمات والترويج لخصائص هذه البحيرة الغريبة التي تبلغ اعمق منطقة فيها اكثر من 250 متراً وهي اعمق من الخليج وهو ما يجعلها قبلة للسياحة والبحث العلمي.
ويؤكد علي، أن البحيرة كمرفق سياحي اقتصادي يمكن له عند استثماره توفير فرص عمل مباشرة لمئات العاطلين من ابناء محافظة المثنى، متابعاً: وكذلك آلاف فرص العمل غير المباشرة من خلال تأمين احتياجات السائحين من الطعام والملابس والهدايا التذكارية، واستثمارها بالشكل الصحيح يمكن أن يدخلها في لائحة التراث العالمي ويجعلها قبلة للسائحين.
مواطنون طالبوا حكومة محافظة المثنى والمعنيين بالاهتمام ببحيرة ساوة، بعد الاقبال المتزايد عليها من العوائل وخصوصاً في الاعياد والمناسبات، منبّهين الى أن الموقع يفتقر الى أبسط ما يحتاجه الزائر من مطاعم وأماكن ترفيهية للأطفال. ودعا المواطن سامي الوائلي في حديث لـ(المدى) الحكومة المحلية للاسراع بإنشاء المطاعم والمتنزهات، فضلاً عن مسابح بمختلف اشكالها داخل البحيرة، لأنها اصبحت مقصد العوائل والمعلم السياحي الابرز في المحافظة، لافتاً الى ضرورة جلب الشركات الاستثمارية التي يمكن أن تعمل على بناء واعمار بحيرة ساوة بكل تفاصيلها.
ويشاطر المواطن رضا الزيرجاوي رأي الوائلي، بضرورة استثمار بحيرة ساوة بشكل اسرع بعد توجه العديد من العوائل اليها، مؤكداً : أن هذا المعلم السياحي الكبير يتحمل ذنب اهماله، المسؤولون، بسبب التأخر في استثماره وعدم جلب شركات استثمارية رصينة للمباشرة في تطويره واغنائه بالكثير من المرافق التي تنقصه، مؤكداً أنه يمكن له أن يسهم في التخفيف من تأثيرات البطالة على الشباب في المحافظة.