اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > نواهل الروح.. متواريات اليقين في مُصّغرات (غالب المنصوري)

نواهل الروح.. متواريات اليقين في مُصّغرات (غالب المنصوري)

نشر في: 11 مارس, 2017: 12:01 ص

إذ أجس ...هنا... مُصغرات(غالب المنصوري) بمترعات نصوصه التدوينيّة التي تماهى معها بصريّاً، والتي حدّدها بحجوم ما تتحملّه مساحة الورقة العاديّة بأبعادها المعروفة إنمّا لكي أمدّ بخيط الوعي المُمتد نحو سمو بداياته الأكاديميّة قبل وأثناء وبعد  تخرجه

إذ أجس ...هنا... مُصغرات(غالب المنصوري) بمترعات نصوصه التدوينيّة التي تماهى معها بصريّاً، والتي حدّدها بحجوم ما تتحملّه مساحة الورقة العاديّة بأبعادها المعروفة

إنمّا لكي أمدّ بخيط الوعي المُمتد نحو سمو بداياته الأكاديميّة قبل وأثناء وبعد  تخرجه من كلية الفنون الجميلة- بغداد/1977، وتخوم نصوع تجربته ما بين الدراسة والعمل رسّاماً في تلفزيون بغداد/ 1974، وتمثيله للعراق في مهرجان الشبيبة العالمي في كوبا - هافانا / 1976 كأحسن رسّام شاب يمثل بلاده في هذا المحفل.
مثابات تُنبئ بنبوغ  مساعي هذا الاسم بعد احتيازه شهرةً وحضوراً  أثيريّن في وقت مُبكر من عمُر مساعيه القادمة من قرية (الكعبوري) في ناحية (غمّاس) محافظة (الديوانيّة) هناك حيث ولد في العام/ 1953،ولتتضح ملامح  ميوله  ورسوماته  نحو ضفاف الواقعيّة المحضة، وبرصف تبّنياته الواثقة في اقتناص مفاتن تلقائيّات الطبيعة ومحافل البيئة وهي تتهجّى على سجيتها فطرة وعفوية وجود الأشياء عليها، ولتُقترن أمام ذلك خُلاصات كل هذه الميول بثوابت تقييم عام لتجربة (المنصوري) حتى إبان اقتفاء وسماع ورؤية وقع آثار مآثره التجريديّة ومباهجه  التجريبيّة التي أرفد وأغنى فضول تطلعات أهوائه بها، فيما بقيت أصوات صهيل خيوله وفتنة اختياراته الباذخة لجَمال الطبيعة صادحةً، ملعلعلةً في ذواكر من عَرف سِحر تلك البدايات التي حَفرت حروف أسمه شاخصاً في قوائم ولوائح منجزات الطاقات المُوهوبة من تلك التي تتلّمذت وتأثرّت برائد الرسم الواقعي في العراق الكبير( فائق حسن).
انتقى (غالب)- حيال تقاعده من وزارة الشباب بدرجة مدير عام/2010  ليستقر به الحال والمقام في الولايات المتحدة الأمريكية مُقيماً، مُحترفاً ومتفرغاً للفن- جملةً من محاولات وتنويعات تراوحت في حدود التوثيق اليومي لخواص ومنابت مشاعره مقاوماً صد آثار وطأة الغربة والتعلّل بالرسم ملاذاً، فيما تقادمت هذه المجموعة الشيّقة- والتي نحن بصدد تقييمها وتحليل نوازعها التخاطريّة- بخطوات نبل دوافعها وثوابت حنينها الروحي وتماثل نوازع فلسفتهاِ الراسخة في بِنيّة الفن العربي الإسلامي، عبر العودة  المتوقعة والمحسوبة بلوامس الحنين و(النوستالجيا)، ومن ثم المثول أمام صفاء مرآيا البحث عن حقيقة هويته اللابدة في نسيج ثناياه، ومسالك مساحات وأروقة دواخله من خلال مجموعة متدفقة من مُصغرات رسم بحجوم مساحة الورقة العاديّة (A4) تتكرّر فيها مسحة من تماثلات فلسفته وعمق فهمه لوقائع الفن العربي بواقع أصالته الراسخة، وتقديم تنويعات من المساحات اللوّنيّة بلوافت ومهام متباينة وأخرى متجاورة وساندة لبهاء استخدام الخطوط على نحوٍ رائق وممشوق من فرط توافر مطاوعيّة خبرة وفراسة إتقان في خلق مناخ درامي مشفوع بضبط إيقاع داخلي يشي بهواجس جَماليّة تداني لغة الإفصاح عن روح الموسيقى كما كانت تخريجات (كاندنسكي) تنشد وتتطلع في فحوى تماثل علائقها المُثلى ما بين الرسم والموسيقى، أو العكس-أيضاً يصح في عموم صياغات تطوير مخارج التعبير بالتجريد الواعي، فيما لم يكتفِ (غالب) بالقبول عند هذا الحدّ من التماثل، إذا يلجأ على خلق بناء أفقي قد يأخذ شكل زقورة-أحياناً- من حيث وضع مخطط افتراضي لها، ثم ينشئ على منواله تدّفقات غزارة أفكاره وتصريفاته النفسية وتفاقماته الانفعاليّة في درك لحظات انهماك كُلي يبغي في أن ينجز خلالها عدة (إسكيتشات) هي بمثابة تمهيدات أو تحديدات  لشعلة جذوات مثمرة-ربما- ستكون  لها الأثر الأكثر عمقاً في سياق التفكير بتنفيذ مشاريع كبرى لأعمال قد تحاذي أو توازي- في وقت لاحق- عمل جداريات أو مقاطع من ملاحم وحمم مشاعر وتساميات لأفكار ومواقف جماليّة تليق وتنبثق من مناجم روحه، وتحليات خصوبة هذا الإرث التتابعي من تجربة أمتدت- منذ عقود- وحققّت بعض مما تريد.  
تنصرف تثمينات (المنصوري) من خلال تفويض مساحاته اللوّنيّة المُتباينة إلى جنب ما  يكيل لها من براعات خطوط ماثلة أخذت تداني تناميات علاقة تفاعليّة ما بين الكُتل (الملوّنة) والكُتل (المنفذة بالروترنك) وبما جعل من أواصر تطلعاته الراهنة أن تثق وتتعمّق بصدقيّة تائقة لحرارة روحٍ حَفلت تنهل من ينابيع ومناهل ذلك الوجد والهيام القدسي وتعزيزات ما جاءت تحمله خصائل الفكر التجريدي التوحيدي- تحديداً- على منوال سعي الفنّان في تعبيد مياسم مرامي مفتوحة الآفاق والتصوّرات، وفي توثيق مقاصد تبنيه طاقة الخط وإيحاءات الزخرف المُسبوك والممهور بنوافح الفن العربي الإسلامي وانسيابيات إتقانه(أي الفناّن) البارعة في متون نصوص ولوامح لخواطر نوعيّة من ذلك النوع من التجريد الفكري والنفسي الذي غمر الذائقة العربيّة منذ طلائع ذلك الوعي الكوني المحسوس في نسق تناغمات جَمالية، عالية السمو، وافرة النمو والنصوع في تقريب التحسسات لأرواح أنغام تتقارب وعوالم التصوّف والتوّحد الكلي ما بين الشكل والمضمون حدّ الانتهال والخشوع الذي يسكن حياة وعلاقات تلك المُصغرات التي اتسعت مدياتها في دواخل (المنصوري) وأحلامه، بعد أن ذاقت بها بهاءً واكتنازاً نادراً في فتوحات تلك المساحات واللمسات الصوفيّة العابقة بتجليات عزفٍ تتابعي تكابر ثراءً في سعي قصدٍ محسوس وغائر في نقاء نظراته الباصرة بمفهوميات دقة الدلالة ولوازم الوعي وتداخل الخبرة بأنساق العواطف والمشاعر المخلصة لعموم تجربته في سياق رصدها الذي تكاد يقترب من تخوم جدوى هذه المصغرات، وفي نَحت وترصف ما يريد منها -ربما- لكي تلامس- بشيء وآخر- حدود وجوهر ما ذهب إليه (النَفري محمد عبدالجبّار) بزعم قوله الأثير- الشهير ؛(كلمّا اتسعت الرؤيا ... ضاقت العبارة).
ثمة متعة خفيّة يستلذ الفنّان الساعي إلى توسيع مداركه وترويض مديات رؤاه، تتجلّى في مهام تنظيف مداخن أفكاره من كواسل (ونريد بهذا الاشتقاق -هنا- الكسل) التكرار وملل المألوفيّة النابعة من ضيق ومحدوديّة التعامل اليومي مع أدواته ومخارج تلك الرؤى والأفكار فضلاً عن الشعور باللا جدوى، متعة يسعى لتجسيدها بالمراس والتجريب وفرض تداخلات وتحويرات مُستلة من ذخائر ومكونات تجربته بغية الدفع بها صوب مرامي أبعد  من مجرد الرسم ولذائذه المُتحققة من مجمل الاحساس بكل ذلك، أجد في تباهيات هذا الزخ الماطر بأعمال حددّها (غالب) وأطرها ببنود توضيحاته المُدافعة عن جوهر الهوية الإنسانية التي يحمل خصائصها من أصل وفصل جذوره التأريخيّة والحضاريّة التي كان ولم يزل متمسكاً بها،  مخلصاً لطراوة ذلك الجذر الذي يستقي منه، وصولاً لعرائش هذا الاحساس القائم على أساس الوجدان الجمعي الذي أنبق منه، وتوّغل فيه رافضاً طغيان محاكاة الواقع بقياسات التشبث بالتشبيه والتشخيص المحض، مُعللاً تثويرات فكرة العودة للنبع المُتمثل بلوازم ونوازع تطوير شواخص الفنون العربيّة الإسلاميّة، وفي إحياء بلاغة ما نادى به تيّار إعادة الاعتبار والتدقيق الإجرائي لقيمة تلك الفنون التي سعى لطمسها الكثير مما تفاضلوا على تقديم الوجه الآخر والمغاير لمهابة وعبقريّة منجزات الحضارة العربيّة الإسلامية، بعد تلاطم موجات صحو تلك العقول التي شاء لها الدراسة في أوربا والخوض في تفاصيل أهميّة العودة لنقاء تلك المنابع التي أرست خلاصات ومرتسمات وجودها في الكثير من البحوث المختصة والراكزة في  مجالات الدراسات الاستشراقيّة التي أوضحت لنا مثابات الأهمية القصوى لها، وثم مَهّدت لظهور العديد من المدارس والاتجاهات الفنية في معمار حداثة الفن عالم اليوم، وبخاصة عند الحدود الشاخصة لمعنى قيمة النقود الجماليّة والدوافع الفكريّة أو للطليعيّة التي تسامى حضورها مع بدايات القرن العشرين بكامل ما حمل من تلاقيات وتناسلات ما بين جميع حضارات العالم.
من هنا ... تتشاخص الفكرة وتتبلّور مجدداً في تعاملات (غالب المنصوري) في خِضم هذا التناول المرهون بدواعي الوعي وخلاصة المتعة الروحيّة والسلامة النفسيةّ والمواقف الحقيقيّة لهكذا وضوح وتماثل معنى وتأكيدات وجود، لقيمة الذات التي يصبو ويبغي ويدافع.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وزير الداخلية في الفلوجة للإشراف على نقل المسؤولية الأمنية من الدفاع

أسعار الصرف في بغداد.. سجلت ارتفاعا

إغلاق صالتين للقمار والقبض على ثلاثة متهمين في بغداد

التخطيط تعلن قرب إطلاق العمل بخطة التنمية 2024-2028

طقس العراق صحو مع ارتفاع بدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram