تناقلت بعض المطبوعات ومواقع التواصل الاجتماعي تقريراً ترد فيه تصريحات لوزير الخارجية الأمريكي الأشهر السابق هنري كيسنجر يلخص فيه حقيقة ما حدث ويحدث في العراق ناسبا ذلك الى مخطط أمريكي قديم نوعا ما وبدا منذ العهد الدكتاتوري وصولا الى يومنا هذا والهدف منه اضعاف العراق والسيطرة عليه بهدف السيطرة على الشرق الاوسط والعالم كله ..
بغض النظر عن مصداقية التقرير وان كان ورد على لسان كيسنجر فإن ما حدث في العراق ويحدث وقد يحدث يتطابق حرفيا مع ما ورد في التقرير الذي يشير الى ان صدام حسين ساعد الامريكان بعلمه ثم من دون علمه حين قاد العراق الى عدة حروب استنزفته واضعفته وجعلته ضحية حصار اقتصادي كان مقصودا ايضا لا لمعاقبة العراق، بل للامعان في اضعافه وبالمقابل تقوية شوكة المعارضين لسياسة حكومته ودعمهم للاطاحة بالرئيس المخلوع والتمكن من حكم العراق وفق الاسلوب الامريكي وتحت رعاية أمريكية ..حتى هذا الحد كان السيناريو يصب في مصلحة العراقيين ظاهريا أما ما أعقب ذلك فهو يمثل الخديعة التي جرّت العراق الى ما وصلنا اليه من انحدار ، وهو ما يوضحه كيسنجر – ان كان فعلا قد كتب هذا التقرير المفصل لسياسة امريكا تجاه العراق لأن من عادة الامريكان ألا يفصحوا عن أهدافهم المستقبلية، بل يسعون اليها عمليا –فهو يقول ان الامريكان استخدموا ورقة الطائفية والصراعات القومية والتأثيرات الاقليمية ليحولوا العراق الى خرقة ممزقة ما بين اطياف وانتماءات مختلفة وليستمر الخلاف بينهم ويتواصل الصراع على الحكم والامتيازات والمصالح وتطفو كل النوايا الخبيثة على السطح بينما تتفرج أمريكا وتواصل تنفيذ مخططها بنجاح حتى تحقيق اهدافها ..
قد لا يكون ما ورد في التقرير تصريحات كيسنجرية وربما تفوح منها رائحة المخابرات الامريكية بهدف جرّنا الى زاوية الاعتراف بالهزيمة لضمان الخضوع التام وترك قيادنا لأمريكا لتوجهنا الى ما يساعد على انفراج ازماتنا التي أوقعتنا فيها ثم ستعمد الى حلها تدريجيا لتصنع عراقا جديدا خاضعا لها بارادته مقابل عودة بعض الأمان والانفراج الاقتصادي اليه ، لكن المؤلم في الأمر أن ما ورد في التقرير لا يخفى عن أحد من ساسة العراق لكنهم يواصلون تنفيذه حرفيا وكأنهم اعتادوا على أن يقودهم ويوجههم غيرهم والدليل على ذلك لجوءهم الى الدول الاقليمية والخارجية كلما طرأ في العراق شأن داخلي في الوقت الذي ينبغي عليهم توحيد جهودهم وجمع كلمتهم للنهوض ببلدهم وجعله قوة بهم لا بدعم الآخرين الذين تهمهم اطماعهم أكثر مما يشغلهم مستقبل العراق واستقراره وأمان أهله وخلاصهم من كل تهديد يقودهم لتكبد خسارات جديدة ..
ما يؤلم أكثر أن يُصدق ساسة العراق انهم يصنعون مستقبل العراق بأيديهم رغم كونهم أسوأ مَن يرسم سياسة بلد ...خاصة وان كل شيء مرسوم ومعدّ بشكل دقيق مسبقا وماعليهم الا أن يكونوا اداة طيعة لتنفيذه ..ومثلما سلم صدام حسين العراق لأمريكا بعلمه ثم من دون علمه –كما يقول التقرير – سيسلم قادة العراق الجدد البلد برضاهم وعن طيب خاطر، فالمصلحة أهم بكثير لديهم من الوطنية .
نحن .. وكيسنجر
[post-views]
نشر في: 13 مارس, 2017: 09:01 م