TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بدلاً من الرعاية الاجتماعية

بدلاً من الرعاية الاجتماعية

نشر في: 13 مارس, 2017: 06:29 م

adnan.h@almadapaper.net

لا أظنّ أن بيانا كهذا هو مما يُسرّ أحداً كل السرور إلا بحدود، حتى بالنسبة للذين عناهم المتحدث باسم المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء في تصريحه أول من أمس بخصوص نظام الرعاية الاجتماعية.
المتحدث الحكومي، السيد سعد الحديثي، أعلن عن أن الحكومة زادت التخصيصات المالية لهذا النظام، وباتت تُنفق أكثر من ترليوني دينار سنوياً على نحو مليون أسرة مشمولة بالنظام، بواقع مبلغ مقطوع يصل إلى 225 ألف دينار (أقل من 200 دولار اميركي) شهرياً لكل أسرة، وأفاد أيضاً بالمباشرة، بدءاً من شهر ايلول المقبل، ببرنامج مكمل للنظام لتمكين الأسر المشمولة بشبكة الحماية الاجتماعية والمتلقية الإعانات الشهرية من انتظام ابنائها بالدراسة بزيادة مبالغ الاعانة الاجتماعية لهذه الأسر، والخضوع للرعاية الصحية للأمومة والطفولة والالتزام بحملات التلقيح ضد الامراض السارية التي تجريها وزارة الصحة للامهات والرضّع والاطفال استكمالاً لبرنامج الحكومة في إطار سياسة حماية الطفولة.
تجربة السنوات الماضية أظهرت أن هذا النظام لم يسلم من وباء الفساد الإداري والمالي، فبينما حُرِمت منه آلاف الأسر المستحقة كان في المقابل الآلاف من الموظفين الحكوميين يستحوذون على هذه المستحقات، أو أن بعض المستفيدين منه هم ممن لا يستحقون أي إعانة، بمن فيهم تجار وأصحاب أعمال حرة مزدهرة. ومنذ أسبوع أعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عن اكتشاف 19 ألفاً و755 متجاوزاً على برنامج شبكة الحماية الاجتماعية خلال العام الماضي وحده.
  من دون التقليل من جدوى هذا البرنامج في الظرف الراهن ولا من أهمية ما تقوم به الحكومة على هذا الصعيد، فإنه مع استمرار الأزمة المالية الناجمة عن انهيار اسعار النفط وعن تكاليف الحرب ضد داعش، فضلاً عن الكلفة الباهظة للفساد، فإن هذا البرنامج سيظلّ يُرهق موازنة الدولة فيما هو لا يقدّم ما يسدّ الحاجة ويحفظ الكرامة الإنسانية، فليس هناك من عائلة ( 5 – 6 أفراد) تستطيع العيش بالتخصيص الشهري الذي يقرّره البرنامج.
أحسن عمل يُمكن للحكومة أن تقوم به حيال الفقراء في هذا البلد وحيال الموازنة العامة هو مكافحة الفساد الإداري والمالي مكافحة حقيقية، فالفاسدون في الدولة وخارجها يستحوذون على حصة مُعتبرة من المال العام، وهم بهذا يحولون دون معافاة الاقتصاد الوطني، وبالتالي دون توفير فرص العمل للفقراء ولغيرهم، وبخاصة الخرّيجين.
والأجدى من زيادة تخصيصات برنامج الحماية الاجتماعية، الاستثمار الجادّ في قطاعات الاقتصاد الوطني الرئيسة، الزراعة والصناعة والسياحة، فهذا الاستثمار هو مما يزيد من مدخولات الموازنة العامة ومما يوفر فرص العمل للشباب وسواهم ويعافي الحياة الاجتماعية.  

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram