adnan.h@almadapaper.net
لا أظنّ أن بيانا كهذا هو مما يُسرّ أحداً كل السرور إلا بحدود، حتى بالنسبة للذين عناهم المتحدث باسم المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء في تصريحه أول من أمس بخصوص نظام الرعاية الاجتماعية.
المتحدث الحكومي، السيد سعد الحديثي، أعلن عن أن الحكومة زادت التخصيصات المالية لهذا النظام، وباتت تُنفق أكثر من ترليوني دينار سنوياً على نحو مليون أسرة مشمولة بالنظام، بواقع مبلغ مقطوع يصل إلى 225 ألف دينار (أقل من 200 دولار اميركي) شهرياً لكل أسرة، وأفاد أيضاً بالمباشرة، بدءاً من شهر ايلول المقبل، ببرنامج مكمل للنظام لتمكين الأسر المشمولة بشبكة الحماية الاجتماعية والمتلقية الإعانات الشهرية من انتظام ابنائها بالدراسة بزيادة مبالغ الاعانة الاجتماعية لهذه الأسر، والخضوع للرعاية الصحية للأمومة والطفولة والالتزام بحملات التلقيح ضد الامراض السارية التي تجريها وزارة الصحة للامهات والرضّع والاطفال استكمالاً لبرنامج الحكومة في إطار سياسة حماية الطفولة.
تجربة السنوات الماضية أظهرت أن هذا النظام لم يسلم من وباء الفساد الإداري والمالي، فبينما حُرِمت منه آلاف الأسر المستحقة كان في المقابل الآلاف من الموظفين الحكوميين يستحوذون على هذه المستحقات، أو أن بعض المستفيدين منه هم ممن لا يستحقون أي إعانة، بمن فيهم تجار وأصحاب أعمال حرة مزدهرة. ومنذ أسبوع أعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عن اكتشاف 19 ألفاً و755 متجاوزاً على برنامج شبكة الحماية الاجتماعية خلال العام الماضي وحده.
من دون التقليل من جدوى هذا البرنامج في الظرف الراهن ولا من أهمية ما تقوم به الحكومة على هذا الصعيد، فإنه مع استمرار الأزمة المالية الناجمة عن انهيار اسعار النفط وعن تكاليف الحرب ضد داعش، فضلاً عن الكلفة الباهظة للفساد، فإن هذا البرنامج سيظلّ يُرهق موازنة الدولة فيما هو لا يقدّم ما يسدّ الحاجة ويحفظ الكرامة الإنسانية، فليس هناك من عائلة ( 5 – 6 أفراد) تستطيع العيش بالتخصيص الشهري الذي يقرّره البرنامج.
أحسن عمل يُمكن للحكومة أن تقوم به حيال الفقراء في هذا البلد وحيال الموازنة العامة هو مكافحة الفساد الإداري والمالي مكافحة حقيقية، فالفاسدون في الدولة وخارجها يستحوذون على حصة مُعتبرة من المال العام، وهم بهذا يحولون دون معافاة الاقتصاد الوطني، وبالتالي دون توفير فرص العمل للفقراء ولغيرهم، وبخاصة الخرّيجين.
والأجدى من زيادة تخصيصات برنامج الحماية الاجتماعية، الاستثمار الجادّ في قطاعات الاقتصاد الوطني الرئيسة، الزراعة والصناعة والسياحة، فهذا الاستثمار هو مما يزيد من مدخولات الموازنة العامة ومما يوفر فرص العمل للشباب وسواهم ويعافي الحياة الاجتماعية.