تبدأ اليوم رحلة التحدي الاستثنائية لمنتخب أسود الرافدين في طريق تصفيات كأس العالم الروسية، بجولة الإياب التي تشكّل مرحلة مفصلية في مستقبل هذا الجيل، بعدما وجد نفسه خائباً في جولة الذهاب ولم يتمكن من تمثيل وطنه بما تتطلبه المهمة من استعداد كامل، فكان مصيره حتمياً، أن يتخلف في الترتيب الأدنى بعد أربعة فرق!
انطلاقة التحضير ستكون من إيران السبت المقبل، بلقاء مغلق عن وسائل الإعلام والجمهور ومفتوح لرؤية المدربين، لاسيما أن الكابتن راضي شنيشل، مطالب بالاستفادة من طبيعة المباراة الى أقصى حدود الطموح من خلال استقرار عناصر المنتخب وفق المراكز التي تخدم مواجهة نظيره الاسترالي يوم 23 آذار الحالي، برغم صعوبتها كونها أولى محطات الاختبار الجدي بعد أربعة اشهر من التوقف ما بين المرحلتين، يفترض أن شنيشل استفاد كثيراً من دروس الهزائم وسيأخذ حَذره من تكرارها.
عدم الاستقرار على التشكيل من أبرز النقاط الخلافية بين المدرب وكثير من النقاد، وحتى زملاءه المدربين، يستغربون كُثرة التغيير في تشكيلاته للمواجهات السابقة، وهي مسألة بديهية أن يثبّت المدرب الأعمدة الرئيسة للمنتخب ومتى ما سمح له ظرف المباراة بالتغيير يتخذ قراره حسب حاجته، أما أن يكون له في كل مباراة توليفة معينة تشعرنا بفقر الانسجام مع اخفاقتها المريرة بعدم استمرار تمرير الكرة من الدفاع الى الوسط ومنه الى المهاجمين، بأكثر من أربع نقلات، فالعلّة واضحة، ولابد أن تعالج بدراية وافية عن قدرات كل لاعب قبيل الدخول في موقعة طهران بأمل جديد.
الملاحظ عن الفارق بين توليفتي الأسود ومنافسيهم الكناغر، أن هناك خمسة لاعبين فقط يلعبون في الدوري الاسترالي بينما البقية على النحو التالي: أربعة في انكلترا، وإثنان لكل من المانيا والدنمارك واليابان، وواحد في دوريات هولندا والإمارات وايطاليا واسكتلندا والصين، وعزز المدرب أنجي بوستيكوجلو، القائمة لمواجهة الأسود باللاعب المخضرم تيم كاهيل نجم نادي ملبورن سيتي، برغم اعتراف أنجي، أن كاهيل لم يخض مباريات كافية في شباط، وأنه لجأ لدعم صفوفه بخبرته لإزالة الضغط عن لاعبيه، وعزز قوله بإنه، خرج بتشكيلة قوية مزيجاً من الخبرة والحيوية ولاعبين يلعبون بانتظام!
تصوّروا أن أنجي، احتفظ بخمسة لاعبين لم يسبق أن لعبوا دولياً فرؤيته انهم يزدادون خبرة بتوالي المهمات، وفي دوري الكرة الممتاز، هناك لاعبون مبدعون، يعلم شنيشل جيداً، أنهم أفضل من غيرهم، في مراكزهم ذاتها ممن ضمّتهم قائمته المعلنة قبل يومين، لكنه لم يزل متحفِّظاً بخيار المغامرة ، ويرى أن اللعب بأوراق مجرّبة أأمن له أمام استراليا والسعودية في الأقل، لمعرفة النتيجة وما تسفر عنه حظوظنا.
الأمر الآخر الذي يجب أن يحتاط له شنيشل أمام استراليا، أن منتخبنا عانى كثيراً في لقاء الذهاب من قصر قامة أغلب لاعبينا، لاسيما في منطقتي الدفاع والوسط، ما سمح للمنافس أن يلعب فيهما متى ما يشاء، من دون مضايقة وسجل هدفين بسيناريو مشابه نتيجة ضعف الرقابة لعدم التكافؤ بالبنية الجسمانية وبطء حركة لاعبي الوسط في انتزاع الكرة أو المبادرة للهجوم، مع انعدام الثقة للأسف، تحت الضغط النفسي بوجود بون شاسع بينهم وبين الاستراليين، وهي حقيقة من دون شك، لكن حسابات المواجهة ذهنياً، ليست كذلك على أرض الملعب، وبالمناسبة، فالمدرب الاسترالي أنجي، يكررها قبل كل مباراة تجمعه مع الأسود " تدهشني روحية التحدي لدى العراقيين" ما يعني أنه يشعر بالقلق والخوف أيضاً برغم أن كتيبة منتخبه مدجّجة بلاعبين عمالقة جسمانياً وعقلياً.
لتكن سمعة البلد دافعاً كبيراً لتحقيق هدف الأسود من جولة المصير المونديالي فلا شيء أغلى منها، وحتى لو تعسّر الفوز، يجب أن نشعر بقناعة تامة، أن هناك عطاءً كبيراً في (أولمبي باص) للاعبين لا يرغبون في اللهو بكرة مجنونة، بل الاستقتال من أجل استعادة كرامة كل مشجّع تقطّعت أنفاسه بكاءً على ضياع هيبة الكرة العراقية.
ألعبوا لكرامتكم
[post-views]
نشر في: 14 مارس, 2017: 09:01 م