اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > فرهادي.. بائع الجمال المتجول

فرهادي.. بائع الجمال المتجول

نشر في: 15 مارس, 2017: 09:01 م

-2-
يثبت لنا  أصغر فرهادي في فيلمه (بائع متجول) انه صانع حكايات متفرد، يصوغ من التفاصيل الصغيرة موضوعات تنفذ الى قضايا تتعلق بهموم وهواجس وأحلام نعيشها، موضوعات مغرقة في محليتها لكنها بالتأكيد، تمدّ اهتماماتها خارج حدود المحلي لتنسج همّاً انسانياً مشتركاً.
يضمن فيلمه موضوعاً مسرحياً، يبدأ وينتهي بمشهد من المسرحية.. هي مسرحية عالمية معروفة (موت بائع متجول) لارثر ميلر  ونال عنها جائزة "بوليتزر".. وفي كل أعماله يلقي ميلر الضوء على قضية الفقر والطموح العائلة، وكذلك الاستغلال والطمع وما ينتج عنه من أزمات اجتماعية.  
الخوض في تفاصيل الفيلم، تظهر المقاربة الواضحة بين موضوعه وموضوع المسرحية.. وعلى جري أسلوب فرهادي، وخاصة في آخر عملين له، الأجواء وحتى الشخصيات نفسها تتحرك في مجال يجرب المخرج فيه - اعني المجال – رؤاه.
نحن أمام عائلة صغيرة مكوّنة من زوج عماد (شهاب حسيني)، وزوجته رانا (ترانة عليدوستي)، يعيشان في مدينة طهران المكتظة بناسها حدّ الاختناق، يعمل عماد مدرساً للغة، ويحظى بمحبة طلابه فيما يعمل ليلًا ممثلاً، في المسرح مع فرقة من الدرجة الثانية، وتعمل معه زوجته ممثلةً في الفرقة ذاتها، وكانا يجهّزان لبدء مسرحية مأخوذة عن نص (موت بائع متجول) لارثر ميلر.. يفاجأن بأعمال حفر تجري بجوار المبنى الذي يقطنان فيه، وصيحات تطالب سكان العمارة بالإخلاء، حيث تهتز العمارة وسط تصدّع الزجاج والجدران. يهم الزوجان بالمغادرة، بينما ينشغل عماد لمساعدة سيدة مسنّة على نقل ابنها المُعاق لخارج المبنى، نعرف فيما بعد أن العمارة لا تنهار، لكنها في الوقت نفسه، غير قابلة للسكن، فيقرر الزوجان المبيت مؤقتاً في قاعة المسرح، قبل أن يجد  زميلهما الممثل باباك، شقة للانتقال إليها، وينتقلا اليها ويكتشفان أن هناك غرفة مقفلة، ويخبرهما باباك، أن المستأجرة السابقة خزنت أغراضها في تلك الحجرة، وأنه كان من المخطط، أن تأتي قبل تسلمهما الشقة، لتنقل محتويات الغرفة، إلا أنه حدث ما عطّلها عن استئجار شقة جديدة، وقد تحتاج أياماً عدّة، لتأتي من أجل نقل أشيائها، ليكتشفا فيما بعد أنها مومس. ويضطرعماد لفتح الغرفة ونقل اشيائها الى السطح مما يثير غضبها عندما تعرف بالأمر عن طريق باباك.
وتتغير الأحداث بدخول شخص غريب الى شقة الزوجة، عندما تفتح باب الشقة بالخطأ وهي داخل الحمام، ليعود عماد ويجدها ممدّدة على أرض الحمام والدماء تسيل منها. ثم تبدأ رحلة انتقام الزوج بعد أن يرفض إبلاغ الشرطة.
الحركة بين البيت (المؤقت) وكواليس المسرح للزوجين اللذين ينتميان للطبقة الوسطى.. يحكمهما القلق واللا استقرار، وايضاً اللا يقين من كل شيء، وربما لهذا السبب لجآ الى المسرح.. ليفرغا شحنة تكاد تخنقهما، فمن جهة الزوجة المصدومة التي تعيش خوفها الخاص ويأسها والتي تضطر في أحد المشاهد، الى الانهيار والخروج عن العرض المسرحي.. والزوج الذي تسكنه مشاعر الانتقام وأخذ الثأر، والذي نراه بمشهد الرقود في التابوت (ينصت) لما تقوله زوجته في المسرحية، ومن جهة أخرى المتهم وعائلته الذين يبدون محاصرين بالخوف من كشف الحقيقة، وخوف الرجل الجاني الذي يحيلنا الى خوف (ويلي) بطل مسرحية ميلر، من فضيحة كشف علاقته مع المرأة الأخرى أمام أولاده وزوجته.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

نادٍ كويتي يتعرض لاحتيال كروي في مصر

العثور على 3 جثث لإرهابيين بموقع الضربة الجوية في جبال حمرين

اعتقال أب عنّف ابنته حتى الموت في بغداد

زلزال بقوة 7.4 درجة يضرب تشيلي

حارس إسبانيا يغيب لنهاية 2024

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram