تصريحات كبار المسؤولين الأمنيين بإعادة جميع النازحين الى مناطقهم المحررة من سيطرة تنظيم داعش ، خضعت لمصطلح "التحوير" فالنازحون من ناحية يثرب في قضاء بلد جنوبي محافظة صلاح الدين مازالوا ينتظرون العودة منذ أكثر من عامين.
مصطلح التحوير ابتكار عراقي شاع استخدامه بعد حرب الخليج الثانية اثناء تنفيذ شعار" يعمر الاخيار ما مدمره الأشرار" المصطلح انتقل الى التداول الشعبي في محاولة لمواجهة معاناة فرض العقوبات الاقتصادية ، ومع إصرار العراقيين على اللجوء للسخرية ، استنادا الى قاعدة "شر البلية ما يضحك " تداولوا قصصا وطرائف وحكايات من زمن التحوير ، ومنها حكاية كلب تخلى عن النباح واستعار صوت القط لفشله في العثور على عظم بنفايات الأسواق الشعبية .
من ابتكارات التحوير وقتذاك "ركع تايرات "معطوبة استجابة لطلبات سائقي سيارات الأجرة ومعظمهم من الموظفين و ضباط الجيش وأساتذة الجامعة لتوفير دخل يومي يغطي نفقات العائلة ، في المناطق الريفية شمل التحوير حتى الحمير بترقيمها ووضع علامات فارقة على ظهورها لتفادي سرقتها من اشخاص تخصصوا ببيعها لادارة حديقة الزوراء بمبلغ خمسة الاف دينار ما يعادل راتب اثنين من الموظفين لتقدم غذاء للأسد وبقية زملائه من اكلة اللحوم .
التحوير دخل الى الحياة السياسية من خلال إصرار بعض الأطراف المؤمنة بالنظام الديمقراطي على اجراء تغيير ديموغرافي في بعض المناطق لاسترداد حق تاريخي ، وناحية يثرب تعرضت الى هذا النوع من التحوير فأصبحت بحسب أهلها "المدينة المحورة " بعد ان تركوا منازلهم ومزارعهم على امل العودة القريبة بعد انجاز رفع العبوات والألغام وما خلفته العمليات الحربية من مظاهر دمار طالت جميع المنازل بلا استثناء.
يثرب تقع على نهر دجلة قريبة من مرقد السيد محمد سبع الدجيل ، اشتهرت ببساتين الحمضيات بكل انواعها ، وانتاجها يغطي اسواق العاصمة ، وهي المنطقة الوحيدة الصالحة نجحت فيها زراعة التفاح اللبناني بالحجم الكبير قبل استيراد نظيره من الجارة ايران ، يقول سكانها النازحون والمقيمون حاليا في مناطق احياء متفرقة ببغداد ، بان الاخبار الواردة من ناحيتهم تفيد بان بساتينهم دمرت بالكامل ، وحتى حميرهم تمت مصادرتها لاستخدامها في أغراض لوجستية تندرج في اطار تنفيذ برنامج إعادة الاستقرار في المدن المحررة من سيطرة تنظيم داعش .
أبناء يثرب او "المدينة المحورة" تعرضوا قبل "يوم السيادة " لحملات اعتقال بتهمة زرع عبوات في طريق العجلات والمدرعات الاميركية ،وحين اسدل الستار على هذا الفصل ، دخلوا في فصل اخر ، وتكررت الاعتقالات ، وهذه المرة بتهمة الانضمام لجماعات إرهابية.
أهالي يثرب كغيرهم من النازحين تقدموا بطلب الحصول على المنحة المالية المخصصة للمهجرين قسرا من المدن الخاضعة لسيطرة داعش ، راجعوا مكاتب وزارة الهجرة والمهجرين ، فلم يحصلوا إلا على وعود يطلقها مسؤولون أمنيون عبر شاشات فضائيات تابعة لأحزاب متنفذة تؤمن بديمقراطية خضعت هي الأخرى للتحوير وربما التدوير .
يثرب "المدينة المحورة "
[post-views]
نشر في: 17 مارس, 2017: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ناظر لطيف
جميل مقالك شكرا لك