بحضور رئيس الجمهورية، فؤاد معصوم، أكد وزير الموارد المائية، حسن الجنابي، أن سدَّ الموصل في حال مأمونة، خصوصاً، بعد تحريره من داعش، ولا يشكّل خطراً من أيّ نوع، بخلاف ما أشيع على مدى العام الماضي، فيما أعلن رئيس الجمهورية، عن عزم العراق، على عقد اتفاقي
بحضور رئيس الجمهورية، فؤاد معصوم، أكد وزير الموارد المائية، حسن الجنابي، أن سدَّ الموصل في حال مأمونة، خصوصاً، بعد تحريره من داعش، ولا يشكّل خطراً من أيّ نوع، بخلاف ما أشيع على مدى العام الماضي، فيما أعلن رئيس الجمهورية، عن عزم العراق، على عقد اتفاقيات مع جيرانه، بشأن المياه لضمان المصالح المشتركة.
جاء هذا في كلمة افتتح بها الجنابي، أعمال "المؤتمر العلمي الدولي الأول عن سدّ الموصل" الذي تنظّمه وزارة الموارد المائية، بالتعاون مع هيئات دولية تعاون العراق، في تأمين السد خلال يومي أمس واليوم.
ويعدّ هذا المؤتمر، أوّل رد رسمي عملي، على المخاوف والتحذيرات التي اطلقت داخل وخارج العراق بشأن امكانية انهيار سد الموصل والآثار التدميرية لذلك، على عدد من المناطق والمدن العراقية، خصوصاً وأن السد، يعدّ الأكبر في العراق، إذ يقوم بتخزين اكثر من 50% من عائدات نهر دجلة من تركيا.
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، قد حذّرت مطلع العام الماضي، من إمكانية موت وتشريد أكثر من مليون و500 ألف عراقي، يعيشون على ضفاف دجلة، بما في ذلك سكّان العاصمة بغداد، إذا ما انهار سد الموصل، وأفادت بوجود قلق حيال ذلك لدى الإدارة الأميركية التي دعت البنك الدولي، الى تخصيص 200 مليون دولار من قرضه للعراق لأعمال صيانة السد.
وقال وزير الموارد المائية، في كلمته، إن الفريق الثلاثي القائم على أعمال صيانة السد، والمشكّل من الوزارة وشركة تريفي الايطالية، التي تم التعاقد معها لصيانة السد، وفيلق المهندسين التابع للجيش الامريكي للإشراف على أعمال الشركة، قد قام بالأعمال اللازمة لضمان سلامة سد الموصل، حيث جرى تجديد شامل لنفق التحشية كهربائياً وميكانيكياً، واستكملت عمليات استيراد ونصب انظمة الحقن والتحشية بأفضل ما يتيحه السوق العالمية حالياً، كما يجري تشغيلها داخل النفق وخارجه في الأماكن المتفق عليها بصورة مستمرة لمدة 24 ساعة يومياً، اضافة الى تدريب المشغّلين العراقيين على الأجهزة الحديثة.
وأوضح الجنابي أنه، بعد تحرير السد من سيطرة تنظيم داعش، تم بذل جهد حكومي استثنائي، وبإشراف مباشر من رئيس الوزراء، حيدر العبادي، لمعالجة وضع السد، وجرى توقيع عقد مع شركة تريفي الايطالية لصيانة السد واتفاق مع فيلق المهندسين التابع للجيش الامريكي، للإشراف على اعمال الشركة وبدعم مالي من الحكومة الامريكية، وأضاف: أننا معنيون بسلامة كل منشآتنا، وسد الموصل بالتحديد به مشكلة فنية قديمة ومشخّصة في الطبقات الجيولوجية التي تقع تحت جسم السد، وهناك مكونات جبسية لهذه الطبقات، تذوب في المياه مما يخلق بعض الفراغات. وأردف قائلاً: لذلك نحن نقوم بحقنها بمادة اسمنتية تتصلب مباشرة بعد حقنها، وذلك لسد تلك الفرغات وتأمين سلامة السد، ونحن الآن مستمرون بمعالجتها. وأكد الجنابي أن، سد الموصل هو أهم وأكبر سد في العراق: ويعدّ من البنى التحتية الرئيسة فيه، إذ يقدم خدماته لكل البلاد على حوض دجلة وعبر الثرثار الى نهر الفرات، وبالتالي، فإن من مصلحتنا أن يكون هناك اطمئنان بكل ما يتعلق بسلامة هذا السد.
وأشار وزير الموارد، الى انشاء دول الجوار في الثمانينيات، شبكة سدود كبيرة، هو ما أدى الى تناقص إيراداتنا المائية، كما أن دخول العراق في نفق الحروب والعنف والتعسّف والاضطهاد السياسي والخلافات مع الجوار الجغرافي، أدت أيضاً الى اهمال اولويات البلاد المائية والزراعية، فتحول العراق الى مستورد للغذاء بنسبة تزيد على 70% من احتياجاته، والى مستلم سلبي للنتائج والإجراءات والأنشطة، دون أن تتاح له شروط الانتقال الى الواقع المائي الشحيح، في ظل تنافس غير مسبوق على الموارد المائية، وكانت النتيجة تحطيم قدرات البلاد الاقتصادية والبنى التحتية، وما تبع ذلك من إرهاب.
من ناحيته قال رئيس الجمهورية، فؤاد معصوم، في كلمته، إن العراق يعتزم ابرام اتفاقيات مائيّة مع دول الجوار، كون التجاوزات من هذه الدول، قد أضرّت باقتصاد البلد.
وكان الوزير الجنابي، قد بدا متفائلاً على هذا الصعيد، ففي حديث لـ(لمدى)، على هامش المؤتمر، أكد نجاح زيارته الأخيرة الى العاصمة التركية أنقرة، ولقاءه بالمسؤولين الأتراك، خصوصاً فيما يتعلق بتأمين حصصنا المائية في نهر دجلة، الذي يراه دافعاً مهماً لإيلاء هذا السد اهتماماً خاصاً لوقوعه جغرافياً تحت سد اليسو التركي، الذي يجرى إكماله في أعالي النهر.
وكان الخبير والمستشار السابق بوزارة الموارد المائية، عبد عون ذياب، قد أوضح في وقت سابق في حديث لـ(لمدى)، إن "القول بإمكانية انهيار سد الموصل، ينطوي على مزيج بين الحقيقة والاكذوبة"، مشيراً إلى أن "الحقيقة هي أن السد، بُني على كتل جبسية قابلة للذوبان بالمياه، لذلك أوصى الاستشاري المشرف على السد في ثمانينات القرن الماضي، بحقن السمنت داخل التجاويف التي تحصل، نتيجة ذلك واستمرارها، وذلك موثّق رسمياً ولا يقبل النقاش، بحسب قول ذياب، لكنَّ فتوراً حصل بعملية الحقن بعد سنة 2003، كما توقف الحقن للسد مدة 45 يوماً بسبب سيطرة تنظيم داعش عليه.
كما أعرب ذياب عن أسفه كون "الحديث عن انهيار السد، وصل الى مستوى مواقع التواصل الاجتماعي من قبل غير المتخصصين، الأمر الذي خلق نوعاً من القلق والبلبلة من دون معرفة التفاصيل بنحو تخصصي وعلمي من قبل المعنيين".
ويبحث المؤتمر الذي تتواصل اعماله اليوم أيضاً، تحليل سلامة السد بطريقة "بي اف ام آي"، والتعاون الدولي في المجالات المائية، والتكنولوجيا المعتمدة في اعمال التحشية، ودور البنك الدولي في صيانة السد، اضافة لدور الأمم المتحدة الانمائي في العراق، وتصاميم أسس المحطات الكهرومائية، وصيانة ستارة التحشية وتقييم حالة السد في ضوء التغييرات الحديثة، مع انشاء شبكة للمراقبة المستمرة والانذار المبكر لنظام الجيوتكنك، لكمية ونوعية المياه في سد الموصل.