منذ اجتياح النظام الصدامي دولة الكويت عام 1990، لم تستقر العلاقات العراقية – السعودية، أو تتطبّع بأدنى المستويات حتى بعد سقوط النظام السابق، وما حصل من تقارب من خلال التمثيل الدبلوماسي في السنوات الأخيرة، ظلّت معه العلاقات حذرة جداً ولم تثمر عن
منذ اجتياح النظام الصدامي دولة الكويت عام 1990، لم تستقر العلاقات العراقية – السعودية، أو تتطبّع بأدنى المستويات حتى بعد سقوط النظام السابق، وما حصل من تقارب من خلال التمثيل الدبلوماسي في السنوات الأخيرة، ظلّت معه العلاقات حذرة جداً ولم تثمر عن نتائج ايجابية سواء أكانت سياسية أم اقتصادية. وإذ يكشف مصدر سياسي رفيع لـ(المدى) بأن زيارة وفد وزارة الخارجية العراقية الى العاصمة السعودية الرياض، عقب زيارة وزير الخارجية السعودي الى بغداد، ركّزت على تطوير العلاقات الاقتصادية كونها أهم آليات تعزيز الثقة بين البلدين، وتشكيل مجلس رجال اعمال لمد جسور العلاقات التجارية والاقتصادية، تشيد الاقتصادية البرلمانية بهذه الخطوة "المهمّة" بعد السياسة "الخاطئة" التي كانت تنتهجها الحكومة السابقة، بينما يشكك خبير اقتصادي من أن يكون للأمر مصلحة سعودية بالدرجة الأولى.
المصدر الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، قال في حديث لـ(المدى)، إن هدف زيارة وفد الخارجية العراقية كان لتطوير العلاقات وتعزيز أواصر الثقة بين البلدين، وإن من بين أهم آليات تعزيز الثقة، هو تطوير العلاقات الاقتصادية من خلال تشكيل مجلس رجال اعمال بين البلدين يأخذ على عاتقه مهام مد جسور العلاقات التجارية والاقتصادي، خاصة وأن رغبة السعودية، تركّزت في فتح المنفذين الحدوديين في عرعر وجميمة، ودعم الصادرات التجارية والصناعية السعودية للعراق، واستخدام المنفذين لدخول البضائع السعودية مباشرة الى السوق الاقتصادية العراقية.
وواصل المصدر، بأن الجانب العراقي، أعرب عن دعمه لهذه المقترحات، كما أظهر الرغبة، بأن يرى تواجداً للمملكة في عملية دعم الاستقرار في المناطق المتضررة، من جراء اعمال داعش الإرهابية، وذلك لتمكين أهالي المناطق من العودة اليها في المدى القصير، بعد توفير الخدمات من مستشفيات متنقلة ومدارس مؤقتة، ثم المشاركة في إعادة إعمار هذه المناطق على الأمد الطويل، وأضاف أن، الجانب السعودي، أكد أيضاً، على حرص المملكة وتقديرها لخصوصية العلاقة مع العراق، ورغبتها في إنشاء مجلس تنسيقي بين البلدين، ليكون مظلة تعمل تحتها كافة مجالات العلاقة بين البلدين.
عضو اللجنة الاقتصادية البرلمانية نورة البجاري، ترحّب بفتح خط من العلاقات الثنائية الاقتصادية بين العراق والسعودية، معتبرةً أن، الأخيرة تعد من الدول الاقليمية الغنية والمهمة، وإن زيارة وفد من الخارجية برئاسة وكيل الوزارة، هي خطوة مهمة بالاتجاه الصحيح، خاصة وأن ربط العلاقات الاقتصادية بالجانب السياسي التي كانت تنتهجها الحكومة السابقة، أمر خاطئ.
علاقاتنا السياسية مضطربة منذ فترة مع تركيا، لكن لايزال التبادل التجاري قائماً بين البلدين، كما تشير البجاري التي تتساءل: لماذا لا يكون الأمر مماثلاً مع السعودية،؟ مسترسلة بالقول إن، مشكلة العراق في السنوات السابقة كانت في سياستها الخارجية الخاطئة، لذلك فإن الانفتاح اليوم، على العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع السعودية، يعد أمراً جيداً ومهماً، فالعراق لديه خط ستراتيجي لنقل النفط عبر السعودية ومن المهم جداً إعادة تشغيله، كما أن المملكة لديها تجارة وهي دولة مصنّعة لمواد مهمة يستوردها العراق، عبر دول أخرى، لما لا يستفيد العراق الآن من التبادل المباشر مع السعودية، بل حتى تفعيل المنافذ البرية معها يمكن لها أن يُدر اموالاً تعد ايرادات اضافية للبلد تعزيزاً للإيرادات النفطية.
وتتوقع البجاري: أن يكون المردود الاقتصادي للعراق، مفيداً جداً من تطوير هذه العلاقة، حتّى في قضية المشاركة بإعادة اعمار المناطق المحررة، حيث سمعنا قبل فترة، بأن السعودية صرفت مبالغ كبيرة لهذا الشأن، لكن لا أحد يعلم اين ذهبت، وبالتالي لماذا لا نعمل على أن تأتي اموال إعادة إعمار المناطق المحررة عن طريق القنوات الدبلوماسية والحكومية، بدلاً من أن تذهب لجيوب المستفيدين خارج نطاق الحكومة. يختلف الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي، مع ما ذهبت اليه عضو اللجنة الاقتصادية إذ يرى: أن العراق من الدول المستوردة غير المنتجة، واقامة اية علاقات اقتصادية مع أية دولة تكون بها الدولة الأخرى هي المستفيدة غالباً، إلا اذا كانت تلك الدولة بما فيها السعودية، مستعدة لإرسال رجال اعمالها للاستثمار داخل العراق، الأمر الذي قد ينعش قطاعات الصناعة، مما يمكن أن يكون له فائدة للعراق، لكن بالأعمّ الأغلب، فإن العلاقات التجارية مع كل دولة العالم، هي علاقات من طرف واحد، لأننا مجرد دولة مستهلكة غير منتجة.
علي يؤكد أيضاً، على أن: العراق سيصبح سوقاً كبيرة لتصريف البضائع، بل حتى فيما يتعلق بعملية إعمار المناطق المحررة، فهو واجب اخلاقي والتزام دولي تجاه العراق، كونه يحارب الإرهاب بالنيابة عن الدول كلها. وبحسب قوله، فإن السعودية كانت تتبنى دائماً بأنها المدافع عن الشارع السني في العراق، لذلك هي اليوم على المحك في مدى مصداقية دفاعها عن هذا الشارع الذي يعاني من نقص الخدمات وتدمير مدنه، واذا ما كانت صادقة في الدفاع عنهم، فإن الاموال أولى أن تدفع لتعمير مناطقهم المدمّرة بسبب الإرهاب بدلاً من إنفاقها على تحشيد ذلك الشارع بهدف الخروج على الدولة أو محاولة زعزعة النظام السياسي في العراق، وهذا الأمر لا يحتاج الى انشاء مجالس، فالسعودية ذات قرار مركزي بيد الملك، واذا قرر اليوم ارسال 4 أو 5 مليارات دولار، لإعادة اعمار الموصل وصلاح الدين والأنبار، فإن هذا القرار يكون نافذاً بمجرد كلمة واحدة منه، ومن ناحية أخرى، حتى فتح المنافذ الحدودية مع المملكة هي لدخول البضائع السعودية للعراق وليس لخروج الحجيج.