TOP

جريدة المدى > تقارير عالمية > كتاب جديد عن الثورة الروسية

كتاب جديد عن الثورة الروسية

نشر في: 23 مارس, 2017: 12:01 ص

في ذكرى مرور 100 عام على قيام الثورة الروسية التي أطاحت بالحكم القيصري في روسيا وأقامت اول دولة اشتراكية تتسابق دور النشر العالمية لإصدار عناوين تتحدث عن احداث عام 1917ذلك العام الصاخب والمضطرب الذي شهدته روسيا وفي هذا السياق ياتي الكتاب الجديد الذي

في ذكرى مرور 100 عام على قيام الثورة الروسية التي أطاحت بالحكم القيصري في روسيا وأقامت اول دولة اشتراكية تتسابق دور النشر العالمية لإصدار عناوين تتحدث عن احداث عام 1917ذلك العام الصاخب والمضطرب الذي شهدته روسيا وفي هذا السياق ياتي الكتاب الجديد الذي قامت بتأليفه الكاتبة الانكليزية هيلين رابابورت تحت عنوان (احاديث عن الثورة) حيث تعرض لمذكرات ورسائل العديد من الشخصيات الاجنبية التي كانت تعيش في بتروغراد عاصمة روسيا القيصرية ابان تلك الاوقات العاصفة
ورابابورت (ولدت عام 1947) كاتبة شغوفة ومتخصصة بتاريخ روسيا وألّفت العديد من الكتب التي تناولته
. "بحق السماء، لا ترسلي لنا أية مقالات عن الروح الروسية فأي شخص آخر يمكن ان  يفعل ذلك اذهبي الى روسيا وابعثي لنا اخبارا وتحقيقات من هناك . هكذا قال رئيس تحرير صحيفة نيويورك ايفنغ ميل  للصحفية  ريتا تشيلد دور قبل مغادرتها الى بتروغراد في ايار  1917.وكانت تلك  نصيحة رائعة فمن زار بتروغراد عاصمة روسيا القيصرية في عام  1917 من الصحفيين سيعثر على   قصص يسيل لها لعابُ  كل مراسل مقدام  : بلاد خسرت  الحرب ، وملايين من ابنائها تم تجنيدهم قسراً في قضية خاسرة، واعداد  هائلة من المشردين والنازحين ، وانتشار للجوع والمرض، وفراغ في الحكم  .
وفي الوقت الذي وصلت فيه تشيلد دور الى العاصمة الروسية، كان قد تم أجبار القيصر على التنازل عن العرش.و قام بتغطية الحدث صحفيان من  أمريكا الشمالية وهما  فلورنسا هاربر، وهي  صحفية  كندية، ودوغلاس طومسون، وهو مصور من الولايات المتحدة  فقد تنبّآ  بحسهما  الصحفي أن في انتظارهما  مجموعة من  الأحداث الجسام. بعد مشاهدتهما  لحشود الناس التي تبحث عن الخبز فيما كان  جنود الخيالة القوزاق يقومون بتفريقهم  بقسوة الى جميع  الاتجاهات. كتب تومسون لزوجته: "أنا اشم رائحة المتاعب والحمد لله انني موجود هنا لالتقاط  الصور."
مع اقتراب حلول الذكرى المئوية  لحدث  روسيا العظيم ، تقدم لنا الكاتبة البريطانية  هيلين رابابورت كتابا يضم مجموعة من المقالات والدراسات . وهو، كما تقول، نتيجة 20 عاما من البحث المضني في كل ما كتب عن تلك الثورتين . بعضها من اصدارات معروفة، مثل كتاب جون ريد عشرة أيام  هزت العالم. وبعضها  مذكرات طواها النسيان   نشرت بعد وقت قصير من عام 1917. وكثير من مصادرهاس كانت  حزم من الرسائل محفوظة في اراشيف مكتبات غير معروفة .كتب هذه الرسائل  عدد من الدبلوماسيين والمربيات ورجال الأعمال وممرضات الصليب الأحمر وعمال الإغاثة والصحفيين والجواسيس. من بينهم  إميلين بانكيرست، وهي ناشطة سياسية بريطانية وقائدة الحركة البريطانية سوفرجت التي ساعدت المرأة في الحصول على حق التصويت. حيث  اوقفت حملتها من اجل منح النساء حق التصويت مع اندلاع الحرب العالمية الأولى. وجابت  بريطانيا لحث النساء على دعم المجهود الحربي، و سارعت للذهاب الى  بتروغراد في حزيران 1917 بدعم من رئيس الوزراء لويد جورج في محاولة لمنع الثوار اليساريون الروس من اخراج  روسيا من الحرب مع ألمانيا. و هناك ايضا الكاتب سومرست موم، الذي ذهب إلى العاصمة الروسية كجاسوس بريطاني وقام بإرسال رسائل مشفرة إلى لندن له حيث  كان يرمز  للينين باسم "ديفيس"، و لتروتسكي  باسم "كول" والكسندر كيرينسكي، رئيس الحكومة  المؤقتة الحكومة، كان يرمز له باسم "لين". ومثل بانكهيرست، عمل  موم على دعم كيرينسكي وافشال الدعاية الألمانية التي كانت تشجع روسيا على الاستسلام.
اما في اقصى  اليسار كان هناك  آرثر رانسوم، الذي عاد إلى روسيا في عام 1919 وكتب مقالة  متعاطفة مع الثورة في صحيفة  مانشستر غارديان. وقد كان يعمل في عام 1917،مراسلا  لحساب صحيفة ديلي نيوز. ونظرا  لاصابته بالزحار وظروف العيش الصعبة    في مدينة تسودها الفوضى، غادر الى بلاده من اجل  الراحة والاستجمام  في ايلول  1917 مما جعله لا يشهد احداث قيام ثورة أكتوبر، على الرغم من انه كان مقتنعا ان البلاشفة كانوا يستعدون للاستيلاء على السلطة. وفي  وقت سابق في ايار من ذلك العام ، كان قد اشتكى في رسالة الى والدته "لا يمكنك أن تتخيلي  ما وصلت اليه حالتي المرضية  . وفي  نفس الوقت فان الاحداث تجري هنا  بسرعة إلى الحد الذي لا استطيع فيه بالمخاطرة بتركها... ومع ذلك قررت تركها  فبتروغراد تجعل من الانسان العاقل  شخصا مجنونا ". وباستخدام ملاحظات العديد من الشخصيات الاجنبية، وكذلك اقوال شهود العيان فان المؤلفة  ،ترسم لنا صورة حقيقية  لشهور من الفوضى، حيث  الحشود المندفعة التي تنهب المخابز والاستخدام الكثيف لاطلاق النار، الذي كان احيانا يبدو عشوائيا وكان يستهدف الناس بشراسة. وفي وسط ذلك كله كانت هناك اوقات تعود فيها الحياة الى طبيعتها   في تجمعات اثرياء المجتمع، حيث تقام  الحفلات  التي توزع فيها الشمبانيا في السفارات وتنظم الرحلات إلى المحال التجارية الفاخرة. ويقضي  الأجانب اوقاتا طويلة  في  حضور حفلات  الباليه، تماما كما فعلوا في موسكو في بيئة أكثر استقرارا ايام  الحرب الباردة.
حتى جون ريد، العاشق العظيم للثورة، قطع تذاكر الذهاب لحفلة باليه في المساء بعد أن أرسل تروتسكي جنود الجيش الأحمر إلى احتلال مكتب التلغراف المركزي في بتروغراد، تمهيدا لاقتحام قصر الشتاء في وقت لاحق. ولحسن الحظ، فان ريد قد حدس أن شيئا ما يتم التحضير له  على قدم وساق حين كان يتمشى  هو وثلاثة صحفيين أميركيين آخرين في شوارع. بتروغراد وقد لاحظ ان "الجميع خارج المدينة هذه الليلة - الجميع عدا المومسات،". وقد خطرت له هو وأصدقاؤه، فكرة التخلي عن الذهاب  إلى حفله الباليه والتوجه بدلا من ذلك إلى مقر البلاشفة في قصر سمولني. وعند منتصف الليل، تسلقوا على شاحنة مليئة بالجنود والبحارة وصلت إلى قصر الشتاء مقر الحكومة المؤقتة.
دائما ما كان يشوب التحولات الثورية الكثير من الارتباك، وتصل الى قمتها عند لحظة  انتقال السلطة، التي غالبا ما تبدو عادية في لحظة حدوثها. وبعيدا عن مركز الزلزال، فان الحياة - في البداية على الأقل - تمضي كما كانت من قبل. فالقطارات تظل  تعمل. ويظل  الآباء يأخذون أطفالهم إلى المدارس. . يفتقر  الكتاب إلى أمرين. الأول هو تحليل معمق للقضايا الكبرى التي قسمت السياسيين الروس ومؤيديهم المتحمسين. ومما لا يثير الدهشة، ان ممثلي النخبة المتميزة، من الشخصيات البريطانية والأمريكية والمغتربين  الفرنسيين في بتروغراد الذين اعتمدت المؤلفة على مذكراتهم  في كتابها ، واعتمادها كذلك على آراء معظم الصحفيين الأجانب، كانوا معادين للبلاشفة وغيرهم من دعاة التغيير الجذري لأحوال روسيا. وهذا كله جعل كتابها يفتقر للحياد، ناهيك عن عدم كشفها لاسباب  حماس  الكثير من ابناء بتروغراد للقيام  بالثورة، حيث كان  عشرات الآلاف منهم قد عانى من الجوع والفقر. وبدلا من ذلك، فانها استخدمت الكليشيهات التي كانت ترددها الصحف  اليمينية عن "البلاشفة والفوضويين الذين يقومون بتأجيج الاحتجاجات"، "و مثيري الشغب بقيادة البلاشفة في الحاميات العسكرية "، "والتجمعات الحماسية التي كانت تلهبها خطب  تروتسكي"، "وعبارات البلاشفة الخطابية ذات البلاغة الرنانة  " و "كم سيكون  صعبا  ان يتم السيطرة على هولاء، الرعاع ".
والمشكلة الثانية هي عدم وجود  مصادر  من شخصيات روسية في الكتاب. و لا تقدم المؤلفة أي سبب  لذلك  ولاعتمادها على  خبرات اناس اجانب يتحدثون عن ثورة جرت في بلد كانوا غرباء عنه. ومع ذلك، فإن هناك بعض الفصول في الكتاب تقدم عرضا لأفكار  الروس وتعطي  بديلا للآراء المتحيزة التي قدمها  الغرباء. لم يكن ذلك بالطبع، ذنبها بسبب أن معظم المصادر التي اعتمدتها كانت لاشخاص لا يعرفون اللغة الروسية، وبالتالي كانت غير قادرة على الاستماع إلى الروس وهم يتحدثون عن بؤس الاضطهاد الطبقي وآمالهم في الثورة. ولكن خلال الحرب الباردة، وما بعدها ،  أصبح من المعتاد بالنسبة لمعظم السفارات والمنظمات ووسائل الإعلام والشركات  الأجنبية ان تلزم ممثليها في روسيا على تعلم اللغة الروسية قبل الذهاب الى هناك أو أثناء وجودهم هناك. ولكن لم يكن الامر كذلك في عام 1917،. وبالنسبة لكبار الدبلوماسيين، على الأقل حتى تلك السنة، فإنه لم يكن  مهماً  كثيراً معرفة اللغة الروسية فكأن السفيرين البريطاني والفرنسي في بتروغراد لا يتحدثان  بالروسية، ما دام لغة المحاكم كانت الفرنسية وكان  الوزراء الروس أيضا يتحدثون اما بالألمانية أو الإنكليزية.
سواء كانوا هواة، او متشككين أو ناقدين للثورة، فان معظم الصحفيين في بتروغراد في عام 1917 لم يكن يتكلمون مع احد او يستمعون لاحد  كانوا مجرد شهود عيان، وإن كانوا في كثير من الأحيان يمتلكون  موهبة وصف رائعة. لذلك اختارت المؤلفة مقالاتهم التي كانت تصف الأحداث  ببراعة..
عن الغارديان

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

امريكا تستعد لاخلاء نحو 153 ألف شخص في لوس أنجلوس جراء الحرائق

التعادل ينهي "ديربي" القوة الجوية والطلبة

القضاء ينقذ البرلمان من "الحرج": تمديد مجلس المفوضين يجنّب العراق الدخول بأزمة سياسية

الفيفا يعاقب اتحاد الكرة التونسي

الغارديان تسلط الضوء على المقابر الجماعية: مليون رفات في العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برنامج دولي لتحقيق أمن غذائي دائم للمتضررين فـي العراق

برنامج دولي لتحقيق أمن غذائي دائم للمتضررين فـي العراق

 ترجمة / المدى في الوقت الذي ما تزال فيه أوضاع واحتياجات النازحين والمهجرين في العراق مقلقة وغير ثابتة عقب حالات العودة التي بدأت في العام 2018، فإن خطة برنامج الأغذية العالمي (FAO )...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram