TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سيارات الدفع الجهادي

سيارات الدفع الجهادي

نشر في: 24 مارس, 2017: 09:01 م

مجموعة من الشباب سائقي سيارات الأجرة في بغداد ،  نظموا حملة  بعد اطلاق دعوة  عبر شبكة التواصل الاجتماعي  لصيانة الطريق السريع في العاصمة  . في كل يوم جمعة يجمع الشباب بسياراتهم الاسفلت  من أماكن متفرقة ،  ينقلونه الى  الأماكن المتضررة   لإصلاحها ، لاسيما انها كانت وراء حصول حوادث مرورية  على  الطريق الرابط  بين حي العامل  الى مدينة الكاظمية . الحملة تركت ارتياحا  بين الأوساط الشعبية ،  لأنها تعكس جانبا من التحدي لمواجهة الإخفاق الحكومي ،  وتبعث برسالة الى المسؤولين عبّر عنها المتطوعون ،  بانها محاولة لاستنهاض الضمائر  لعلها  تحرك  الشعور الوطني  لدى بعض من تصدّر المشهد ،   فيبادر مستخدما نفوذه  لتوفير "الزفت  والاسفلت "   لصيانة طريق  سلكها السياسيون  أصحاب النضال الجهادي ضد  النظام الدكتاتوري   للوصول الى منطقة الكاظمية لأداء مراسم الزيارة ،  والدعاء لنصرة المظلومين.
بفضل الاحتلال البريطاني للعراق استخدمت السكك الحديد كوسيلة للنقل ، وكان الهدف منها نقل النفط الخام، المستخرج من الشركات الاجنبية، ولم يكن الغرض خدمة مصالح الشعب العراقي، (وقاطرة ترمي الفضا بدخانها- وتملأ صدر الأرض في سيرها رُعبا) للشاعر الراحل معروف عبد الغني الرصافي، عبرت عن الاعجاب الشعبي بدخول وسيلة نقل جديدة الى البلاد في زمن شيوع استخدام البعران والخيل والحمير بالتنقل بين مدينة واخرى بسقف زمني يمتد عدة ايام وسط احتمال تعرض قوافل المسافرين لمخاطر الطريق، وصولات "السلابة" المسلحين الخارجين عن القانون ، قبل ان تعرف البلاد الميليشيات والتنظيمات الإرهابية.
 اعجاب العراقيين بالقطار دفعهم الى اطلاق اسماء عديدة  عليه ، ومنها الريل المحرف عن المفردة الانكليزية ، والشمندفر والسريع في اشارة الى القطار السريع ، وقد وردت في أغنية ريفية " ذبني السريع بليل ".  اما "الكولي" ومنهم من اطلق هذه المفردة على احد ابنائه، فتعني الشخص المكلف بوضع الفحم في مرجل الماكنة التي تعمل بقوة البخار ، مهنة الكولي صعبة وتتطلب مواصفات خاصة لابد ان تتوفر بالشخص المكلف بأداء المهمة، ومنها القوة العضلية والنشاط والحيوية .
 الأمثال الشعبية سخرت من بطء القطار ، بالقول "طبت الجطلة " في اشارة الى وصول قاطرة استغرق زمن ذهابها الى البصرة والعودة منها اكثر من أسبوع،سخرية العراقيين من "الجطلة " يمكن استخدامها في التعبير عن الاستياء والتذمر الشعبي من انعدام توفير الخدمات  بسبب نقص الموارد المالية الشماعة الجاهزة لتعليق أسباب الفشل  في  كل شيء  .المرحومة " الجطلة" ومنذ زمن بعيد أصبحت خارج الخدمة ، لكنها وبقدر ما خلفت من انطباع سلبي في اذهان من شاهدها ، اعادت حضورها في المشهد العراقي عندما تعلن الحكومة انها بصدد اعتماد خطة تنمية شاملة، توفر فرص العيش الرغيد في ظل القيادة الحكيمة ، وستكون بغداد افضل من دبي بالعمران وانشاء ابراج السكن على ضفاف نهر دجلة باستثناء الضفة المقابلة للمنطقة الخضراء لضرورات تتعلق بالحفاظ على الأمن القومي.
شباب حملة صيانة الطريق السريع  من سائقي  سيارات الأجرة ارتضوا عمل "  الكولي "   ليضمنوا وصول سيارات "الدفع الجهادي"  بسلام وأمان الى المراقد الدينية ، نسألكم الدعاء مولانا ودمتم  
للجهاد .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

 علي حسين ما أن خرج الفريق عبد الوهاب الساعدي ليتحدث إلى احدى القنوات الفضائية ، حتى اطلق بعض " المحلللين " مدفعيته تجاه الرجل ، لصناعة صورة شيطانية له ، الأمر الذي دفع...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

مثلث المشرق: سوريا ومستقبل الأقليات بين لبنان والعراق

سعد سلوم على مدار عقود، انتقلنا من توصيف إلى آخر: من "البلقنة" في سياق الصراعات البلقانية، إلى "لبننة" العراق بعد التغيير السياسي في أعقاب إسقاط نظام صدام حسين، وصولًا إلى الحديث اليوم عن "عرقنة"...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram