تناقضات عجيبة لم تزل تُشغل الشارع الرياضي الشغوف بالإطمئنان على منتخب بلاده غير مبالٍ لمتاهة الحسابات التكهّنية التي تساعده على صعود سلالم المجموعة الثانية لنيل بطاقة الملحق أو المراوحة في مركزه الخامس حتى إنجلاء آخر مباراة في الخامس من أيلول العام الحالي مودّعاً حُلمه المونديالي الثامن بمرارة وسخط كبيرين.
وإذا ما بدأنا باتحاد كرة القدم فإنه لم يزل يتعامل بلا جدية مع مهمة وجود المنتخب في تصفيات المونديال التي أخذت تهزّ كراسي اتحادات قديرة باحترافيتها وأموالها بسبب الانتكاسات المتوالية في الجولات الأخيرة ، وليس مستغرباً أن يُبادر مجلس إدارة أحد الاتحادات العربية الفاعل في محيطه الخليجي والمُنجِز على صعيد المنشآت ودوريه المميّز إلى تقديم الاستقالة الطوعية إحتراماً للمهمة التي تولاها ومشاطرة لمشاعر الناس وأسفاً لضياع الأموال الطائلة التي وفّرتها حكومته بلا عائد نافع ، أما أنتم يا مجلس إدارة اتحادنا من أين لكم هذا التحدّي بالتمديد لأنفسكم حتى انتهاء شرعيتكم ولا بينكم مَن يعترف بالفشل أو يعتصره قلبه أو تدمع عيناه لانكسار سمعة اللعبة وأفواه محللي الإعلام العربي والغربي تلوك بهزيمة العراق وضعفه في أرض الخصوم وانحسار أمله في أرضه البديلة . ألا يُرجفكم اسمُ العراق أم تعاليتم فوق جراحه وتركتم الحساب للاهثين في الملعب والحصانة لمن تدثّر فنادق الأحلام؟!
راهنتم على تناسي مهازل رحلة الذهاب مع أن الخسائر الأربع في استحقاق المونديال تنزع ثقة أي اتحاد يحتل أواخر التصنيف الرديء لجداول الفيفا الشهرية ، ليطوي عقده مع مدربه مهما كان الثمن ، ومع ذلك ساير الإعلام والجمهور وعودكم ومناوراتكم لقتل الوقت كي تمرّ التصفيات بسلام من دون حرج لشخوصكم ، فأخذتنا الحماسة لنصرة الوطن في جولة باص ، وانقلب المزاج الفني كالعادة في إهمال المؤهّل احتياطياً واعتماد المرهّل أساسياً ، وسرقت الكناغر النقطة و.. سُجل الحادث ضد مجهول !
ها أنتم اليوم في جدّة ، هل من سبيل لعمل جديد يقرّبكم من الجمهور بعدما خاب أمله بكم ؟ السعوديون جهّزوا مصابيح الأفراح لترى موسكو ضياء أملهم من جوهرة جدة ، وتويتر بن مساعد دعا لحشد جماهيري مسلّح بأربع شارات مونديالية ، والخلطة الهولندية متخمة بأسرار تكتيكية مجرّبة في بانكوك ، ولا خيار أمام الأسود إلا الصمود ونقل الكرات في نصف ملعب المضيف مع استلهام درس عمو بابا في موقعة خليجي 88 يوم هزم الأخضر بثنائية أحمد راضي وباسل كوركيس ( المدير الإداري للمنتخب حالياً ) ودفع الجمهور السعودي للهتاف طوال الشوط الثاني ( حيّو العراقي حيّو ) ، ولا شك أن الأسود يتحلون بالشجاعة وسيعلنون أنهم على قدر المهمة الصعبة متى ما وُظّفوا في الأماكن الصحيحة وأعُدّوا نفسياً لمواجهة 60 الف مشجع واستذكروا ملايين العراقيين ينتظرون مصالحتهم بثلاث نقاط ( استبسال في الدفاع ، واسناد مركّب في الوسط ، وهجوم ضارب وحاسم ) عندها لن ينالكم أحدٌ بسوء نقده إن لم توفقّوا.
أما أنت يا كابتن ، فلا تبتئِس من القول الحق ، المدرب رأس الحكمة في التصرّف والتدبير ، لست أول مَن ينكفىء العراقيون لهموم نتائجه إذ سبقك كثيرون لم يتّعظوا من دروس التشكيل المضطرب ودلال النجوم ومناكفة الإعلام ، ولا تنسى كلنا أسهمنا في منحك الثقة ممهورة برضا الجمهور لقدومك حاملاً آمالاً عريضة للعراق بعد انتهاء مشوارك في قطر ، أثبت للجميع أن بناء جدار الثقة أكتمل في مرحلته الأولى برغم نزيف النقاط وآن الأوان للاستقرار بالعناصر الجاهزة كالتي أبهرنا انسجام ريبين سولاقا وديناميكية أحمد ياسين وفدائية ضرغام أسماعيل وخبرته التي بدت أكبر من عمره ، نعم نطالبك بمزيد من الفراسة للحد من مفاتيح السطوة السعودية تيسير الجاسم ونايف الهزازي ومحمد السهلاوي لتُنجز مهمة جدة بنجاح وتمضي ما تبقى من استحقاق لنستبشر بأن الفرج آتٍ ووداعاً للتناقضات.
ألا يُرجفكم اسمُ العراق؟
[post-views]
نشر في: 25 مارس, 2017: 04:55 م