تواترت خلال الأيام الماضية الأخبار حول رفع قريب وليس وشيكاً للحظر الدولي المفروض على الكرة العراقية ، حتى كاد كثير منا يصل إلى القناعة بأن المسؤولين العراقيين بعد جولاتهم المكوكية ومباحثاتهم الطويلة في العلن وخلف أبواب موصدة ، قد حصلوا على (صك) الفرج من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ، بعد أن كانت الجولة مع الاتحاد الدولي ظافرة وحافلة بإشارات صريحة تبهج النفس العراقية .. حتى الآن!
لست هنا في معرض التشكيك بأي جهد بُذل على هذا الصعيد وخصوصاً من الثالوث القيادي عبد الحسين عبطان وزير الشباب والرياضة ورعد حمودي رئيس اللجنة الأولمبية وعبد الخالق مسعود رئيس اتحاد الكرة ، وذلك لسبب وحيد هو معرفتي بأن كلاً من الثلاثة يسعى بصدق إلى أن يفعل شيئاً ، وإلى أن يترك بصمة ، وإلى أن ينال ما عجز عنه السابقون على صعيد القضية الأكثر مساساً بآمال العراقيين .. وآلامهم!
أنا هنا اتحدث عن تلك النوايا المستترة التي لا تريد للحظر أن يُرفع ، ولا تتمنى لغُمّة الحصار الكروي أن تنجلي ، وأقترب أكثر من تأكيد هواجسي على هذا الصعيد حين أتحدث عن المصالح والامتيازات والمكاسب التي يأتي بها الحظر على جيوب وخزائن وحسابات البعض ممن لا يريد في واقع الأمر أن يرى انهياراً أو حتى خدشاً لهذا الجدار العالي الطويل الذي يُحيط بالفرق العراقية على اختلاف مسمياتها!
وفي صدق أشد مع النفس ومعكم ، أجزم بأن الحظر الذي أضرّ بالبنيان الكروي العراقي وتسبّب في تصدع الكثير من جوانبه ، وجرّد فرقنا من ميزة اللعب على أرضها وبين جمهورها ، قد أوجد بطونا جائعة وطمّاعة حدّ الجشع. تتمنى للفيفا ألا يرفع الحظر ، لكي تنعم بالمزيد من المكاسب والامتيازات والمصالح ، وهذا أمر واضح للعيان ، وإذا كان لا يجرؤ الكثيرون في الحديث عنه ، فإن جمهورنا الكروي بات على علم بمن يُتاجر بالحظر ، ويُريد تسويقه وتبريره دوماً مع كل مفترق زمني ، وذلك بافتعال مشكلات آنية ، أو بوضع العصي الغليظة في دواليب أي جهد عراقي شريف نظيف وطني يحاول تحريك جبل الحصار!
أصلُ الآن إلى القناعة بأن الحصار الكروي بمسوغاته السياسية الخفية ، قد أوجد لنا خلال السنوات السبع والثلاثين التي شهدت حظراً متقطعاً يُفرض ثم يُزال ، عدداً ممن يمكن تسميتهم (تُجاراً) حققوا الاستفادة القصوى على حساب معاناة شريحة واسعة من العراقيين الذين تصعد الكرة وتنزل على وقع قلوبهم وأنفاسهم!
هذه الفئة التي ستتضرر مصالحها بمجرد أن يوعز الفيفا برفع ولو جزئي للحظر الدولي ، ستكون على موعد قريب – إذا صدقت وعود الاتحادين الدولي والآسيوي – مع خبر يحوّل أحلامها إلى كوابيس ، وسيجعل مطامعها في الكرة هشيماً تذروه الريح ، وسيكون قدوم أي فريق عربي أو أجنبي إلى البصرة أو كربلاء أو أربيل بداية لانهيار الحسابات الضيقة .
للأسف الشديد .. أنا لا أتحدث عن الأغراب الأجانب الذين لهم مصالحهم في فرض الحظر أو في رفعه ، إنما أتحدث عن مصالح قائمة تتحدث عبر الفضائيات عن الظلم الناجم عن الحظر الدولي ، لكنها في قرارة نفسها لا تُريد لليل الحصار أن ينتهي!
هؤلاء كانوا خلال سبع وثلاثين سنة ، وبرغم تغيير وجوههم ، يلعنون الحصار في العلن ، ويقبّلون في السرّ اليد التي تفرضه .. إنهم مَن فرض علينا الحصار الذاتي ، قبل أن يفرضه الآخرون.
حـصارنـا الـذاتـي !
نشر في: 27 مارس, 2017: 09:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/Almada-logo.png)
جميع التعليقات 1
أبو أثير
لقد صدقت ياسيدي الكريم بمقالتك عندما ذكرت أن هناك مستفيدين ممن هم لا يريدون يأن يرفع الحصار عن الملاعب العراقية ... وهؤلاء معروفين للقاصي والداني ومن يريد أن يتعرف عليهم بألأسماء فليراجع ألأسماء والشخصيات التابعة للأتحاد العراقي لكرة القدم والتي تغير جو